إن كان البالغون يشتكون من التهاب عواطف المراهقين وسرعة انفعالاتهم وتغيرها المستمر، فإننا لا تستطيع أن ننكر ما على البالغين -خاصة الوالدين ورجال الدين- من المسئولية لو جزئيًا في التهاب عواطف المراهقين وانحرافها أيضًا. حرمان أولادنا من عاطفة الوالدين في طفولتهم يفقدهم اتزانهم العاطفي فينشأون في فراغ داخلي يريدون ملئه بوسيلة أو أخرى مهما كان الثمن.
الطفلة الصغيرة التي لا تشعر بحب أبيها وحنانه واهتمامه، بالرغم مما يبذله من تعب لإشباع احتياجات الأسرة ماديًا ورفع مستواها اجتماعيًا، مثل هذه الطفلة إذ تدخل في بدء مرحلة المراهقة تشعر بقوّة عميقة تفصل بينها وبين والدها. فهي تتعطش إلى حب أبيها غير المشروط لكي تجد نفسها موضع حبه وتقديره واعتزازه، الأمر الذي يبعث في داخلها روح الثقة والتقدير الذاتي. هذه الفتاة تبحث عن هذا الحب فلا تجده، وربما في الثالثة عشرة من عمرها أو أقل إذ تجد شابًا -أيًا كان هذا الشاب- يتفوّه بكلمات الإعجاب بها ترتمي في أحضانه، وربما تترك دراستها وتنسى كل قيمها الروحية والاجتماعية، لا لتطلب ممارسات خاطئة، وإنما لتؤكد لنفسها قبولها لدى الغير، تود أن تجد حب والدها المفقود في شاب مراهق من الجنس الآخر، أو في شخص قد يكبرها جدًا في السن، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. تود أن ترافقه وتلتصق به، وعندما يطلب منها ممارسات خاطئة تدخل في صراع مُرّ بين رغبة داخلية أكيدة للحب الأبوي المفقود ثمنه فقدان طهارتها وعفتها إرضاء لمن يشبع احتياجاتها، أو الرفض وثمنه الحرمان! ربما تحت هذا الصراع تسقط وتبكي وتندم وتقرر قطع العلاقة تمامًا مهما كان الثمن، لكن كما قال أحد المراهقين أنه كان يرفض الجنس المنحرف، لكن بممارسته كانت الرغبة فه تتزايد مع إدراكه أنّه غير مشبع! هكذا نحن لا ننكر مسئوليتنا أمام الله وأولادنا، إننا إذ نحرمهم من الحب الأبوي والأموي نلقي بهم في انحرافات عاطفية يصعب علينا وعليهم فيما بعد معالجتها.
فيما يلي بعض عبارات كتبها مراهقون يطلبون عاطفة والديهم وحبهم (4):
بابا، أحبك بكونك شخصًا. لا تشتر حبي بالشيكات التي تقدمها شهريًا).
((سقطت في مصيدة البحث عن الحب في الجنس، بسبب حاجتي لي الحب الذي لم تقدمه لي عائلتي).
(المراهقون مثل كل إنسان؛ لهم احتياجاتهم ورغباتهم ومخاوفهم. يحتاجون أن يشعروا أنهم محبوبون، وأن يعبر عن هذا الحب. فإن لم تقم البيوت والعائلات بتقديم الحب والاهتمام فأنهم ينحرفون، إنهم يبحثون دائمًا عن شخص يقدم الحب. إنهم محتاجون إلى من يشعرهم بأنهم مقبولون وأنهم في أمان. في حالات كثيرة تفشل العائلات اليوم عن إشباع احتياجات صغارهم).
(أنا إنسان بالحث لا أتحدث كثيرًا مع والديَّ، خاصة بابا. ما أريد بالحقيقة أن أقوله، أنني أحبهما كثيرًا. ومع هذا ربما لا أظهر هذا الحب لهما.
أيضًا، أريد من ماما أن تقول لي: أني أحبك، أكثر مما تفعل بكثير. أنا أعرف أنها تحبني، لكنني أظن أن كل ابن (أو ابنة) يريد أن يسمع هذا).
(ماما، بابا - إنني محتاج أن تخبراني إنني كنت فريدًا، وأنه كان لي وضعًا خاصًا (بالنسبة لكما). محتاج أن تقدما لي الأدوات التي تسندني لأعيش كإنسان ناضج في عالم البالغين... إنني محتاج من والديَّ أن يقولا إنني كنت موفقًا (okay). لقد فعلتما كل شيء لأجلي، هذا هو أردأ شي فعلتماه لي... لماذا تحتقرانني هكذا؟).
("أحبك I Love you". هذه الكلمات الثلاث لم تستخدم قط في بيتنا، ولهذا أنا أعاني الكثير. إلى شهور قليلة كنت أخشى أنه لا يوجد أحد يحبني، وما هو أردأ أنني ربما لا أستطيع أن أحب أحدًا. لكنني اكتشفت أن يسوع يحبني جدًا حتى مات على الصليب لأجلي. لقد عرفت أنه يوجد رجاء. الآن أستطيع بحرية أن أقول: "أنني أحبك" وأعنيها من القلب).
_____
(1) Dr. James Dobson: Preparing for Adolescence, p. 141 f.
(2) نيافة الأنبا بيمين: قضايا شبابية واجتماعية، 1983، ص 113 إلخ.
(3) Lactantius: Epitome of the Divine. Institutes, ch. 61 (Concerning human passions) trans. by Blakeney, S P C K 1950.
(4) J. McDowell: what I wish my parents knew about my sexuality, ch. 11.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/grow/appreciation.html
تقصير الرابط:
tak.la/vt53jpa