مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الدليل الكتابي للإيمان الأرثوذكسي - الجزء الأول - القمص يوحنا فايز زخاري

21- رابعًا: المعمودية في قصة الْخَصِيِّ الحبشي

 

رابعًا: قصة الْخَصِيِّ الحبشي

[10] ومرة أخرى في الإصحاح الثامن من سفر أعمال الرُّسُل يُسَجِّل القديس مار لوقا قصة تعميد القديس فيلبس الرسول للخَصِيِّ الحبشي فيقول «ثُمَّ إنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ كَلَّمَ فِيلُبُّسَ قِائِلًا: "قُمْ وَاذْهَبْ نَحْوَ الْجَنُوبِ، عَلَى الطَّرِيقِ الْمُنْحَدِرَةِ مِنْ أُورُشَلِيمَ إلَى غَزَّةَ الَّتِي هِيَ بَرِّيَّةٌ". فَقَامَ وَذَهَبَ. وَإذَا رَجُلٌ حَبَشِيٌّ خَصِيٌّ، وَزِيرٌ لِكَنْدَاكَةَ مَلِكَةِ الْحَبَشَةِ، كَانَ عَلَى جَمِيعِ خَزَائِنِهَا. فَهذَا كَانَ قَدْ جَاءَ إلَى أُورُشَلِيمَ لِيَسْجُدَ. وَكَانَ رَاجِعًا وَجَالِسًا عَلَى مَرْكَبَتِهِ وَهُوَ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إشَعْيَا. فَقَالَ الرُّوحُ لِفِيلُبُّسَ: "تَقَدَّمْ وَرَافِقْ هذِهِ الْمَرْكَبَةَ". فَبَادَرَ إلَيْهِ فِيلُبُّسُ، وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إشَعْيَا، فَقَالَ: "أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟" فَقَالَ: "كَيْفَ يُمْكِنُنِي إنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟". وَطَلَبَ إلَى فِيلُبُّسَ أَنْ يَصْعَدَ وَيَجْلِسَ مَعَهُ... فَفَتَحَ فِيلُبُّسُ فَاهُ وابْتَدَأَ مِنْ هذَا الْكِتَابِ فَبَشِّرَهُ بِيَسُوعَ. وَفِيمَا هُمَا سَائِرَانِ فِي الطَّرِيقِ أَقْبَلاَ عَلَى مَاءٍ، فَقَالَ الْخَصِيُّ: "هُوَذَا مَاءٌ. مَاذَا يَمْنَعُ أَنْ أَعْتَمِدَ؟" فَقَالَ فِيلُبُّسُ: "إنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ يَجُوزُ". فَأَجَابَ وَقَالَ: "أَنَا أُومِنُ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ ابْنُ اللهِ". فَأَمَرَ أَنْ تَقِفَ الْمَرْكَبَةُ، فَنَزَلاَ كِلاَهُمَا إلَى الْمَاءِ، فِيلُبُّسُ وَالْخَصِيُّ، فَعَمَّدَهُ. وَلَمَّا صَعِدَا مِنَ الْمَاءِ، خَطِفَ رُوحُ الرَّبِّ فِيلُبُّسَ، فَلَمْ يُبْصِرْهُ الْخَصِيُّ أَيْضًا، وَذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ فَرِحًا» (أعمال8: 26-30، 35-39).

 

هذا النَّصُّ المقدس يُسَجِّل الحديث الهَامَّ الذي دار بين فيلبس الرسول والخَصِيُّ الحبشي الذي من أجله أرسل ملاك الرب فيلبس الرسول إلى الطريق بين أورشليم وغزة، ومن أجله قَالَ الرُّوحُ لِفِيلُبُّسَ: «تَقَدَّمْ وَرَافِقْ هذِهِ الْمَرْكَبَةَ». ونحن نَعجب إذ نجد أن موضوع تبشير وتعميد الْخَصِيِّ الحبشي قد ظهر من أجله ملاك الرب إلا أن هذا الملاك استعان بالقديس فيلبس الرسول ليؤدي عملًا هامًّا، وبعدما أنهاه «خَطِفَ رُوحُ الرَّبِّ فِيلُبُّسَ».

 

St-Takla.org Image: The Ethiopian went into the water where Philip baptized him. As Philip came out of the water, the Spirit of the Lord took him away and he appeared at Azotus (Ashdod) where he preached in all the towns as he traveled north to Caesarea. (Acts 8: 38-40) - "Philip and the Ethiopian official" images set (Acts 8:26-40): image (10) - Acts, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فنزلا كلاهما إلى الماء، فيلبس والخصي، فعمده. ولما صعدا من الماء، خطف روح الرب فيلبس، فلم يبصره الخصي أيضا.. وأما فيلبس فوجد في أشدود. وبينما هو مجتاز، كان يبشر جميع المدن حتى جاء إلى قيصرية" (أعمال الرسل 8: 38-40) - مجموعة "فيلبس والوزير الإثيوبي" (أعمال الرسل 8: 26-40) - صورة (10) - صور سفر أعمال الرسل، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

فالتبشير وحدَه يقوم به ملاكُ الرب. كما بشَّر ملاكُ الرب العذراءَ مريم بميلاد الرب منها، وأفهمها أن هذا سيكون بعمل الروح القدس، وردَّ على تساؤلاتها، في هدوءٍ وإقناع.

 

وبشَّرَ ملاكُ الرب مريم المجدلية ومريم الأخرى بقيامة الرب وذَكَّرَهما بوعود الرب لهما قائلًا: «لَيْسَ هُوَ هَهُنَا لأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ. هَلُمَّا انْظُرَا الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ الرَّبُّ مُضْطَجِعًا فِيهِ. وَاذْهَبَا سَرِيعًا قُولاَ لِتَلاَمِيذِهِ إنَّهُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. هَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ قُلْتُ لَكُمَا» (متى28: 6-8).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

وبشَّر الملاكان تلاميذَ الرب الرُّسُل بالمجيء الثاني للمسيح «وَقَالاَ: أَيُّهَا الرِّجَالُ الْجَلِيلِيُّونَ... إنَّ يَسُوعَ هَذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هَكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقًا إلَى السَّمَاءِ» (أعمال1: 11).

 

أما المعمودية فهي سِرٌ لا يقدر أن يُمَارِسه الملاك؛ لذلك استعان بالقديس فيلبس الرسول الذي بعدما بشَّرَه يمكنه أن يُعَمِّده أيضًا فيُقَدِّم عملًا كاملًا. وحالما أنهى فيها المعمودية «خَطِفَ رُوحُ الرَّبِّ فِيلُبُّسَ، فَلَمْ يُبْصِرْهُ الْخَصِيُّ أَيْضًا» (أعمال8: 39)

ليتضح أن المعمودية كانت الهدف الذي جاء من أجله فيلبس بقوة الروح.

وعبارةٌ هامةٌ سجَّلها الكتاب في هذه القصة هي: «فَبَشِّرَهُ بِيَسُوعَ»

والعجيب أنها شمَلت المعمودية، بدليل أن الخَصِيَّ بعدما بُشِّر بيسوع طلب هو أن يعتمد قائلًا: «هُوَذَا مَاءٌ. مَاذَا يَمْنَعُ أَنْ أَعْتَمِدَ؟».

من عَلَّمك أيها الخَصِيُّ أهمية المعمودية وكيفيتها؟ حتى طلبتها؟!

يجيب: كانت المعمودية فَصْلًا هامًّا من فصول عبارة «فَبَشِّرَهُ بِيَسُوعَ»،

وهكذا تظهر أهمية المعمودية في هذه القصة من:

· أن التبشير بيسوع كان لابد أن يشملها.

· أن فيلبس بعدما عمَّد الخَصِيَّ خطفه روح الرب إذ أتَمَّ هدفه.

قصة معمودية كُرْنِيلْيُس وأهل قيصرية

الدليل الكتابي للإيمان الأرثوذكسي - ج1 كتب القمص يوحنا فايز زخاري

المعمودية في قصة أهل السامرة

---