السؤال الخامس
كيف تكون العذراء مكرسة من الصغر ونذيرة للرب منذ طفولتها، وهي في نفس الوقت مخطوبة للقديس يوسف النجار؟
الإجابة:
العذراء نذيرة للرب أي خادمة مكرسة له وقد نذرتها أمها لخدمة بيته... لم تترك العذراء الهيكل ولم تتخلّ عن نذرها، لكن خطبتها ليوسف النجار كانت بتدبير من الله، وبأمر كهنة الهيكل حسب ما كان متبعًا في ذلك الوقت، فقد كانت البنات المكرسات للرب لا يبقين في الهيكل بعد سن معينة، ولما كان أبوا العذراء قد توفيا، كان لابد أن يسلمها الكهنة لأحد أقاربها الأتقياء لكي يكون مسئولًا عنها، وبالفعل سلموها ليوسف النجار الذي لم يكن من أقرباء الدرجة الأولى، لذا خطبوها له حتى تعيش معه في بيته بطريقة شرعية.
كانت العذراء قد عقدت العزم على حياة البتولية في بيت يوسف النجار، وبالطبع كان ذلك بموافقة يوسف الذي ترسمه الأيقونات الكنسية القبطية كشيخ وقور... ومما يدل على عزم العذراء القديسة على حياة البتولية ما يلي:
· يؤكد الوحي الإلهي أن العذراء مريم حين دخل إليها الملاك كانت عذراء مخطوبة... لذلك تكرر اللقب أكثر من مرة في حديث البشارة كما نرى من قوله: "وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ، إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ" (لو1: 26-27)، ونلاحظ أنه يلقبها بالعذراء معرفة باللألف واللام، لأنها العذراء التي اقترن إسمها بالعذرية، وحتى الآن عندما تسمع البشرية جمعاء لفظ العذراء يفهم الجميع أن المقصودة هي القديسة العذراء مريم أم مخلصنا، ولذلك اضطرب يوسف النجار عندما أدرك أنها حبلى لأنه كان متأكدًا أنها عذراء بتول.
· سألت العذراء القديسة الملاك قائلة: "فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟" ( لو 1: 34)، وفي سؤالها للملاك نوع من الاستغراب يدل على نيتها وعزمها على البتولية لما يلي:
1. لو كانت العذراء لا تنوي البتولية فلماذا تسأل كيف يكون هذا؟ وما الغرابة في بشارة الملاك لشابة مخطوبة سوف تتزوج لاحقًا وتنجب ابنًا؟ بالطبع لا توجد غرابة إلا في حالة واحدة وهي أن يكون هناك اتفاق مسبق مع السماء على بتوليتها... لقد كانت العذراء تتساءل بناء على اتفاقها مع السماء على هذا النذر.
2. قول العذراء عن نفسها: "لا أعرف رجلًا" يعني عقدها العزم والنية على البتولية؛ لأنه في شريعة اليهود يُكتب كتاب (وثيقة زواج) في حالة الخطوبة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وتعتبر في هذه الحالة في حكم المتزوجة (كما يحدث حاليًا مع إخوتنا المسلمين كَتْب الكتاب)... فالعذراء حينما دخل إليها الملاك كانت بتولًا عقدت النية باتفاق السماء والبار يوسف على العيش كبتول، لكنها أمام المجتمع كانت في حكم المتزوجة.
3. إجابة الملاك على استغرابها بأن الروح القدس سيحل عليها وقوة العلي تظللها وأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله... وهذا يعبر على ثبات وعد السماء لها حسب رغبتها بالبقاء بتولًا، لأنها ستحبل وتلد بطريقة إعجازية وغير عادية وذلك بالروح القدس.
· بقي سؤال إجابته منطقية وهو: بعدما عزمت العذراء على البقاء بتولًا، هل يجرؤ أحد ويقول إن هذه القديسة العظيمة تركت عزمها على حياة البتولية، وعاشت كزوجة مع يوسف النجار البار بعد ولادتها للرب يسوع؟!!!!
بالطبع لا ومن يقبل بهذا! وهل بهذا يقبل الله الذي أمر بني إسرائيل أن يحافظوا على تكريس الأشياء المخصصة له من آنية وخلافه؟! لقد كان هذا خطية وتعدٍّ على مقدسات الله.
القديسة مريم العذراء هي العفيفة دائمة البتولية، ويوسف النجار هو الشيخ البار خادم سر التجسد وخطوبة العذراء له هي تدبير السماء، لأنه لو حدث وحبلت العذراء دون أن تكون مخطوبة ليوسف لكان حكم شريعة موسى قاسيًا في مثل هذه الحالات... إذًا خطوبة العذراء لم تكن كسرًا أو فكًا لنذر البتولية والتكريس؛ إنما كانت بأمر السماء وتدبيرها، وهذا هو عمق معنى التكريس أن يكون الإنسان خاضعًا ومطيعًا لله حسب مشيئته تمامًا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/question-1/05.html
تقصير الرابط:
tak.la/956njqd