زارت العذراء القديسة والدة الإله أليصابات، لتخدمها في الشهور الأخيرة من حبلها، وبمجرد وقوع سلام العذراء على أذني أليصابات امتلأت أليصابات من الروح القدس، وارتكض الجنين -يوحنا المعمدان- في بطنها، كقولها: "فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي" (لو1: 44). لقد امتلأت أليصابات ومعها جنينها من السلام والبهجة، لأن العذراء كانت تحمل في أحشائها ملك السلام ابن الله الكلمة... وتكرر الحدث بصورة مشابهة مرة أخرى بعد مرور أكثر من ألفي عام في ضاحية الزيتون في القاهرة، عندما أطلت العذراء بطيفها من فوق قباب كنيستها على الجموع المحتشدة فامتلأت الجموع المحتشدة بهجة وسلام، ولكن هذه المرة كانت والدة الإله تحمل الله الكلمة في كيانها وفي داخل قلبها. لقد أشاعت السلام والبهجة في نفوس الناس من كلِّ الأجناس والأديان. نسى الناس عند رؤيتهم لها ما يقلقهم، وتخلوا عن ما يؤرقهم من الشكوك، ونسوا الشرور ومحبة الذات والأنا، وانسكبت دموعهم طالبين رحمة الله والنصيب السماوي الصالح.. ليكونوا مع السيد الرب ومع العذراء القديسة ومجمع القديسين كل حين.
لقد سجلت إحدى السائحات النمساويات شهادتها وذكرياتها في كتيب باللغة الألمانية، قائلة: "لم تخرج أي كلمة رديئة مني وقت الظهور... لقد شعرت برهبة ومسئولية كبيرة، فأنت لا يمكنك أن تتفوه بأي كلام غير لائق وسط هذا كله"، لقد انطبع داخل قلب هذه الشابة مشاعر لا تمحى، وظلت تتكلم عن هذا التجلي، وما صاحبة من مشاعر سماوية فائقة.
إن لقاء أم الله والقديسين عمومًا، وما يصاحبه من مشاعر فرح وهيبة بالحضور الإلهي، وأيضًا مشاعر اتضاع وصفاء في النفس، يمكن تشبيهه بانفتاح باب السماء، الذي يُمَكِّن النفس من اختبار أمجاد وأفراح السماء. لقد أطلقت الكنيسة في صلواتها على العذراء لقب باب السماء، قائلة: "إذا ما وقفنا في هيكلك المقدس نحسب كالقيام في السماء، يا والدة الإله أنتِ هي باب السماء افتحي لنا باب الرحمة" (صلوات السواعي)[15]
القارئ العزيز... إن من يحمل الله في داخله يشابه العذراء الملكة، التي حملت الرب الإله في أحشائها متجسدًا، وعلى ذراعيها، وفي قلبها فأشاعت السلام لمن حولها. لقد اشتهر القديس أغناطيوس تلميذ القديس يوحنا الحبيب الإنجيلي بلقب حامل الإله (ثيؤفوروس) بسبب قوة تأثيره الروحي على سامعيه. فيا ليتك يا أخي القارئ تحمل داخلك إلهك القدوس، من خلال علاقة قوية ثابتة فيه، لكيما تحول الأرض حولك إلى فردوس نعيم مليء بالأفراح.
_____
[15] القطعة السادسة من صلاة الساعة الثالثة من الأجبية المقدسة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/mary-zaytoun/gates.html
تقصير الرابط:
tak.la/s97j444