St-Takla.org  >   books  >   fr-bishoy-fayek  >   mary-zaytoun
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب قباب الزيتون المنيرة: أسباب ظهور العذراء مريم - القس بيشوي فايق

21- العذراء وحياة التسليم

 

St-Takla.org Image: Saint Virgin Mary, looking down. صورة في موقع الأنبا تكلا: القديسة مريم العذراء، تنظر لأسفل.

St-Takla.org Image: Saint Virgin Mary, looking down.

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديسة مريم العذراء، تنظر لأسفل.

تعلمت العذراء أنَّ الله القدير والصالح يدبر حياتها بحسب صلاحه، فسَلَّمت حياتها بين يدي الله، لم تعترض العذراء القديسة على ظروف حياتها الصعبة، بل قبلت كل الأمور في رضا...

لقد فقدت مريم العذراء والديها في سن صغير، وعاشت طفولتها في الهيكل في حياة خشنة شاقة، لم تنعم خلالها باستقرار ودفء المنزل الهادي. عاشت في الهيكل، وهي تعلم أنها لا بد أن تغادره يومًا من الأيام، لتحيا في بيت آخر لا تعرفه، وعندما سلموها ليوسف النجار لم يسألها أحد عن رأيها في الذهاب معه، لكن الكهنة ألقوا قرعة فوقعت على رجل مسن من أقاربها هو يوسف النجار، فأخذها لبيته لتخدمه.

وبالرغم أن ظروف حياة العذراء فُرِضَت عليها، لكن ملاك الرَّب أتى هذه المرة خصيصًا، ليخبرها بأمر حبلها بالرب يسوع المسيح، وهي أجابته بالتسليم والخضوع التام لمشيئة الله المقدسة، قائلةً: "... هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ..." (لوقا 1: 38). قبلت العذراء البشرى السماوية، وما تبعها من أحداث... مثل ذهابها لبيت لحم، لتلد هناك ابنها الحبيب في مكان بسيط، وولادتها له في مزود بقر، وهروبها مع يوسف خطيبها والطفل يسوع لأرض مصر، وكل ما أتى عليها من آلامٍ نفسية بسبب ارتباطها وحبها لابنها الرب يسوع، الذي اضطهده اليهود وصلبوه، هكذا ظلت العذراء تعاني كل أيام غربتها، كقول سمعان الشيخ: "وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ..." (لو 2: 35).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

يريد الناس توجيه أمور حياتهم للأفضل ولكن ذلك بحسب ما يرون، مع أنهم لا يدرون ما هو الأنفع أو الأفضل لهم، ولهذا يتذمرون كثيرًا معترضين على ظروف حياتهم، ولهذا يحزنون أيضًا كثيرًا بسبب تذمرهم الدائم.

إن الإيمان بوجود الله ذو السلطان وبقدرته العظمية، التي توجه كل الأمور في هذا الكون وفق مشيئته الصالحة، يحتاج للاتضاع والاعتراف بسلطانه كقوله: "... الَّذِي سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ، وَمَلَكُوتُهُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ" (دا 4: 34).

القارئ العزيز... التسليم هو قبول الظروف والأحداث التي تطرأ على حياة الإنسان دون تذمر، والثقة في حكمة ومحبة الله، (الذي يسمح بهذه الأحداث) أنه قادر ان يجعلها تعمل لخيرك حسب صلاحه.

أما الإيمان بأبوة الله كخالق أمين فهو الدافع الوحيد لتسليم الحياة بين يديه في رضا، كقوله: "فَإِذًا، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ، فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ، كَمَا لِخَالِق أَمِينٍ، فِي عَمَلِ الْخَيْرِ" (1بط 4: 19)..

إن أبناء الله يثقون في حب الله لهم، ويسلمون حياتهم له، ولهذا يقودهم الله في طريق الحياة، كقول الكتاب: "لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ" (رو8: 14).

القارئ العزيز... ليتك تسلم أمورك بين يدي الله، وتتخذ من قول أمك العذراء القديسة: "... لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ..." شعارًا تحيا به، وهكذا سيتمم الله مقاصده الصالحة في حياتك.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/mary-zaytoun/submission.html

تقصير الرابط:
tak.la/gntv2xz