St-Takla.org  >   books  >   fr-botros-elbaramosy  >   ebooks  >   service-planning
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب عملية التخطيط وأهميتها في الخدمة الكنسية - الراهب القمص بطرس البراموسي

17- الدروس الروحية في الخدمة من مثل الحنطة والزوان

 

وهناك مثل عجيب قدمه لنا السيد المسيح عن الملكوت، وهو مثل الحنطة والزوان، وما يحمل من تعليم روحي..

St-Takla.org Image: Parable of the Tares: “While men slept, His enemy came and sowed tares among the wheat, and went his way” (Matthew 13: 25) - by Friedrich Overbeck صورة في موقع الأنبا تكلا: مثل الحنطة والزوان: "وفيما الناس نيام جاء عدوه وزرع زوانا في وسط الحنطة ومضى" (متى 13: 25) - رسم فريدريك أوفربيك

St-Takla.org Image: Parable of the Tares: “While men slept, His enemy came and sowed tares among the wheat, and went his way” (Matthew 13: 25) - by Friedrich Overbeck

صورة في موقع الأنبا تكلا: مثل الحنطة والزوان: "وفيما الناس نيام جاء عدوه وزرع زوانا في وسط الحنطة ومضى" (متى 13: 25) - رسم فريدريك أوفربيك

قال إن "عدوًا جاء وزرع زوانًا في وسط الحنطة ومضي.." (مت 13: 25). فاقترح عبيد السيد أن يقلعوا الزوان من الحقل. فأجابهم "لا. لئلا تقلعوا الحنطة مع الزوان وأنتم تجمعونه. دعوهما ينميان كلاهما معا إلي الحصاد" (مت 13: 29). وفي يوم الحصاد يجمع الزوان ويحرق.

نعم يا أخوتي الخدام المبروكين والمهتمين بإنماء الخدمة ونجاحها، ليس عملكم أن تقلعوا الزوان، لئلا تقلعوا حنطتكم معه.. عملكم هو أن تنموا كحنطة.

وعندما يأتي يوم الحصاد العظيم، ينظر الرب إلي حقولكم فيجدها مملوءة حنطة. فيجمع منها ثلاثين وستين ومائة، وتمتلئ أهراؤه قمحًا.

هذا هو العمل الإيجابي النافع.. أما إذا شغلتم وقتكم بجمع الزوان وخلعه من الأرض، فقد تتلفون أعصابكم، وتضيعون روحياتكم، وتقعون في أخطاء لا تعد. كأولئك الذين باسم الإصلاح، استخدموا أسلوب الشتائم والإدانة والتشهير، ووقعوا في الغضب والنرفزة، وفي الحقد والتحطيم، مع الصياح وعلو الصوت، وإعثار الآخرين بما يقولون..وإذا بهم فيما يخلعون الزوان، صاروا هم زوانًا..

لأنه ما هي طبيعة الزوان إلا ما يفعلون..! أما روحياتهم فضاعت في غمرة الصراع. وخدمتهم توقفت وأعثرت. ولم يقدموا لا قدوة ولا إصلاحًا.. واختبروا واختبر الناس معهم حكمة ما قاله السيد المسيح: "لا. لئلا تقلعوا الحنطة مع الزوان وأنتم تجمعونه".

إن كان الرب قد قال هذا عن الزوان الحقيقي، فماذا يقال إذن عن الذين يحسبون الحنطة زوانًا، لضعف رؤيتهم، فيتحمسون لخلع الحنطة، ويبقي الزوان وحده في الحقل!! ولا يجد صاحب الحقل شيئًا قد بقي له ليحصده ويضمه إلي مخازنه..

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

كونوا إذن حنطة. واحذروا من الانشغال بجمع الزوان.

إن الشغوفين بخلع الزوان يفقدون سلامهم القلبي، ويفقدون التواضع والوداعة، بل يفقدون أيضًا سلامهم مع الناس. وباستمرار تجدهم غاضبين متضايقين، ينفثون غضبهم في الكل. ولا يتحدثون إلا عن الأخطاء والنقاط السوداء. ويصورون الحال قاتمًا كئيبًا، ويتحولون إلي شرر من النار يحرق كل ما يصادفه في قسوة وعنف.. وفيما يفكرون في خطايا الآخرين، ينسون خطايا أنفسهم!!

أما أنت يا رجل الله، فانشغل ببناء الملكوت في وداعة وهدوء، وفي محبة للكل، وبتواضع قلب.

عملك الإيجابي كخادم هو أن تبني، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وكما قال القديس بولس الرسول "ليكن كل شيء للبنيان" (1كو14: 26). واعرف أن الذي يبني، دائما يصعد إلي فوق. أما الذي يهدم، فهو دائما ينزل أو يهبط إلي أسفل..

St-Takla.org Image: Jesus said, ‘The kingdom of heaven is like a man who sowed good seed in his field. (Matthew 13: 24) - "Parable of the Weeds" images set (Matthew 13:24-30, Matthew 13:36-43): image (2) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "قدم لهم مثلا آخر قائلا: «يشبه ملكوت السماوات إنسانا زرع زرعا جيدا في حقله" (متى 13: 24) - مجموعة "مثل الحنطة والزوان في الحقل" (متى 13: 24-30, متى 13: 36-43) - صورة (2) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Jesus said, ‘The kingdom of heaven is like a man who sowed good seed in his field. (Matthew 13: 24) - "Parable of the Weeds" images set (Matthew 13:24-30, Matthew 13:36-43): image (2) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "قدم لهم مثلا آخر قائلا: «يشبه ملكوت السماوات إنسانا زرع زرعا جيدا في حقله" (متى 13: 24) - مجموعة "مثل الحنطة والزوان في الحقل" (متى 13: 24-30, متى 13: 36-43) - صورة (2) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

واحذر وأنت تخلع الزوان من الأرض، أن تقلع الحنطة التي فيك، والتي في سامعيك..

أزرع الحنطة في كل مكان، وأحسن انتقاء ما تلقيه من بذار، ازرع الحب في كل قلب، وقل كلمة عزاء ورجاء، وكلمة منفعة. حتى للأشرار، حاول أن تكسبهم بالحب. وليس معني هذا أن تخضع للباطل أو تجامله، فتنتقل من الضد إلي الضد.

ولا تبدد طاقاتك في السلبيات، فإن الشيطان مستعد أن يقدم لك سلبيات في كل يوم، ليشغلك بها!!

هو مستعد أن يقدم لك شائعات وأخبارًا في كل يوم، ومشاكل وصراعات ومضايقات. ويكشف لك أسرارًا وأفكارًا، إن أعطيتها مكانًا في ذهنك تتعب أعصابك ونفسيتك.. قل لنفسك: ما شأني بكل هذا؟! أنا وقتي مكرس لخدمتي. لا يجوز لي أن آخذ وقت الله، لكي أقدمه لمناقشة السلبيات.. واصرف وقتك هذا في الإعداد الجيد والتفكير السليم في: كيف تنمو الخدمة وتزدهر وتأتي بالثمر المطلوب؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ويقول المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث في ذلك: [أحب أن أضرب لك مثلًا بما حدث في تاريخنا الحديث من أواخر القرن التاسع عشر وبداية العشرين.كانت هناك نقائص شديدة في الخدمة، بل لم يكن هناك وعاظ في الكنائس ولا كهنة متعلمون. ولذلك بدأت الطوائف تتأسس وتنمو علي حساب الكنيسة. وكثرت لذلك الانشقاقات والصراعات الداخلية. البعض استخدم أسلوب الشتائم والانتقادات والتجريح. والبعض دخل مع الكنيسة في صراع وصل إلي المحاكم وأنفقت أموال طائلة في القضايا.. والبعض ظل يبكي علي سوء ذلك الحال..

وكل ذلك لم يجد نفعًا. لا انتفعت الكنيسة بالانتقادات والتجريح، ولا بالانقسام والقضايا، ولا بالبكاء.. فكيف تم الإصلاح إذن؟

تم الإصلاح عن طريق العمل الإيجابي الذي آمن به حبيب جرجس قائد الخدمة في القرن العشرين..

لم ينشغل بكل أخطاء زمانه. وإنما بدأ يعمل: حفر أساسًا ووضع فيه حجرين هما الإكليريكية ومدارس الأحد. وظل يبني. وأخذ البناء يرتفع. وتكوًن عدد كبير من الخدام يعملون في الوعظ والتعليم، في الكنائس وفي الجمعيات وفي مدارس الأحد وفي القرى. وهو يرتل في قلبه للرب قائلًا" وأما شعبك فليكن بالبركة ألوف ألوف وربوات ربوات يصنعون مشيئتك". إنه لم ينتقد النقص، إنما عمل علي تزويد الكنيسة بالاحتياجات التي تنقصها..

وجد الكنيسة ينقصها الوعظ، حتى أن كثيرًا من الآباء الكهنة كانوا يقرأون من كتب الوعظ ولا كفاءة، فلم ينتقد ذلك ولم يملأ الدنيا بكاء علي الكنيسة، وإنما بدأ في إعداد الوعاظ والخدام. واستطاع أن يجعل طلبة الإكليريكية ينشئون جمعيات للوعظ أمكنها أن تؤسس 84 فرعًا في القاهرة والجيزة وضواحيها.

ووجد أن الأطفال والشبان لا يجدون من يعلمهم، فلم ينتقد الكنيسة علي ذلك ولم يجرحها. وإنما أنشأ مدارس الأحد التي انتشرت في كل مكان. وبدأ يؤلف الكتب لتدريسها في المدارس العامة، وفي مدارس التربية الكنسية.

St-Takla.org Image: ‘But while everyone was sleeping, his enemy came and sowed weeds among the wheat, and went away. (Matthew 13: 25) - "Parable of the Weeds" images set (Matthew 13:24-30, Matthew 13:36-43): image (3) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "وفيما الناس نيام جاء عدوه وزرع زوانا في وسط الحنطة ومضى" (متى 13: 25) - مجموعة "مثل الحنطة والزوان في الحقل" (متى 13: 24-30, متى 13: 36-43) - صورة (3) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: ‘But while everyone was sleeping, his enemy came and sowed weeds among the wheat, and went away. (Matthew 13: 25) - "Parable of the Weeds" images set (Matthew 13:24-30, Matthew 13:36-43): image (3) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "وفيما الناس نيام جاء عدوه وزرع زوانا في وسط الحنطة ومضى" (متى 13: 25) - مجموعة "مثل الحنطة والزوان في الحقل" (متى 13: 24-30, متى 13: 36-43) - صورة (3) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

ولما وجد الترانيم البروتستانتية بدأت تزحف وتجد مكانها في بعض الاجتماعات، أخذ ينظم تراتيل علي ألحان الكنيسة. وهكذا خدم في كل مجال.

والآن نسي الناس كل السلبيات التي كانت موجودة. وثبت في ذاكرتهم العمل الإيجابي البناء الذي قام به حبيب جرجس، وقدًم به درسًا].

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ويستكمل قداسة البابا شنودة حديثه قائلًا: [وهنا أذكر عبارة وردت في قصة الخليقة: قيل "كانت الأرض خربة وخالية، وعلي وجه الغمر ظلمة" (تك 1: 2). فما الذي فعله الرب؟ لم يقل الكتاب إن الله لعن الظلمة والخراب. إنما قيل "إن روح الله كان يرف علي وجه المياه". ولم يقل الله: لا تكن ظلمة. إنما "قال الله فليكن نور، فكان نور" (تك1: 3). ورأي الله النور أنه حسن. وفصل الله بين النور والظلمة" (تك 1: 4).

والله يدعونا أن نكون نورًا. بل قال "أنتم نور العالم" (مت 5: 14). وإن صرنا نورًا، فسوف ينقشع الظلام من تلقاء ذاته، دون أن نلعن الظلام. العمل البناء هو العمل الباقي لنا ولغيرنا. والعمل الإيجابي كله ربح، لا خسارة فيه لنا ولا لغيرنا..

أقول هذا لكم، لأني رأيت في طريق الحياة أشخاصًا ينظرون بعيون لا تري إلا السواد. وأما النقاط البيضاء فلا يرونها، ولا يتحدثون عنها. هم يبحثون عن الظلام، لكي يركزوا عليه وينتقدونه.

وفي كل ذلك يفقدون بشاشتهم ووداعتهم وسلامهم الداخلي. وحديثهم عن الظلام يجعل سامعيهم يفقدون سلامهم أيضًا، ويفقدون فرحهم، ولا يرون الأرض إلا خربة وخالية. وعيون هؤلاء الناقدين لا تري روح الله يرف علي وجه المياه، ولا تسمع صوت الله يقول "ليكن نور" فكان نور.. حقًا، ما أجمل قول الكتاب:"ما أجمل قدميً المبشر بالخير، المخبر بالخلاص" (أش 52: 7) (نا 1: 15).

لقد بدأ العهد الجديد بملائكة يبشرون بالخلاص ويحملون بشارة مفرحة، يقول فيها الملاك" أبشركم بفرح عظيم يكون لكم ولجميع الشعب" (لو2: 10).

ليتكم إذن في خدمتكم تحملون للناس خبرًا مفرحًا. إن الشعب له من آلامه ما يكفيه، ويحتاج إلي كلمة عزاء تفرحه وتعطيه رجاء. افتحوا له إذن وطاقات من نور. وإن لم تجدوا نورًا علي الإطلاق، حاشا.. فكونوا أنتم نورًا له. كونوا أصحاب العمل الإيجابي البناء. وقدموا للشعب بعملكم وخدمتكم ما يفرحه.

كونوا كالحمامة التي حملت لنوح ورقة زيتون خضراء. فعلم أن المياه قد قلت عن الأرض (تك8: 11)].


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-botros-elbaramosy/ebooks/service-planning/proverb.html

تقصير الرابط:
tak.la/jg4d6g7