دخل الملاك جبرائيل إلى العذراء مريم وحياها، بقوله: "... سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ" (لو 1: 28) ثم بشرها بتجسد ابن الله منها، فأعلنت العذراء العفيفة قبولها البشرى الإلهية، بقولها: "... هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ..." (لو1: 38). انصرف الملاك من عندها، بعدما بشرها بالحبل الإلهي (بدون زرع بشر)، دون أن تطلب منه كشف السرَّ ليوسف النجار خطيبها. تركت الأمر لله، فقد كانت تعلم أن الله قادر أن يدبر الأمر بالطريقة المناسبة، وفي الوقت المناسب.
لقد آمنت العذراء القديسة في قدرة الله أكثر من حكمة البشر، التي تشير بوجوب كشف السرَّ ليوسف النجار لتجنب وقوعه في الشك، ولم تُخبر العذراء يوسف بالأمر، حتى كشفه الله له في حلم.
يعتز الكثيرون، ويفتخرون بإمكانياتهم المادية، أو بمركزهم الاجتماعي، أو بمواهبهم، أو،... أو،... ولكن الخطر الشديد الذي يهدد أمثال هؤلاء هو اتكالهم على ما لهم من ذكاء أو قدرة، بدلًا من الاتكال على الرب، كقوله : "هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مَلْعُونٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الإِنْسَانِ، وَيَجْعَلُ الْبَشَرَ ذِرَاعَهُ، وَعَنِ الرَّبِّ يَحِيدُ قَلْبُهُ... مُبَارَكٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الرَّبِّ، وَكَانَ الرَّبُّ مُتَّكَلَهُ" (إر17: 5-7). إن الإنسان الحكيم هو الذي يفتخر بالله، ولا يثق في قدراته، ولا يتكل على ذاته، لأن قدراته لا تقدر أن تخلصه وقت الشدة. لقد تعلمت العذراء العفيفة أن تتكل، وتفتخر بالله بحسب وصية إرميا النبي، القائل: "هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: لاَ يَفْتَخِرَنَّ الْحَكِيمُ بِحِكْمَتِهِ، وَلاَ يَفْتَخِرِ الْجَبَّارُ بِجَبَرُوتِهِ، وَلاَ يَفْتَخِرِ الْغَنِيُّ بِغِنَاهُ. بَلْ بِهذَا لِيَفْتَخِرَنَّ الْمُفْتَخِرُ: بِأَنَّهُ يَفْهَمُ وَيَعْرِفُنِي أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الصَّانِعُ رَحْمَةً وَقَضَاءً وَعَدْلًا فِي الأَرْضِ، لأَنِّي بِهذِهِ أُسَرُّ، يَقُولُ الرَّبُّ" (إر9: 23- 24).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
عرفت العذراء عظمة الله ورحمته، واتكلت عليه باعتزاز وفخر، لذلك أجابت على مديح أليصابات لها بإعلان افتخارها بالله، قائلة: "... تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ..." (لو1: 46- 48).
القارئ العزيز... اطلب باجتهاد أن يكشف الله عن عينيك، فيظهر لك عظمة قوته وشدة محبته لك، ومقدار رحمته الفائقة نحوك، حينئذ ستفتخر به على الدوام، كما افتخرت به العذراء القديسة، وكما افتخر به أيضًا الرسول بولس، الذي قال باعتزاز: "اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ" (أف2: 4- 5).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/mary-zaytoun/pride.html
تقصير الرابط:
tak.la/3knzkv9