1- الاستعداد النفسي للإدمان:
الإنسان المعرض للسقوط في الإدمان هو صاحب الشخصية غير السوية... هو إنسان لا يشعر بالانتماء إنما يعاني من اضطرابات في علاقاته مع نفسه ومع أسرته ومع مجتمعه، ولذلك يشعر دائمًا بالاغتراب عن أسرته ومجتمعه وبلده... نظرته لوالديه نظرة سلبية، فهو إنسان فقد احترامه لوالديه، وفقد احترامه للتقاليد الأسرية... هو صاحب شخصية سلبية انهباطية، وعندما يسقط الإنسان في الإدمان يقطع رباطاته بالأسرة والمجتمع ويندمج أكثر فأكثر مع أصدقاء الإدمان.
الإنسان الذي لديه استعداد للإدمان هو الإنسان غير الناضج الذي لا يشعر بالمسئولية. إنما هو متمركز حول ذاته يهتم بالأخذ ولا يعرف العطاء... ليس لديه أهداف يسعى إليها وليس له طموحات يريد أن يحققها. بل هو إنسان غير قادر على التعامل مع الواقع ومواجهة المشاكل وتحمل الآلام... غير قادر على إقامة علاقات مع الآخرين... غير قادر على الجزم والحسم مع نفسه فيلجأ للحلول المريحة السريعة.
أكثر أربع
شخصيات تتعرض للسقوط في الإدمان
أ- الشخصية الاكتئابية
ب- الشخصية الانطوائية
ج - الشخصية المكروبة
د- الشخصية السيكوباتية
أ-
صاحب الشخصية الاكتئابية هو الشخص الذي يميل إلى الأحزان.
والانفرادية، ولا يتمتع بالحماس للحياة، وقد فقد الأمل في الحاضر والمستقبل، لذلك يتعرض لبعض النوبات من الإحباط والاكتئاب وهبوط المعنويات، فيفضل الانزواء بعيدًا عن الآخرين ولا سيما أنه فقد الثقة في نفسه، ويلجأ للمواد المخدرة التي تمنحه الفرح والسرور والانتعاش.
هو الإنسان الحساس الذي يفضل العزلة والهروب من الناس ويشعر بالخجل أثناء تعامله معهم، وقد يعجز عن التعبير عن رأيه، وربما يشعر أن هناك عيبًا في أسلوبه أو نفسه فيخشى أن يتعرض للوم أو الاستهزاء... الشخص الانطوائي عندما تقابله المشاكل يتجه للداخل أي يعتدي على نفسه، وكلما زادت اضطراباته ينسحب للداخل، وعندما يرى أن المادة المخدرة تكسر حاجز الخوف وتعطيه انطلاقًا وقوة وحرية في التعبير والاتصال بالآخرين يسعد بها ويتمسك بها.
من الشخصيات الأنطوائية التي كان لديها استعداد للسقوط في الإدمان شخص صيدلي التقيت به في أحد مراكز العلاج يبلغ من العمر 45 عامًا طويل القامة قوي البنية غامق اللون... في مرحلة الطفولة كان أبوه دائم الشجار مع أمه، وكثيرًا ما يتعدى عليها بالضرب، ويتدخل الجيران للفض بينهما، فكان يخشى والده ويطيعه تحاشيًا للعقاب من جانب ولينال المديح والثناء منه من جانب آخر... كان متفوقًا في دراسته ولكنه يعاني من الخجل، فعندما يسأل المدرس سؤالًا وهو يعرف الإجابة لا يجد الجرأة للإجابة... كان يلعب الكرة وعندما يسجل هدفًا ويصفقون له ينسحب من اللعب... دائم التزويغ من المدرسة بأي حجة كانت حتى دعوه أصحابه بـ"الميغة".. أخذ الخجل يظهر في أعراض ظاهرة مثل ارتعاش الجسم وتصبب العرق الغزير واحمرار الوجه، فكان يتحاشى اللقاء مع الناس، حتى أنه كان يخشى ركوب المواصلات العامة، فيذهب مسيرة 17 كم. من المنزل إلى الكلية سيرًا على الأقدام.
عندما انتهى من دراسته في كلية الصيدلة تم تعيينه في العريش، وفي الغربة تعرض لانهيار عصبي نتيجة لنفسيته المضطربة، وعندما عاد للإسكندرية كان قلقًا خجولًا مترددًا، فقراره بفتح صيدلية في منزله لم يكن قرارًا سهلًا بل أخذ منه وقتًا وجهدًا طويلًا، وعندما أفتتح الصيدلية كان يتركها لأخته تديرها، وهو كان يعمل في صيدلية أخرى في أطراف الإسكندرية في منطقة ريفية هادئة، ويتحاشى الوقوف في الصيدلية التي يملكها في منطقة مزدحمة بالسكان، أما قرار الزواج فكان أصعب بكثير، ولم يكن يتصور نفسه قط مع عروسه محط أنظار الجميع... فاستعان ببعض الأدوية المهدئة في ليلة زفافه، وبحكم عمله كان يتعاطى الأدوية المهدئة، ثم أتجه إلى الكودايين فأدمنه للتغلب على مشاكله... فيقول "أن الإنسان عندما يتعاطى الكودايين يشعر كأنه مولود من جديد وينسى كل الماضي، وكأن ليس في حياته أي مشاكل، ويشعر أن الحياة جميلة، وأنه راضي عن نفسه، يتمتع بالسكينة والسلام، ويشعر أنه يقدر أن ينفذ أي عمل ويفعل أي شيء".
ولكن الإدمان لم يحل له مشاكله النفسية، ففشل في عمله وقام بتأجير الصيدلية التي يمتلكها، وفشل في حياته الزوجية فطلق زوجته رغم حبه الشديد لأبنه الوحيد، ويقضى معظم وقته سجينًا في شقة أمه...
هو صاحب الشخصية القلقة المضطربة بدون داع لهذا... هو الشخص الذي يعاني من التوتر والقلق ويفتقد الآمان بصفة مستمرة بسبب وبدون سبب، فمن السهل استثارته فيثور ويغضب، وعندما يجرب المادة المخدرة فيصل إلى الاسترخاء والهدوء ويتبدد القلق والاضطراب يتمسك بها ويدمنها.
صاحب هذه الشخصية هو إنسان عنيف وعدواني... منذ الطفولة يتلذذ بالاعتداء على الآخرين، ويسعى الشخص السيكوباتي إلى الحصول على ملذاته على حساب الآخرين فهو يحب نفسه ويكره المجتمع، فيسرق ويحتال ويؤذي الآخرين دون أن يشعر بوخز الضمير، إنما يُظهِر عدم مبالاة، وقد يكون الشخص السيكوباتي ذكيًا فيخفى نواياه وشروره ويظهر بملابس الحملان، ومثل هذا الإنسان الذي يسعى نحو اللذة من السهل أن يسقط في هاوية الإدمان، ولا يكتفِ بهذا بل يجذب الآخرين للإدمان، فجميع تجار المخدرات من الشخصيات السيكوباتية التي تسعد بدمار وموت الشباب في عمر الزهور مقابل تحقيق عائد مادي سريع، ولكن ليس كل مدمن سيكوباتي إنما المدمن هو إنسان مريض وليس إنسانًا شريرًا مجرمًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى... المدمن إنسان مريض يحتاج إلى علاج وإعادة بناء شخصيته، ولا يحتاج للعقاب والرفض والازدراء.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/addiction/personalities.html
تقصير الرابط:
tak.la/2kbyvaa