يعمل الخيال الخصب عمله في عقل الخائف، فيتخيل احداث إضافية سيئة مقبلة عليه، وكأنها قد أتت بالفعل، فيكتئب وتخور قواه، ويسلك بطريقة خاطئة. لقد ذكر الكتاب المقدس أن نحميا والي اليهودية قد تعرض لحرب تخويف من أعدائه.
علم أعداء اليهود أن نحميا قد قرر بناء أسوار أورشليم، ولما لم يسرهم ذلك، أخذوا يقاومونه بأساليب عديدة، كقول الكتاب: "وَلَمَّا سَمِعَ سَنْبَلَّطُ الْحُورُونِيُّ وَطُوبِيَّا الْعَبْدُ الْعَمُّونِيُّ وَجَشَمٌ الْعَرَبِيُّ هَزَأُوا بِنَا وَاحْتَقَرُونَا، وَقَالُوا: مَا هذَا الأَمْرُ الَّذِي أَنْتُمْ عَامِلُونَ؟ أَعَلَى الْمَلِكِ تَتَمَرَّدُونَ؟" (نح 2: 19).
استخدم أعداء نحميا أسلوب التخويف ليوقفوه عن عمله في بناء السور، كقوله: "لأَنَّهُمْ كَانُوا جَمِيعًا يُخِيفُونَنَا قَائِلِينَ: قَدِ ارْتَخَتْ أَيْدِيهِمْ عَنِ الْعَمَلِ فَلاَ يُعْمَلُ، فَالآنَ يَا إِلهِي شَدِّدْ يَدَيَّ" (نح 6: 9). فأرسل أعداء نحميا رسلًا يهددونه بإبلاغ ملك بابل زورًا، أنه يقود ثورة ضده، ومرة أخرى استأجروا نبيًا كذابًا من اليهود اسمه شمعيا بن دلايا يطلب منه الدخول للهيكل وإغلاق أبوابه للاحتماء فيه، كقوله: "وَدَخَلْتُ بَيْتَ شَمْعِيَا بْنِ دَلاَيَا بْنِ مَهِيطَبْئِيلَ وَهُوَ مُغْلَقٌ، فَقَالَ: لِنَجْتَمِعْ إِلَى بَيْتِ اللهِ إِلَى وَسَطِ الْهَيْكَلِ وَنُقْفِلْ أَبْوَابَ الْهَيْكَلِ، لأَنَّهُمْ يَأْتُونَ لِيَقْتُلُوكَ. فِي اللَّيْلِ يَأْتُونَ لِيَقْتُلُوكَ" (نحميا 6: 10).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
لكن نحميا أجاب شمعيا، بقوله له: "... أَرَجُلٌ مِثْلِي يَهْرُبُ؟.. لاَ أَدْخُلُ!!" (نح 6: 11). وتحقق نحميا فيما بعد أن أعداء اليهود استأجروا شمعيا، لكي يخيفوه ويهزأوا به.
إنَّ الخوف متى تمكن من إنسان يُنهك قواه، ويلاشي مقدرته على العمل، ويُضعف إرادته وهمته.
لكن نحميا لم يستسلم للخوف بل كان يتشدد بالله طالبًا بإيمان، قائلًا: "... فَالآنَ يَا إِلهِي شَدِّدْ يَدَيَّ" (نح 6: 9). لقد تعود نحميا أن يضع مخاوفه أمام الله الذي كان يبددها، حتى كمل البناء، كقوله: "اذْكُرْ يَا إِلهِي طُوبِيَّا وَسَنْبَلَّطَ حَسَبَ أَعْمَالِهِمَا هذِهِ... وَكَمِلَ السُّورُ فِي الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ أَيْلُولَ، فِي اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ يَوْمًا" (نح 6: 14، 15).
القارئ العزيز... إن عدم الخوف أو الشجاعة قرار يتخذه الإنسان أولًا، ويتممه الله بنعمته، كما أشرنا من قبل.. فقاوم الخوف وأرفضه، لأنك إن قبلته سينمو داخلك بمساعدة خيالك الخصب، ليصبح ماردًا عظيمًا. وهكذا يقيدك، ويشلّ قدرتك على الحياة، ولكن عليك أن تضع مخاوفك أمام الله. تذكر أن الله خلصك قبلًا من مخاوف عديدة، كقول المرنم: "طَلَبْتُ إِلَى الرَّبِّ فَاسْتَجَابَ لِي، وَمِنْ كُلِّ مَخَاوِفِي أَنْقَذَنِي" (مز 34: 4).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/beneficent/decision.html
تقصير الرابط:
tak.la/k57tn4y