دخل الشيطان في يهوذا (لو22: 3)، ومع هذا كان يهوذا مسؤولًا عن عمله؛ إذ فعل هذا بإرادته وحُريته. وكان عمله شريرًا ولو آلَ إلى فداء البشرية.
فالشيطان لا يقدر أن يقتحم الإنسان أو يُجبره. هو يعرض الشر عليه ويحاول أن يُغريه بوسائل مختلفة، ويبقى الإنسانُ حُرًا يخضع لإغرائه أو يطرده بنعمة الله. لكن يهوذا في طمعه رحَّب بالشيطان بالتدريج، وانتقل من الطمع إلى سرقة الصندوق (يو12: 6). ثم لم يكتفِ بالسرقات المتتالية، بل أراد أن يَحصل على مبلغٍ كبير يُضيفه إلى أمواله، فصار مطمعًا للشيطان، ما دفع مار بولس الرسول أن يحذرنا «لِئَلاَّ يَطْمَعَ فِينَا الشَّيْطَانُ» (2كو2: 12).
رغم أن الرب كان يُظهر له حنوه إلى آخر لحظة، فأثناء الفصح: «غَمَسَ اللُّقْمَةَ وَأَعْطَاهَا لِيَهُوذَا سِمْعَانَ الإسْخَرْيُوطِيِّ». (يو26:13).
و[إعطاء شخص ما لُقمة من الطعام لا تزال مُجَاملة عرفية من المُضَيِّفين الشرقيين. في رواية العشاء الأخير، لم يتم ذِكر يسوع لهوية الخائن (متى26: 25). هنا يُخبر التلميذ الحبيب بوضوح من هو،لكن المعلومات كانت بلا شك لأذنيه وحدها.][282]
وهِيَ فرصة لإظهار حنو الرب وحبه أن يُطعِمه بيده كما تحنو الأم على صغيرها، لعله يرعَوِي. [وكان غَمْس قطعة من الخبز في الطبق وتقديمها إلى شريك المائدة، هي عادة يهودية، بها يُعبِّر الأب عن تقديره لابنه الأكبر. وعليه فإننا نستطيع القول إنه انكشف ليوحنا فقط شخصية الخائن، أما بقية التلاميذ فلم يعرفوه، بل رأَوْه يُكَرَّم من السيد، بطريقة فائقة كابْنٍ بِكر.][283]
لماذا خَلق الرب يهوذا؟: الله خلقه حرًا قادرًا أن يسلك في الخير أو الشر، وأعطاه نعمة تؤهله للقداسة إذَا تجاوب معها وسلك فيها، بجهادٍ مقدس. وهو حرٌ أن يختار الشر والطمع، ويسلك في الخيانة بإرادته، وهذا ما حدث مع يهوذا، رغم أَن الرب هَيَّأَ له كل الظروف للقداسة، فجعله أحد الاثني عشر الملتصقين به، يرى آياته ويستمع إلى تعليمه ويعاين قداسته. أَمَّا هو فاختار الشر. [واليد التي تناولت العطيّة المقدّسة قامت لتتسلَّم أُجرة تآمُرها لموت سيّدها.][284]. ثم قدم له فُرَصَ التوبة مع تحذيرات وإنذارات لكنه لم يتُب، بل مضى إلى الهلاك بإرادته.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
[تَدَرَّجَ تسلُّطُ الشيطان على يَهُوذَا الإسْخَرْيُوطِيِّ، كما يظهر من النصوص التالية:
· «وَمِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ كَانَ يَطْلُبُ فُرْصَةً لِيُسَلِّمَهُ». (متى16:26).
مساء الثُلاثاء الذي اتفق فيه مع رؤساء الكهنة على تسليمه.
· «فَحِينَ كَانَ الْعَشَاءُ، وَقَدْ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإسْخَرْيُوطِيِّ أَنْ يُسَلِّمَهُ.» (يوحنا2:13). في خميس العهد.
· ثم يقول ماريوحنا الإنجيلي: «فَبَعْدَ اللُّقْمَةِ دَخَلَهُ الشَّيْطَانُ.» (يوحنا27:13). فإن الرب أخذ خبزًا وأعطاه ليهوذا ابن سمعان الإسخريوطي][285].
_____
[282]"To give someone a choice morsel of food is still a customary courtesy of Oriental hosts. In the Syn account of the Last Supper no mention is made of Jesus' identifying the traitor (Mt 26:25). Here the beloved disciple is evidently told who he is, but the information was doubtless for his ears alone." Brown, Raymond E., Joseph A. Fitzmyer, and Roland E. Murphy. The Jerome Biblical Commentary, Prentice-Hall 1968, p. 452.
[283]د. القس صموئيل وهبة، العشاء الأخير وأحداث ما بعد العشاء، مؤسسة القديس أنطونيوس، طبعة أولى 2002م، ص77.
[284]القديس كيرلُّس الأورشليمي،Catechism Lectures 13 .
[285]الأسعد أبوالفرج بن العسال 1253م، الأناجيل الأربعة، تحقيق وتقديم د.صموئيل قزمان معوض، مدرسة الإسكندرية، طبعة أولى، 2014.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/trials-of-jesus/judas-sin.html
تقصير الرابط:
tak.la/v77347v