13- "فإني اعلم انه ليس ساكن فيّ أي في جسدي شيء صالح"
إذن لعنة الله الأصلية جعلتنا جسدانيين، وحكم علينا بالأشواك والحسك، وقد باعنا أبونا بذلك التعاقد التعيس حتى صرنا عاجزين عن فعل الصلاح الذي نريده، إذ صرنا ننقطع أحيانًا عن تذكر الله العظيم السمو مضطرين إلى الانشغال بما يخص الضعف البشرى. وبينما نشتهي الطهارة ننزعج غالبًا بغير إرادتنا بالشهوات الطبيعية التي لا نريد حتى أن نعرفها. لهذا نحن نعلم أنه ليس ساكن في أجسادنا شيء صالح (رو18:7)، أي ليس ساكن فيها السلام الأبدي الدائم الذي لهذا التأمل المذكور.
لقد حدث في قضيتنا ذلك الطلاق البائس التعيس، حتى أننا عندما نريد بالذهن أن نخدم ناموس الله إذ لا نريد أن نحول نظرنا قط عن البهاء الإلهي، نجد أنفسنا محاصرين بالثقل الجسدي، فيجبرنا ناموس الخطية إلى الحرمان من الصلاح الذي ندركه ونسقط عن ذلك السمو الذهني المرتفع، منحدرين إلى الاهتمامات والأفكار الأرضية، الذي حكم به علينا في شخص المذنب الأول ليس بغير سبب... ومع أن الرسول المبارك يعلن جهرًا بأنه وجميع القديسين مقيدون بقيود هذه الخطية، لكنه يؤكد بجراءة أنه لا يُدان أحد بسبب هذا قائلاً: "إذًا لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع.. لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت" (رو8: 1، 2)، بمعنى أن نعمة السيد المسيح تحرر جميع القديسين يومًا فيومًا من ناموس الخطية والموت، هذا الذي يخضعون له قسرًا بالرغم من توسلهم الدائم إلى أن يصفح عن تعدياتهم.
إنك ترى إذن أنه لا يتكلم على لسان الخطاة (غير التائبين)، بل على لسان الذين هم في الحقيقة قديسين وكاملين، حتى نجده يقول هكذا: "لأني لست أفعل الصالح الذي أريدهُ بل الشرُّ الذي لست أريده فإيَّاهُ أفعل.. ولكني أرى ناموسًا آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعضائي" (رو7: 19، 23).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/conferences-23-in-me.html
تقصير الرابط:
tak.la/4hryc7j