يقول ربنا: «وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ.». (يوحنا6: 51)
من الرائع أن نلاحظ أن كلام الرب غير مُحددٍ بالزمان، فلم يقُل: "والخبز الذي أنا سأعطى هو جسدي الذي سأبذله من أجل حياة العالم." فالرب قال هذا قبل الصليب.
ولم يكتب القديس يوحنا اللاهوتي بعد صعود المسيح، "الخبز الذي أعطاه هو جسده الذي بذله". بل تكلم الربُّ السرْمدي، غير المحدود بالزمان، بِلُغَة الحاضر المستمر والحقيقة الدائمة.
«الْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي»؛ لأن الرب يعطيه في كل زمان وبكل مكان.
«هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ»؛ لأن جسد الرب مُبْذول عنا في كل زمان.
فَسِرُّ الِافْخَارِسْتِيَا ممتد في الزمان، حقيقة دائمة في كل وقت، وهذا ما قصدَه رب المجد حينما قال: «وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ». إنه امتدادٌ لذبيحة الصليب الدائمة.
فالرب وإن كان قد صُلِب في الزمان، إلا أن المصلوب هو الإله المتأنس السرمدي، فأعماله المرتبطة بشخصه أيضًا سرمدية[18] غير زمنية. تأملوا كلام المَلاك، المملوء معرفة وحكمة، ماذا قال للمريمات اللائي ذهبن إلى القبر فجر الأحد بعد قيامة السيد المسيح، وهو يعرف بقيامته طبعًا، بل هو المبشر بهذه القيامة. قال لهم «أَنَّكُمَا تَطْلُبَانِ يَسُوعَ الْمَصْلُوبَ» (متى28: 5)، وتكررت في إنجيل مار مرقس «أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ» (مرقس16: 6). ولم يقل "يسوع الذي صُلب"، بل قال «يَسُوعَ الْمَصْلُوبَ»، بينما هو قد قام من الموت.
وهذا ما قاله القديس بولس الرسول «وَلَكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوبًا» (1كورنثوس1: 23)، مع أن مار بولس آمَن بالمسيح بعد قيامته وصعوده، ويقول أيضًا «لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئًا بَيْنَكُمْ إلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإيَّاهُ مَصْلُوبًا.» (1كورنثوس2: 2). وفي رسالته إلى غلاطية قال «قَدْ رُسِمَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ بَيْنَكُمْ مَصْلُوبًا!.» (غلاطية3: 1)
وكلها بلغة الحاضر المستمر. فالمسيح أثناء الصلب وبعد القيامة
وإلى اليوم، هو المسيح المصلوب، وجسده مكسور، ودمه مسفوك، وهو القائم من بين الأموات دائمًا. فالجسد المكسور على الصليب والدم المسفوك على الصليب، لا يزال مكسورًا ومسفوكًا على المذبح كل حين؛ لأن الاِفْخَارِسْتِيَا ذبيحة حقيقية، فيها نأكل جسد الرب المكسور، ونشرب دمه المسفوك، ليس تكرارًا لذبيحة الصليب، بل هو ذبيحة الصليب الممتدة سرمديًّا في الزمان.
_____
[18] الأزلي الذي لا بداية له (غير المبتَّدئ)، الأبدي الذي لا نهاية له، أي السرمدي فلا يخضع للزمن (غير الزمني).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-youhanna-fayez/biblical-proof-1/eucharist-cross.html
تقصير الرابط:
tak.la/c9q6aw2