14- درجات الحب
يمكن إظهار الحب الذي يتكلم عنه الرسول قائلاً: "فإذًا حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيَّما لأهل الإيمان" (غلا10:6). إننا نحب آباءنا بطريقة، وزوجاتنا بطريقة، وأولادنا بطريقة ثالثة. فهناك فارق شاسع بين مشاعر المودة وبعضها البعض. بل نجد أن حب الآباء نحو أولادهم ليس متساوٍ على الدوام. ويظهر ذلك في حالة الأب[2] يعقوب، الذي كان أبًا لأثني عشر ابنًا، أحبهم جميعًا بحب أبوي، غير أن مودته ليوسف كانت أعمق كما جاء في الكتاب المقدس: "فلما رأَي إخوته أن أباهم أحبَّهُ أكثر من جميع إخوته أبغضوهُ.." (تك4:37). واضح أن ذلك الرجل لم يفشل في تقديم حب عظيم لبقية أولاده، إنما مودته التصقت بالأكثر بهذا الابن في حنو ولطف أعظم، وذلك بكونه رمزًا للرب.
هذا الأمر نجده أيضًا بوضوح بالنسبة ليوحنا الإنجيلي الذي يُقال عنه: "كان يسوع يحبُّهُ" (يو23:13). فبالرغم من أن الرب قد احتضن الإحدى عشر الآخرين الذين اختارهم بنفس الطريقة التي اختاره بها، وقد وهبهم حبه الخاص كما جاء بشهادة الإنجيل: "وصيَّة جديدة أنا أعطيكم أن تحبُّوا بعضكم بعضًا، كما أحببتكم أنا تحبُّون أنتم أيضًا بعضكم بعضًا" (يو34:13). "إذ كان قد أحبَّ خاصَّتهُ الذين في العالم أحبَّهم إلى المنتهى" (يو1:13)، فحبه لشخص معين بطريقة خاصة لا يعني عدم محبته لبقية التلاميذ، وإنما أظهر حبًا تامًا غزيرًا تجاه هذا الواحد، بسبب امتيازه بالبتولية ونقاوة جسده التي وهبت له. لهذا رعاه بمعاملة استثنائية كما لو كان له سمو خاص، ليس لأن هناك كراهية تجاه الآخرين، بل لوجود نعمة غنية أوفر للحب المميز.
نجد أيضًا شيئًا من هذا القبيل في شخصية العروس في نشيد الأناشيد، حيث تقول: "عَلَمُهُ فوقي محبة" (نش4:2).
_____
[2] الترجمة الحرفية "البطريرك" إذ تعتبر الكنيسة الآباء الأولين إبراهيم واسحق ويعقوب بطاركة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/john-cassian/conferences-16-degrees-of-love.html
تقصير الرابط:
tak.la/y44xpxh