يتطلع بعض المتدينين إلى التغير كأنه كارثة تحل بالعالم، أو كأنه نوع من الثورة على النظم المستقرة والعادات والمبادئ المستلمة عبر الأجيال. أما إيماننا المسيحي فيتطلع إلى هذا التغير بنظرة متسعة وفكرٍ سامٍ.
1. التغير السريع والمستمر علامة ممارسة الإنسان لعطية العقل التي وُهبت له من الله. فالإنسان دون سائر الخليقة الأرضية وُهب عقلًا لكي يفكر ويعمل، فيتمتع بتقدمٍ مستمر. الإنسان الحيّ يحمل روحًا ديناميكية وعقلًا عاملًا لا يتوقف، ورغبة داخلية للنمو في كل جوانب الحياة: روحيًا، وجسديًا وعلميًا، واجتماعيًا ونفسيًا. خلقه الله ليمارس الحياة الدائمة النمو، لا يعرف البلادة، ولا الخنوع، ولا التخوف من التقدم.
فالتغير ظاهرة صحية، إن تقدست صارت بالحق رصيدًا للإنسان، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. يذكيه حتى أمام خالقه، لأنه لم يدفن الوزنات في التراب، بل يضرمها.
2. التغير السريع الدائم يكشف عن حقيقة لاهوتية هامة، وهي إذ يتحد الإنسان بالله خالقه، الفنان الأعظم، فكابن لله يُحب الإبداع المستمر، يبقى دومًا خلاَّقًا creative في المجال الذي يتفق مع مواهبه.
3. تكشف الرغبة المستمرة للتغير عن شوق الإنسان إلى الشبع، فإنه العالم بكل إمكانياته وجماله لا يقدر أن يُشبع النفس، فيبقى الإنسان مع كل تقدمٍ علميٍ أو فنيٍ أو أدبيٍ يبحث عن الشبع الداخلي. فإذ هو صورة الله اللانهائي لن يشبع إلا باللانهائيات. مع كل تقدم يعطش بالأكثر إلى الله والتمتع بالسماويات.
4. احتضان إيمان للتقدم والحث عليه يكشف عن حيوية الإيمان وقدرته على إشباع كل إنسان وكل عصر بالرغم من التغير المستمر!
5. التفاعل مع التطور بروح التقديس هو من صميم دور الإيمان، الذي يود أن يبث روح القيادة في كل إنسان. فقد خُلق الإنسان ليتدرب بروح الله على القيادة، ولم يُخلق إنسان للعبودية أو الخنوع. وكما قيل في سفر الحكمة إن الله خلق الإنسان ليسوس العالم بروح القداسة والبرّ.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/patristic-social-line/change.html
تقصير الرابط:
tak.la/rrj2bzm