5- ما الذي يثقل النفس؟
وجدير بنا أن نلاحظ العلل التي أشار إليها الرب وأظهر أنها تثقل النفس. فهو لم يشر إلى الدعارة أو الزنا أو القتل أو التجديف أو الاغتصاب، هذه الأمور التي يعرف كل إنسان أنها مُهلكة ومميتة، إنما ذكر التخمة والسكر واهتمامات هذا العالم، هذه الأمور كثيرًا لا يتجنبها البشر، بل ولا ينظرون إليها على أنها مُهلكة، حتى أننا نجد بعضًا ممن يدعون أنفسهم رهبانًا (وأنا أخجل أن أقول ذلك) مثقلون بمثل هذه الانشغالات كأنها غير ضارة أو أنها نافعة.
هذه الرذائل الثلاث تثقل النفس، وتفصلها عن الله، وتُحملها بالأمور الأرضية... إلا أنه من السهل جدًا أن نتجنبها، لاسيما لنا (نحن الرهبان) إذ انفصلنا بعيدًا عن كل رجاء وأمل في هذا العالم الفاني، وليس لنا عذر أن نرتمي في أحضان الاهتمامات المنظورة والسكر والتخمة.
لكن هناك تخمة من نوع آخر لا تقِلّ خطرًا عن التخمة (بالمفهوم العام)، وسكر روحي يصعب تجنبه، واهتمامات بهذا العالم تصطادنا ونحن نعيش في حياة الوحدة. عن مثل هذه يقول النبي: "اصحوا أيها السكارى" (يوئيل5:1). ويقول إشعياء: "قد سكروا وليس من الخمر، ترنحوا وليس من المسكر" (إش9:29). في هذا السكر يستخدمون خمرًا يسميه النبي "سم الأفعوان". أما عن الخمر فيقول: "لأن من جفنة سدوم جفنتهم ومن كروم عمورة" (تث32:32).
أتريد أن تعرف شيئًا عن ثمرة الكرم و بذار ذلك الغصن؟ إنه يقول: "عنبهم عنب سمٍّ، ولهم عناقيد مرارةٍ" (تث32:32). لأنه ما لم نتطهر من كل الأخطاء، ونزهد تخمة كل الشهوات، تثقل قلوبنا بمسكر وخمر أشد خطرًا، من غير أن تسكر بخمر أو تتخم بولائم.
أما من جهة الاهتمامات العالمية، فيمكنها أن تحاربنا لعلّها تتمكن منا نحن الذين ليس لنا أعمال في العالم (الرهبان)، وهذا يظهر بوضوح من تدابير الآباء السواح، إذ يتركون كل شيء اللهم إلا طعامهم اليومي الضروري والاحتياجات الضرورية للجسد.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/conferences-9-weighs-down-the-soul.html
تقصير الرابط:
tak.la/7mqbj3k