7- سؤال بخصوص ابتعاد الرهبان عن أقربائهم
جرمانيوس: حقًا إنه قانون نافع وضروري تقدمه بخصوص نوع الأعمال الواجب القيام بها في القلالي... لكن الأمر الغامض بالنسبة لنا هو: لماذا يلزمنا تجنب أقربائنا تجنبًا تامًا، إذ ترفض ذهابنا إليهم رفضًا باتًا، مع أننا نراكم هنا وأنتم بلا عيب تسلكون في كل طرق الكمال، ليس فقط ساكنون في بلدكم بل منكم من لم يخرج خارج قريته، فلماذا هذا الأمر لم يضركم؟
* - إبراهيم
أحيانًا نرى أمورًا رديئة تُؤخذ من أمور صالحة، لأنه متى تمثل إنسان بآخر فقام بنفس فعله ولكن ليس بنفس الفكر ولا ذات الغاية أو بنفس الصلاح يسقط للحال في شباك الخداع والموت، خلال نفس الأمور التي بها ربح الآخرون ثمار الحياة الأبدية. ذلك مثل الصبي الذي حارب مع رجل الحرب الجبار (جليات)، فإذ لبس حلة شاول الحربية الثقيلة وجدها تتناسب مع الرجال وحدهم بينما تضر الشاب الغض. أليس بتمييز مملوء حكمة اختار الشاب السلاح المناسب مع صبوته، مسلحًا نفسه ضد عدوه الغبي لا بترس ولا درع كالآخرين، بل بالسلاح الذي يمكنه هو أن يستخدمه؟ لذلك يجدر بكل إنسان منا أن يأخذ في اعتباره قياس طاقاته حسب حدوده، حتى يختار النظام الذي يسره. لأنه وإن كانت كل الطرق صالحة، لكنها ليست كلها تناسب الجميع.
فإن كانت حياة النساك حسنة، فهذا لا يعنى أنها تناسب الكل. فإن كثيرين شعروا أنها غير نافعة لهم، بل ومضرة. ليس لأننا محقون في اختيارنا نظام الشركة... أن نعتبر أنه يلزم على كل أحد أن يسلك نفس الطريق. هكذا أيضًا الاهتمام بإضافة الغرباء أمر نافع جدًا، لكنه ليس لائقًا بالجميع... لهذا يجدر بنا أن نزن نظم هذه المنطقة ونقارن كل نظام بالآخر، ونقدّر قوة الناس من صنعهم للفضيلة أو الرذيلة بصورة دائمة... لأن ما هو صعب بالنسبة لإنسان من أُمَّة معينة قد يكون بالنسبة لأُمة أخرى عادة ألزمتهم بها الطبيعة.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
مثال ذلك نجد بين الأمم اختلاف في الطقس، مما يجعل البعض يقدر على احتمال البرد القارس والحر اللافح دون أي غطاء يأوون تحته أجسادهم، بينما لا يحتمل غيرهم هذا الجو قط مهما كانت قوتهم... هكذا فإننا لو كنا نراكما متساويين في الفضيلة والمثابرة (مع الرهبان الساكنين في قراهم هنا) فإنه لا حاجة لنا أن نطلب منكم الانعزال عن اخوتكما وأقاربكما.
9- ولكي ما تستطيعا أن تقيسا قوتكما باختبار دقيق سأشير عليكما بما حدث مع ذلك الشيخ، أي الأب أبولوس، حتى إذا ما فحصتما قلبيكما سريًا وتقرران أنكما لستما أقل منه في هدفه وصلاحه، عندئذ يمكنكما أن تتجاسران وتبقيان في مدينتكما، وتعيشان بجوار أقربائكما من غير أن ينحرف هدفكما أو يصيبكما ضرر من هذا السلوك...
لقد جاءه أخوه يومًا مترجيًا إيَّاه أن يأتي معه بالقرب من ديره جدُا لكي يساعده في إنقاذ ثوره إذ سقط في بركة عميقة ولا يقدر أن ينتشله بمفرده. عندئذ أجابه الآب أبولوس بحزم قائلاً: "لماذا لم تسأل أخاك الأصغر الذي هو أقرب إليك مني؟ وإذ ظن الأخ أن الأب نسى موت أخيه الذي انتقل منذ زمن بعيد، ظانًا أنه بسبب كثرة زهده ونسكه الدائم ضعفت ذاكرته أجابه: "كيف أطلب ذلك من إنسان مات منذ خمسة عشر عامًا؟" سأله الآب أبولوس: "أما تعلم إنني أنا أيضا قد مُت عن العالم منذ عشرين عامًا، ولا أقدر أن أخرج من مقبرتي التي في قلايتي لكي أساعدك في أمور تخص شئون الحياة الحاضرة؟! إن المسيح لا يسمح لي، ولو إلى قليل، أن أتراخى في هدفي في الإماتة التي دخلت فيها، بأن أذهب لأخرج ثورك، هذا الذي لم يسمح لدفن والد ذاك الذي دُعي، ودفن الأب أليق من إخراج الثور!"
هكذا هل تبحثان أسرار صدريكما وتتأملان باهتمام إن كنتما تثابران على الدوام بهذه الدقة من جهة ارتباطكما بأقربائكما؟ فإن رأيتما أنكما تشبهانه في الإماتة، عندئذ يكون جواركما لأقربائكما وأخوتكما غير مضرّ لكما. أقصد أنه عندما تتمسكان بهذا فإنكما وإن اقتربتما منهم جدًا، تموتان عنهم بطريقة لا تسمحان فيها أن تساعدوهم (في الشئون الزمنية) ولا أن تعطلا عملكما بسببهم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/conferences-24-relatives.html
تقصير الرابط:
tak.la/b9xk9p4