St-Takla.org  >   books  >   fr-athnasius-fahmy  >   st-ilarion
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب القديس إيلاريون الكبير، أب رهبان فلسطين (أنطونيوس غزة والشام) - القمص أثناسيوس فهمي جورج

1- مقدمة

 

إن الطريق المؤدى إلى الحياة ضيق وشاق، لذا لزم أتعمق في فكر آباء الكنيسة الذين رسموا الطريق بخطواتهم في طريق الطاعة والقداسة وحفظ الوصية والتخلي عن كل معرفة بشرية ذاتية، لكي نتعلم من جديد أن نمشى وأن نبصر وأن نتكلم وأن نصمت فطوبى للكنيسة الممجدة بمثل هؤلاء الآباء القديسين والشهداء والمعلمين والنساك.

إنهم يستوعبون أبعاد الحياة الروحية ويسيرون قدمًا في طريق الأبوة الروحية الحقيقية، على درب الشهادة الحية العملية، لذلك تتطلع إليهم أبصار الجميع، ونحن نحبهم ونكرمهم كرسل لله، أتوا وعلمونا وصلوا من أجلنا وسلمونا الطريقة التي نسلكها فنكتشف سر (بداية الطريق)، فنجد ملكوت الله وبره.

St-Takla.org Image: Saint Hilarion the Great - Menologion of Basil II, 10th century manuscript, Vatican Library. صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس إيلاريون الكبير - من مخطوط كتاب خدمات الإمبراطور باسيليوس الثاني، القرن العاشر، مكتبة الفاتيكان.

St-Takla.org Image: Saint Hilarion the Great - Menologion of Basil II, 10th century manuscript, Vatican Library.

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس إيلاريون الكبير - من مخطوط كتاب خدمات الإمبراطور باسيليوس الثاني، القرن العاشر، مكتبة الفاتيكان.

تعاليمهم مملوءة بالحكمة والنضارة الدائمة والخبرة المتجددة، لذلك العودة إلى كتاباتهم إحياء دائم لتذكاراتهم، فيزداد إيماننا قوة، ورجاؤنا ثباتًا، وجهادنا خبرة.

قدموا حيلتهم بعد أن التهبوا بالمحبة الإلهية وبنار العشق الإلهي، بعضهم قدم جسده للشهادة بالدم ليشتمها المسيح رائحة زكية وبعضهم قدم نفسه ذبيحة عاقلة بالجهاد والسلوك بلا عثرة، بالذهن والقلب والإرادة القادرة.

وصار لهم الإدراك الروحي والعلم الداخلى، يشتعلون النار الإلهية بلا توقف، ويميتون شهواتهم بلا انقطاع، فاستنارت أعين قلوبهم وأناروا العالم بكلماتهم وقدوتهم في تدبير وتوافق، بعد أن أنعم عليهم المسيح بالكشف عن أسراره.

بسطوا أذهانهم نحو السماء وتمسكوا بسلاح الله الكامل، مقدمين حياتهم مبذولة كموضوع سرور لله، في زهد نقى وفي ملء المعرفة، أغنياء في طهارتهم وبساطة قلبهم، مقدمين أعمالهم كقربان مقدس... فلنتمثل بهم ولنسلك على أثر خطواتهم، إذ أنهم شفعاء لنا يعينونا ويقودنا إلى الهدف.

إنهم ينابيع تنبع دائمًا بلا انقطاع وتمنح المبلين إليها الماء، الطوبى لهم لأنهم قدموا ذاتهم بإرادتهم، فالطوبى لهم لأنهم أتعبوا أجسادهم بالسهر الروحي والنسك، الطوبى لهم لأنهم منطقوا أحقائهم بالحق وحملوا المصابيح، الطوبى لهم لأنهم اقتنوا السكنى مع الله.

ومن هؤلاء الآباء صاحب هذه السيرة القديس إيلاريون الكبير الملقب بـ(أنطونيوس غزة والشام)، الذي تعلم أساسيات الإيمان المسيحي في مدرسة الإسكندرية اللاهوتية، وتتلمذ للقديس العظيم الأنبا أنطونيوس العمود المضئ، فصار إناء للمعرفة والفرح ومثالًا للنساك وصنع الآيات.

فلنتمثل بهذه السيرة وبصاحبها المغبوط إيلاريون الذي عرف أن يصنع مشيئة خالقه، مثل نور يرشدنا إلى الخلاص، ومثل مدينة حصينة فوق جبل، وسراج على منارة يهدى أقدامنا في الطريق.

لعلنا نقدم في هذه السلسلة (أخثوس ΙΧΘΥΣ) الفكر الآبائي المسجل بأحرف ذهبية، ليس فقط في مخطوطات وأثريات تفنى وتذوب وتحترق، بل أيضًا في سجلات قلوب تذكر على الدوام أن الأبناء كانوا أوفياء للآباء، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وأن التلاميذ تمسكوا بمواعظ وأقوال معلميهم كعودة إلى الينابيع الحقيقية وكرجوع إلى الأصول الثابتة، ونرجو أن تستمر هذه السلسلة (أباء الكنيسة) منارة وضاءة في الأفاق.

ونرجو أن نسهم بنشرنا لهذه السلسلة الآبائية في تفتح الوعي الروحي للشعب تجاه أباء الكنيسة ومناهجهم الروحية في العليم والمنهج بحسب تعليمهم الأصيل، فيصير مختبرًا على مستوى الواقع، وتستنير حياة الكثيرين وتتأصل الحياة المسيحية على نهج الروحانية الآبائية، وتزداد قدرات القائمين بالتعليم والرعاية لاكتشاف مزيد من النور والدروب والحياة مع الله.

ذاكرين عمل الله في وسطنا ويده العالية في هذه الخدمة، فليتمجد ويتبارك اسمه العظيم القدوس.. ففي هذه الآونة تمر الإكليريكية والتربية الكنسية بمراحله من أزهى وأهم مراحلها في الدراسات اللاهوتية والرعوية والمسكونيات، وتتبوأ مكانًا متميزًا وسط اهتمامات الكنيسة.

ونعرب عن شكرنا العميق لصاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوي من أجل مساهمته بالغة الأثر ومن أجل أفضاله وتشجيعه، ومديونون بالشكر لصاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين الذي يساندنا بصلواته وأبوته...

الله يجعل هذا العمل سبب بركة لكثيرين، بصلوات أبينا الباب الطوباوي الأنبا شنودة الثالث، وللثالوث القدوس المجد من الآن وإلى الأبد آمين.

 

غارة عربان الصعيد

على برية شيهيت

1 برمودة 1710

9 إبريل 1994 م.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/st-ilarion/intro.html

تقصير الرابط:
tak.la/t8mahzm