اشتهرت فلسطين بالآبار التي تحتفظ بمياه الأمطار، والتي تسقط بكثرة في موسم الشتاء، وقد كان الموت عطشًا وجوعًا أو غرقًا هو النهاية المؤكدة لمن يسقط في جب عميق مظلم مملوء بالطين. لقد شبه داود النبي الضيقات الشديدة بالجب السفلي، وشبه الصلاة للنجاة منها بالخروج من الجب، كقوله: "وَأَصْعَدَنِي مِنْ جُبِّ الْهَلاَكِ، مِنْ طِينِ الْحَمْأَةِ، وَأَقَامَ عَلَى صَخْرَةٍ رِجْلَيَّ. ثَبَّتَ خُطُوَاتِي" (مز 40: 2).
ألقى أولاد يعقوب أخيهم يوسف في الجب دون رحمة، وصرخ يوسف لله، لينقذه من ضيقة نفسه، التي أتت عليه بسبب شر لا ذنب له فيه... واستجاب الله سريعًا، وأرسل قبائل الإسماعيليين الذاهبين لمصر، فأخرجه إخوته من الجب وباعوه لهم، وهكذا خرج يوسف ليس من الجب فقط، بل أيضًا من أرض إسرائيل.. ولم يعد يوسف الابن المدلل لأبيه الشيخ، بل إنسان مجاهد يتعلم اللغة المصرية، ويكد في العمل، فأنجحه الله في عمله، ثم تَدَرَّج يوسف في سلم الوظائف، حتى صار مدبرًا لبيت أو قصر فوطيفار، ولكن يوسف بعد ذلك أصابته ضيقة عظيمة أخرى، وذلك عندما اتهمته امرأة فوطيفار ظلمًا بمحاولة الاعتداء عليها، فَأُلقِيَّ في السجن. وصرخ يوسف لله مرة أخرى ليُخرِجَهُ من الضيق ولكن الزمن طال، إلى أن تقابل يوسف مع رئيس سقاة فرعون في السجن، ولم يذكر رئيس السقاة يوسف أمام فرعون بعد خروجه من السجن كما كان يوسف يأمل، ولكن الله أخرجه من السجن (الجب السفلي) مرة أخرى عندما طلبه فرعون، ليفسر له الحلم الذي رآه في نومه. لم يخرج يوسف من السجن فقط، لكنه ملك مع فرعون، لأنه صار المدبر لكل أرض مصر.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
القارئ العزيز... إن الله أخرج يوسف من أرض إسرائيل ليحميه من تدليل أبيه له... ودربه في بيت فوطيفار وفي السجن على العمل وأنجحه، ليصبح مدبرًا صالحًا لمصر أو للعالم كله... وخلصه من ظلم امرأة فوطيفار له ومن السجن أيضًا.
فلا تخف يا أخي إن شابهت يوسف الصديق. فإن تسبب الأشرار في وقوعك في الضيق (الجب السفلي)! تذكر، ولا تنس وعد الله، القائل: "وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ..." (رو 8: 28).
لا تخف من فخاخ الأشرار، ولا تحزن إن أُلقيت في جب سفلي وأنت بريء، لأن قدرة الله العجيبة التي رفعت يوسف البريء من الجب السفلي إلى المجد العظيم لن تتركك.. وسيعطيك الله أكثر جدًا مما تتوقع، كقوله: "وَالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا" (أف 3: 20).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/beneficent/up.html
تقصير الرابط:
tak.la/m3bzb9h