واجه معلمنا بولس الرسول الكثير من الأتعاب أثناء خدمته لأهل كورنثوس، لكنه قبلها جميعًا دون تذمر، وقد ذكر الرسول بعضًا من أتعابه واحتماله في رسالته للكورنثيون، قائلًا: "... فِي صَبْرٍ كَثِيرٍ، فِي شَدَائِدَ، فِي ضَرُورَاتٍ، فِي ضِيقَاتٍ، فِي ضَرَبَاتٍ، فِي سُجُونٍ، فِي اضْطِرَابَاتٍ، فِي أَتْعَابٍ، فِي أَسْهَارٍ، فِي أَصْوَامٍ" (2كو6: 4- 5). بل عاد الرسول وأضاف استعداده لتحمل الأتعاب بسعة قلب، قائلًا: "فَمُنَا مَفْتُوحٌ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الْكُورِنْثِيُّونَ. قَلْبُنَا مُتَّسِعٌ" (2كو6: 11). إن سعة القلب أو احتمال المسيئين وعدم مجازاتهم حسب شرورهم هي الصفة الأساسية التي تميز أولاد الله، كقوله: "لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ" (مت5: 45).
فالروح القدس الذي حلَّ على المؤمنين ويعمل فيهم، يُصَوِّر صورة المسيح وصفاته فيهم فيسلكوا، كما سلك الرب يسوع، لأنهم أخذوا من طبيعته المُحبة، وكلما نمت علاقتهم بالله، كلما تأصلت طبيعة المسيح وصفاته فيهم، وكلما تمكنوا من السلوك بمحبة بسهولةٍ أكبر.
لقد أكد الوحي الإلهي على ضرورة السلوك، كما سلك المسيح، كقوله: "مَنْ قَالَ: إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ يَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضًا" (1يو2: 6).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وقد لخص الرب وصية الحب بطريقة عملية في وصايا عدم مقاومة الشر بالشر والإحسان للمبغضين ومحبة الأعداء والمسيئين وعمل الخير مع الجميع، دون انتظار العوض، وأيضًا الرحمة مع الخاطئين، وعدم إدانة الآخرين... وهكذا يمكننا أن نصف القلب المحب بأنه قلب متسع للجميع.
القارئ العزيز... إن الإنسان الذي اتسع قلبه بالروح القدس لا يعاني الضيق كثيرًا لأن عيناه لا تأخذ الكثير من تصرفات الناس على محمل الشر، وهو لا يلاقي شرًا كثيرًا، لأنه لا يقاوم الشر بالشر. هو يُقدِّر ضعف البشر، ويستطيع أن يتغاضى عن أخطاء الغير ويغفر للمسيئين، لأنه ينظر إليهم بعين الرحمة، ومن خلال ضعفه. وهو يثق أن الله سيعوضه أجرًا صالحًا بسبب طاعته له، كقوله: "فَكُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ أَيْضًا رَحِيمٌ. "وَلاَ تَدِينُوا فَلاَ تُدَانُوا. لاَ تَقْضُوا عَلَى أَحَدٍ فَلاَ يُقْضَى عَلَيْكُمْ. اِغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ" (لو6: 36- 37). وهو أيضًا مطمئن لأنه يثق في رعاية الله له، ويثق أيضًا في سلطان الله على كل من حوله، لهذا يسلم حياته بين يديه، كقول الرب لبيلاطس البنطي عندما هدده بالصلب: "... لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانٌ الْبَتَّةَ، لَوْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُعْطِيتَ مِنْ فَوْقُ... " (يو 19: 11).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/beneficent/heart.html
تقصير الرابط:
tak.la/d3m9f4p