يدخل ضمن الوقاية من الإدمان تقديم النصيحة، والإنارة، والتوعية، والتعليمات، فالنصيحة تُقدَم من إنسان أكبر ذو خبرة مثل الوالدين والمعلمين، والإنارة تهدف إلى تعريف الإنسان بالمخاطر المرتبطة بالإدمان وتأتى عبر الوسائل الإعلامية المختلفة، والتوعية تشرح لنا أبعاد الموقف وتلقي الضوء على سبل النجاة. أما التعليمات فالهدف منها هو تقويم السلوك الخاطئ ليصبح سلوكًا سليمًا.
وحقيقة إن الجهد الذي يُبذَل في الوقاية من الإدمان يمثل عشر الجهد الذي يُبذَل في علاج الإدمان، والجهد الذي يُبذَل في علاج الحالات المبكرة يمثل عشر الجهد الذي يبذل في الحالات المتأخرة، والمثل القائل إن قيراط وقاية خير من فدان علاج ينطبق تمامًا على مشكلة الإدمان فهي ثلاثة أنواع وهى:
1 - الوقاية من الدرجة الأولى
2 - الوقاية من الدرجة الثانية
3 - الوقاية من الدرجة الثالثة
وهذا النوع من الوقاية يهدف أصلًا إلى منع التعاطي من المجتمع، وذلك بمحاربة الأسباب التي تفرز ظاهرة الإدمان. بالإضافة إلى التوعية التي توجه للجماعات الهشة المستهدفة، وهذه التوعية يجب أن توجه للفئة المناسبة وفي الوقت المناسب، فما يناسب الشباب أو كبار السن قد لا يناسب الشابات أو صغار السن، ولنحذر لأن توجيه التوعية في وسائل الإعلام العامة مثل التليفزيون والإذاعة له خطورته لأنه قد يدفع حب الاستطلاع البعض إلى التجربة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أي إن توجيه التوعية لمن لا يحتاجها قد تأتى بنتائج عكسية، فعندما يتناول مقدم البرنامج التليفزيوني المخدرات في مجملها، ويظل ينعتها بكل نقيصة تخطر على باله، ويُحذّر منها ألف مرة ومرة دون إتباع أي أسلوب علمي، فإنه يخطئ في هذا، لأن الحديث عن المخدرات ككل وليس عن نوع محدَّد أو مجموعة محدَّدة مرتبطة معًا هو حديث فاشل، فالآثار والمخاطر تختلف من مخدر إلى آخر كما رأينا في الجزء الأول من هذا البحث. كما إن المبالغات تأتى بنتائج عكسية إذ تشكك الناس في الموضوع ككل. أما الرسالة الفعالة فإنها توجه للجماعات الهشة، وتركز على نوع واحد من المخدرات مع استخدام الأسلوب العلمي المقنع للعقل، فيلتزم مُقدّم البرنامج بتقديم الحقيقة العلمية مجردة بدون مبالغة أو تهويل، فمثلًا عندما يصف مشاعر النشوة التي يشعر بها المدمن لا يبالغ فيها حتى لا يدفع التطفل وحب الاستطلاع البعض للتجربة، ومن الأفضل أن تقدم التوعية عن المخدرات خلال موضوع متكامل، فمثلا خلال الحديث عن النشاط الرياضي واللياقة البدنية، أو خلال الحديث عن التغذية الصحيحة. يتم الحديث عن المخدرات وأخطارها دون الخوض في التفاصيل. كما يراعى أن الأسلوب التربوي في التوعية أفضل من أسلوب التلقين والوعظ الذي يتعرض للرفض من البعض.
وهذه الوقاية تعتبر خط الدفاع الثاني، فالهدف منها الاستكشاف المبكر لحالات التعاطي، فمن لا يستفيد من الوقاية الأولى يستفيد من الثانية، ولا سيما إن نسبة الذين يتراجعون بعد السقوط في المرحلة الأولى يبلغون أربعة أضعاف الذين يستمرون في التعاطي فالنسبة تبلغ 4 إلى 1 أي إن كل خمسة أشخاص يسقطون في المرحلة الأولى التجريبية من التعاطي يتراجع منهم أربعة أشخاص ويستمر شخص واحد يستكمل مشوار الموت، وهذه النسبة مشجعة جدًا للقيام بدور الوقاية من الدرجة الثانية.
والقصد من هذه الوقاية هو تحجيم المشكلة حتى لا تتفاقم أكثر، وتهدف هذه المرحلة إلى تأهيل المرضى الذين تم علاجهم حتى يمكن حمايتهم، وأيضًا انقطاع المدمن عن الإدمان ولو لفترات متقطعة يعتبر هدف لا بأس به خلال هذه المرحلة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/addiction/protection.html
تقصير الرابط:
tak.la/5b9gk5p