"لِكَيْ يُعْطِيَكُمْ بِحَسَبِ غِنَى مَجْدِهِ، أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ" (أف 3: 16).
باطن الإنسان يحمل مبادئه، مشاعره، صفاته، مميزاته، قوته، احتماله وطباعه. وقد اعتاد الناس أن ينسبوا الصفات السابقة لروح الإنسان، فيقولون مثلًا: فلان "روحه حلوة". أما معلمنا بولس الرسول فقد ذكر أن هناك إنسان باطني داخل الإنسان، ولعله يقصد بهذا روح الإنسان، التي يعمل فيها الله بنعمته.
إن قوة الإنسان ليست في جسده وعضلاته فقط، ولكنها بالأولى في الإمكانات التي لروحه أو لإنسانه الباطن، وقد أعطى الكتاب أهمية عظمى للقوة الروحية للإنسان أكثر من الجسدية، بقوله: "رُوحُ الإِنْسَانِ تَحْتَمِلُ مَرَضَهُ، أَمَّا الرُّوحُ الْمَكْسُورَةُ فَمَنْ يَحْمِلُهَا؟" (أم 18: 14).
إن الإنسان الداخلي (الروح) الخالي من نعمة الله حينما يكون ضعيف يتألم، ويعاني دون وجود سبب حقيقي، كقول الكتاب: "وَأَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّكُمْ فَتَنْهَزِمُونَ أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ، وَيَتَسَلَّطُ عَلَيْكُمْ مُبْغِضُوكُمْ، وَتَهْرُبُونَ وَلَيْسَ مَنْ يَطْرُدُكُمْ" (لا 26: 17). وقد أعطى سفر الأمثال صفات كثيرة جيدة لروح الإنسان المملوء من نعمة الله، نذكر منها: الأمين الروح، المتواضع الروح، الوقور الروح، الطويل الروح وهكذا... إن الضيقات والمشاكل التي يتعرض لها الإنسان، يضعف مفعولها على الإنسان الروحاني الملتصق بالله، ويزداد تأثيرها بصورة مبالغ فيها على الإنسان الضعيف روحيًا.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ويخطئ من يظن أن الضيق يقاس بمقدار بالأحداث المؤسفة التي يتعرض لها الإنسان، ولكن الضيق يقاس باتسعاع القلب أو قوة الروح واحتمالها. وخير دليل على ذلك قول معلمنا بولس: "... لأَنِّي مُسْتَعِدٌّ لَيْسَ أَنْ أُرْبَطَ فَقَطْ، بَلْ أَنْ أَمُوتَ أَيْضًا فِي أُورُشَلِيمَ لأَجْلِ اسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ" (أع 21: 13)، لقد بيّنَ الرسول لأهل كورنثوس حاجتهم لنعمة الله التي تهبهم اتساع القلب، قائلًا: "لَسْتُمْ مُتَضَيِّقِينَ فِينَا بَلْ مُتَضَيِّقِينَ فِي أَحْشَائِكُمْ. فَجَزَاءً لِذلِكَ أَقُولُ كَمَا لأَوْلاَدِي: كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُتَّسِعِينَ!" (2كو 6: 12، 13).
ويمد الله الإنسان دائمًا بنعمه ومواهبه عن طريق عمل روحه القدوس فيه، فيغنيه داخليًا، ويصيره قويًا، كقوله: "فَتَقَوَّ أَنْتَ يَا ابْنِي بِالنِّعْمَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (2 تي 2: 1). ولذلك أمر القديس يعقوب الرسول من يعاني من ضيقات، قائلًا: "أَعَلَى أَحَدٍ بَيْنَكُمْ مَشَقَّاتٌ؟ فَلْيُصَلِّ. أَمَسْرُورٌ أَحَدٌ؟ فَلْيُرَتِّلْ" (يع 5: 13). فيا ليتنا نلجأ بثقة وإيمان لله، حتى يتقوى إنساننا الباطن.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/beneficent/inner.html
تقصير الرابط:
tak.la/4k8qjzw