يعاني الناس البعيدون عن الله من الاضطراب والقلق والخوف على الدوام، بسبب تضخيمهم للمشاكل والمتاعب التي تقابلهم في حياتهم اليومية، فإن خفت حدتها في حياتهم، نجدهم يتخيلون ما سيأتي به الزمن من مصاعب وأتعاب مستقبلية أخرى، ويضطربون لها مقدمًا. وهكذا هم لا يهنئون بحياتهم على الدوام، إن من يفقد سلامه يحيا في عذاب، ولا يمكنه أن يرى أو يتمتع بما حوله من خير، وعلى عكس ذلك من يتمتع بالسلام يحيا في راحة، ويمكنه أن يفرح وسط الضيق والشدة. لقد صور سفر الأعمال عظمة السلام والفرح، الذي تمتع به معلمنا بولس الرسول ورفيقه سيلا، وهما مسجونان في فيلبي عندما أخذا يسبحان الله، بعدما ضربا بالعصي، وألقيا في السجن الداخلي. لقد كانا يتمتعان بسلام الله العجيب، ولهذا تأثر المسجونون بحالة السلام القلبي التي كانت تملأ قلبيهما، كقول الكتاب: "وَنَحْوَ نِصْفِ اللَّيْلِ كَانَ بُولُسُ وَسِيلاَ يُصَلِّيَانِ وَيُسَبِّحَانِ اللهَ، وَالْمَسْجُونُونَ يَسْمَعُونَهُمَا" (أع 16: 25).
إنَّ الرب يسوع هو مانح السلام وحده لأنه ملك السلام. وهو قد أتى لكي يمنح سلامه للعالم المضطرب بالمخاوف، كقوله: "سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ" (يو 14: 27).
لقد بددت ظهورات الرب يسوع المسيح بعد قيامته المقدسة مخاوف أحبائه وتلاميذه، وملأت قلوبهم سلامًا. ومن أمثال تلك الظهورات ظهوره لتلاميذه في العلية في أورشليم، وقوله لهم: "سَلاَمٌ لَكُمْ"، وأيضًا ظهوره للمريمات عند القبر، ولتلميذي عمواس في الطريق، ولسبعة من تلاميذه على بحيرة طبرية، وظهوره أيضًا لتلاميذه في الجليل وهكذا...
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
إن الرب يسوع المسيح ما زال حتى الآن على استعداد لإظهار ذاته لأحبائه، ليمنحهم سلامه، كوعده الصادق: "اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي، وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي، وَأَنَا أُحِبُّهُ، وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي" (يو 14: 21). ولكن هل نحن نحبه ونتعلق به، ونلقي همّنا عليه مثل أسرة لعازر، الذي أقامه الرب من الأموات، عندما أرسلت الأختان إليه، قائلتين: "... يَا سَيِّدُ، هُوَذَا الَّذِي تُحِبُّهُ مَرِيضٌ" (يو 11: 3).
إن سلامَ الرب هبةٌ ثمينةٌ ليس لها مثيل؛ لأنه يبدد كل قلق، ويعطي للنفس راحة لا مثيل لها، فيا ليتنا نقف أمام الله بانتظام في الصلاة، لنمتلئ من ذلك السلام العجيب، الذي قيل عنه: "وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (في 4: 7).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/beneficent/giver-of-peace.html
تقصير الرابط:
tak.la/v2cgg64