كيف نتغلب علي شهوة النهم؟
أولاً علينا أن نطأ تحت أقدامنا شهوة النهم، ولكي نبلغ هذا علينا أن نحول فكرنا عنها بالصوم والسهر والقراءة، وأيضًا بوخزات الضمير المتلاحقة، تارة بتذكر الخطية التي خدعتنا وغلبتنا، فنتنهد علي هذه الخطية المروعة، وتارة أخري بأن ننفث تنهداتنا الملتهبة اشتياقًا نحو الكمال والقداسة. هكذا يتشبع الفكر تمامًا بمثل هذه الاهتمامات والتأملات ويتطلع إلي الطعام ليس كأنه مصدر متعة، فيصير ثقلاً عليه، بل بالحري يعتبره ضرورة للجسد، وليس شهوة للنفس.
خلال ضبط الفكر هذا والندم المستمر علي الخطية نصير محفوظين، فنغلب شهوات الجسد (التي تتقد وتُثار بالطعام) وتحريضها الخطير، فننجح في إخماد لهيبها بدموع التوبة الغزيرة من أعماق قلوبنا. هذه الشهوات التي يوقدها الملك البابلي، الذي يمدنا دائمًا بأسباب الخطية والشرور التي تلهبها بأكثر ضراوة من اللهيب بالنفط والزفت حتى تخمد شهواتنا الجسدية وتموت تمامًا خلال نعم الله التي تقطر كالندي داخل قلوبنا بروحه القدوس.
هذه هي بداية صراعنا، أول اختبار لنا في الألعاب الأوليمبية (الروحية) أن نخمد شهوة الحلق والبطن بالاشتياق إلي الكمال. ذلك ليس بأن نطأ تحت أقدامنا كل شهوة غير ضرورية للطعام بالتأمل في الفضائل فحسب، بل ونتناول ما هو ضروري منها من أجل الطبيعة بهناءة قلب، وكأنها ليست ضد نقاوتنا. أخيرًا نستمر في مسيرة حياتنا بحيث لا نشعر في وقت ما أننا قد سُحبنا من دراستنا الروحية إلا بالقدر الضروري لإيفاء احتياجات ضعفنا الجسدي. وحين نتعرض لهذه الضرورة – ألا وهي إيفاء احتياجات الحياة وليس الشهوات – علينا أن نسرع بالانسحاب من هذا الاهتمام بأسرع ما يمكن، كأنها قد عاقتنا عن دراستنا الروحية الصحيحة لنا. فلا يمكننا ازدراء البهجة بالطعام المقدم لنا إلا عندما يكون الفكر مُركزًا علي التأمل في الأمور المقدسة، ومنحصرًا في حب الفضيلة والسرور بالأمور السماوية. هكذا يحتقر الإنسان الأمور الزمنية بكونها وقتية حين يركز نظره علي الأمور الثابتة الأبدية، ويتأمل في قلبه في بركة الأمور الذاتية رغم أنه مازال في الجسد.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/institutes-gluttony-overcome.html
تقصير الرابط:
tak.la/cvf4x4q