21- أما يضر الامتناع عن الصوم طهارة الجسد؟
جرمانيوس: أما ينجذب الجسد إلى الإهمال مما يزيد من مثيرات الخطية التي بتُرت، وذلك بتنعمنا بالمأكولات غير العادية في عيد طويل هكذا؟ أو هل تستطيع النفس المثقلة بسبب الإسراف في الولائم غير العادية ألا تخفف من سيطرتها على الجسد -العبودية لها- خاصة بالنسبة لمن هم في سننا حيث يمكن لأعضائنا أن تثور ثورة سريعة متى تجرأنا على تناول طعامنا العادي بكميات أكبر، أو طعامًا غير عادي بحرية فوق ما اعتدنا؟!
22- ثيوناس
إن كنا نصنع كل عمل باتزان، غير فاحصين آراء الناس الآخرين من جهة نقاوة قلبنا، بل نفحص ضمائرنا ذاتها، فإن هذه الفترة التي للراحة لن تقلل من حزمنا وضبطنا لأنفسنا. ذلك فقط كما قلت لو فكر عقلنا في الحدود المعقولة الخاصة بالسماح لنا بالأكل أو عدم السماح به، ممتنعين عن كل إفراط في أي الجانبين، مميزين بإفراز حقيقي إن كان اندفاعنا في التنعم ثقل على أرواحنا أو مغالاتنا الزائدة في الصوم ما يثقلها أيضًا... فإن ربنا لا يرضى أن نفعل شيئًا من أجل مجده دون أن نمزجه بالإفراز (التمييز) لأن عز الملك أن يحب التمييز (الحق) (مز4:99). لهذا نجد سليمان -أحكم الناس- يحثنا على عدم الانحراف في أي الجانبين قائلاً لنا أن نكرم الرب بالأتعاب المملوءة برًا ونقدم له ثمار البرّ.
فإذ يسكن في ضميرنا قاضٍ عادلٍ غير مرتشٍ، فإنه حتى إن أخطأ الكل لكن نقاوتنا الداخلية لن تنخدع قط. وهكذا يلزمنا أن نحتفظ بهدوء دائم في قلبنا المتيقظ بكل اجتهاد واهتمام، حتى لا يضل حُكم إفرازنا، فننشغل بمجرد صوم مملوء حماقة (أي مفرط) أو بتلذذ باسترخاء زائد. وهكذا نثقل قوتنا في ميزان غير سليم. إنما يجب علينا أن نضع نقاوة نفوسنا في كفة وقوتنا الجسمية في كفة أخرى، ونزنهما بحكم ضميرنا العادل، حتى لا نميل منحرفين إلى كفة على حساب الأخرى، أي إلى حزم غير لائق أو استرخاء بتفريط...
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
لأن تقدمات الصوم التي نندفع فيها بلا تفكير تمزق أمعاءنا بعنف ونحن حاسبون أنها تُقدم بطريقة سليمة للرب. لكن ذاك الذي "يحبُّ البرَّ والعدل (الإفراز)" (مز5:33) يكره السلب في تقدمة المحرقة... الذين يسلبون النصيب الأكبر من تقدمتهم (إذ يصومون للكرامة البشرية)... تاركين النصيب الأصغر جدًا للرب، هؤلاء تدينهم الكلمة الإلهية كفعلة خادعين قائلة لهم: "ملعون من يعمل عمل الرب بغش (برخاوة).." (إر 10:48).
إذن ليس بغير سبب يوبخ الرب من يخدع نفسه باعتبارات غير صحيحة فيقول: "إنما باطل بنو آدْم. كذب بنو البشر. في الموازين هم إلى فوق" (مز 9:62). لهذا يوصينا الرسول المبارك أن نقبض بزمام الإفراز ولا ننحرف إلى المغالاة في أي الطريقين (رو 3:12). ويمنع واهب الشريعة نفس الأمر قائلاً: "لا ترتكبوا جورًا في القضاءِ لا في القياس ولا في الوزن ولا في الكيل" (لا 35:19). إذن يجدر بنا ألا تكون في قلوبنا موازين ظالمة، ولا موازين مزدوجة في مخزن ضميرنا، بمعنى أنه يجب علينا ألا نحطم من يلزمنا أن نكرز لهم بكلمة الرب، بشرائع حازمة مغالى فيها أثقل مما نحتملها نحن، بينما نعطي لأنفسنا الحرية ونخفف منها... لأنه إن كنا نزن لإخوتنا بطريقة ولأنفسنا بأخرى يلومنا الرب بأن موازيننا غير عادلة ومقاييسنا مزدوجة، وذلك كقول سليمان بأن الوزن المزدوج هو مكرهة عند الرب والميزان الغاش غير صالح في عينيه (راجع أم 10:20).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/conferences-21-fasting-purity.html
تقصير الرابط:
tak.la/jyt4tb6