القديس إكليمنضس السكندري (150-215 م. تقريبًا)
مثل سابقه العلامة أثيناغوراس يؤمن القديس إكليمنضس السكندري أن الحروب موحى بها من الشياطين[33] (الآلهة الوثنية). وقد أشار أكثر من مرة إلى أن المسيحيين "جنس سلام".
في دفاعه عن التزام الرجال والنساء بقانون واحد للسلوك واجه اعتراضًا بأن النساء على خلاف الرجال لا يتدربن على الحرب. أما هو فتمسك بالمساواة، رافضًا التدريب العسكري حتى بالنسبة للرجال[34]. كما يقول:
* لقد تدربنا على السلام لا على الحرب. تحتاج الحرب إلى إعداد عظيم، أما السلامة والمحبة فهما أختان هادئتان لا تحتاجان إلى أسلحة، ولا إلى مصاريف باهظة"[35].
يستخدم كثير من الشعوب الموسيقى العسكرية لإثارة الحرب، أما المسيحيون فيستخدمون كلمة الله كأداة للسلام[36]".
يقدم تشبيهًا بين جيش المسيح الذي لا يُسفك فيه دم والجيوش الزمنية.
* إن كان البوق المرتفع الصوت يرعد الجنود للحرب، أما يجمع المسيح جنوده الذين للسلام من أقاصي الأرض، وذلك بعزف أغنية السلام؟!
إنه المسيح بالحق يا إنسان الذي يجمع جيشًا غير دموي، وذلك بواسطة دمه وكلمته، وقد عهد لهذا الجيش ملكوت السماوات.
بوق المسيح هو إنجيله. إنه ينفخ به، ونحن نسمعه.
ليتنا نرتدي سلاح السلام وصدرية الكمال، ونرفع درع الإيمان، ونلبس خوذة الخلاص. ونمسك سيف الروح الذي هو كلمة الله (أف 6: 14-17؛ 1 تس8:5).
بهذا النظام يرتبنا الرسول في معركة السلام. إذ نتسلح بأسلحة مثل هذه لا تُقاوم لنأخذ موقفًا مضادًا للشرير[37].
مادام في عهده وُجد جنود مسيحيون في الجيش فإن مثل هذه العبارات وإن كانت تحثنا على السلام، لكننا نلتمس فيها قبول الدفاع عن الوطن، والطاعة في الجيش، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. لهذا لم يتردد القديس إكليمنضس في مدح موسى كقائدٍ عسكريٍ[38]. وبالإشارة إلى ما ورد في إنجيل لوقا 14:3 قال أن السيد المسيح "على فم يوحنا أمر الجند أن يقتنعوا بأجورهم ولم يطلب منهم شيئًا أكثر"[39].
وعندما تحث عن دعوة كل البشرية للإيمان لم يستثنِ منهم رجال الجيش.
* إن كنت مزارعًا، نقول، لتحرث الأرض، ولتتعرف على إله المزارعين، وإن كنت تحب الإبحار تذكر أن تدعو علي الدوام القائد السماوي. وإن كنت في الجيش وقد أمسكت بك معرفة الله، فلتطع القائد (المسيح) الذي يقدم إشارات البرّ[40].
هكذا يقول القديس إكليمنضس السكندري أنه إذا قبل جندي الإيمان وهو في الجيش فليبقَ في موقعه، لكنه يجب أن يخضع للقائد الإلهي.
_____
[33] Protrepticus “Exhortation to the Greeks,” 3:42:1.
[34] Stromata 4:8.
[35] Paedagogus, 1:12:99.
[36] Paedagogus, 2:4:42.
[37] Exhortation to the Greeks, 11:116-117.
[38] Misscellanies, 1:24:162.
[39] Stromata 6:14:112.
[40] Exhortation to the Greeks, 10:100:2.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/patristic-social-line/clement-alexandria.html
تقصير الرابط:
tak.la/9k4sxda