لقد كانت صرخة يوحنا المعمدان المُدويَّة والمُشَبَّعة برائحة الصحراء هي: «توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات» (مت3: 2). لقد كانت تلك الكلمات بدايةً لعهدٍ جديدٍ مُنْفَتِح على الأسرار العلويَّة وليس أسير نصوص وأحرف وتقاليد. فالتوبة هي الأساس لبُنْيَان الملكوت الجديد، الذي سيُعْلِنه المسيح في قلوب الذين اجتذبهم الروح، وصاروا مُسْتغرقين في الله وفي الملكوت.
لقد كان نداء يوحنا بالتوبة يحمل في طَيَّاته دعوة للتحوُّل تهيُّئا لقبول مسيَّا لم تعلُ هامته هالة من ضياء ولم يرتدِ ثيابًا من برفير ولم يحمل سلاحًا فتَّاكًا مدعومًا بقوى ملائكيَّة لدحر الأعداء. ولكنه جاء في ثياب مُغبَّرة لنجار ناصري بسيط، يتلألأ عرقه من عناء الطريق تحت لهيب شمس اليهوديَّة!!
والتوبة التي نادى بها يوحنا تخطَّت توبة الخطايا؛ فهي جوهريًّا نداءٌ للتحوُّل الذهني لقبول مسيحًا غير اعتيادي، لم يرتسمه الكهنة وعلماء الشريعة وقادة الشعب بهذا المظهر المُخيِّب للآمال.
ولعلنا في هذا العصر المُشوَّه والمُرتَبك نقتبس من المفهوم المعمداني للتوبة لنراها تحوُّلًا فكريًّا لقبول مسيحًا غير الذي تصورناه وتوهمناه في مراهقتنا الروحيَّة. إذًا فتوبتنا تُلامس قناعتنا الماضيَّة عن المسيح، لتبعث فيها حياة تنبثق من حياة المسيح نفسه، حينما يأتي بعذوبةٍ، للنفس المُتلمِّسة الحق وسط ضبابيَّة الباطل المُستشريَّة في أذهان العالم المعاصر.
فالتوبة من هذا المُنْطَلَق هي تغيُّر في قناعاتنا الماضيَّة وتحوُّل في مواقفنا الراهنة بحثًا عن يسوع. إنها ليست مرحلة ولكنها نمط حياتي دائم متواصل. إنها شريعة جديدة أكثر من كونها وصيَّة عابرة. هي حِراك بشري نحو الله وليست انغماسًا ساكنًا في الحزن والقنوط.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-sarafim-elbaramousy/toward-repentance/change.html
تقصير الرابط:
tak.la/pscbd2b