وبالرغم مما يبدو أن النوعين الأولين للدعوى متأسسين علي مبادئ أعظم، إلا أننا نجد أن النوع الثالث (الذي مصدره الإلزام) ولو أنه أقل منهما لكن عن طريقه صار البعض كاملين ومجتهدين في الروح... بينما نجد البعض ممن هم من النوع الأعلى أصيبوا بالفتور وانتهت حياتهم بصورة محزنة...
مثال: فالأب موسى الذي كان يقطن في برية Calamus اضطر إلى الهرب إلى الدير خوفًا من الموت (الأبدي) بسبب جرائمه مقدمًا توبة إجبارية، لكنه باختياره تسلق أعلي مرتفعات الكمال.
ومن الجانب الآخر هناك كثيرون لا أستطيع أن أذكر أسماءهم دخلوا خدمة الله بأفضل بداية، لكن تسلل الكسل والقسوة إلى قلوبهم، وسقطوا في جمود خطير، وانحدروا إلى عمق هاوية الموت. ويظهر ذلك بوضوح في دعوة الرسل، لأنه أي نفع ناله يهوذا الذي احتضن بمحض اختياره نعمة الرسولية العظمى، بنفس الطريقة التي سار فيها بطرس وغيره من الرسل المدعوين، لكنه سمح لهذه البداية الرائعة لدعوته أن تُختم بنهاية مهلكة بسبب الجشع، وصار مجرمًا قاسيًا حتى اندفع نحو خيانة الرب.
وما الذي عاق بولس الذي صار أعمى فجأة، والذي كما لو كان قد سُحب بغير إرادته إلى الخلاص، إذ تبع الله بغيرة روحية كاملة؟! وهكذا ابتدأ مجبرًا وكمل تكريسه بحرية اختياره، بالغًا إلى نهاية مدهشة، متمتعًا بمجد أعمال مجيدة.
فالأمر إذن يتوقف علي النهاية، فقد يبدأ شخص بتقديم توبة فائقة، لكنه يفشل خلال إهماله. وآخر قد يسلك طريق الرهبنة جبرًا لكنه يبلغ الكمال خلال جهاده ومخافة الله.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/conferences-3-asceticism.html
تقصير الرابط:
tak.la/g3cm2c7