(هـ) الرق عند الوثنيين(44):
كان الرق أحد دعامات الوثنية الأساسية، وجثم كلعنة على كل الشعوب، يستوي في ذلك الشعوب المتخلفة والمتحضرة كالإغريق والرومان... كانت أعداد العبيد أضخم من المولودين أحرارًا والمعتقين. ويقدر المؤرخ جيبون Gibbon عدد العبيد تحت حكم كلوديوس قيصر بما لا يقل عن نصف إجمالى سكان الإمبراطورية الرومانية - أي نحو ستين مليونًا!!
لقد أيد أعظم فلاسفة العالم القديم نظام الرق، كنظام طبيعي وضروري. وأعلن أرسطو أن جميع البرابرة (غير المتحضرين) عبيد بالمولد، وأنهم لا يصلحون لشيء سوى الطاعة. وفي القانون الروماني، ليس للعبيد كيان في الحكومة، ولا اسم، ولا لقب، ولا سجلات... ليس لهم حق الزواج، ولا حماية لهم ممن يريد أن يرتكب معهم الفحشاء... كانوا - كما يصفهم أحد الكتاب (في حالة أسوأ بكثير من الماشية)...
لقد طرد كاتو Cato -عضو الشيوخ الروماني الشهير- عبيده من البيت والوطن بعد أن طعنوا في السن. وهدريان الذي يعتبر من أكثر الأباطرة الرومان عدلًا، قلع عن عمد عين أحد عبيده بقلمه!! كانوا ينظرون للعبد أنه بلا ضمير... لذا إن دعي للشهادة في أي أمر، كان لا بُد وأن يعذب مقدمًا حتى ما يستنطقوه الحق... قد تؤخذ منه زوجته لتصبح محظية سيده، أو لتصير عاهرة، دون أن يكون له حق الاعتراض!!!
أما الإماء، فكان الموت شرًا أهون من العار الذي لصق بهن دائمًا... كان الرق يغذي العهارة والفسق في كل صورهما... كان للسيد الحرية المطلقة في أن يبيع أمته وبناتها الصغار اللائي أنجبتهن منه إلا إذا تفضل ورأى الإبقاء عليهن. وكان القانون لا يحمي الأمة من الدنس. لم يكن لها حرية الاختيار في الدنس بالنسبة لسيدها، بل كان يمكنه أن يعيرها - لنفس الغرض الشرير لمن يشاء... كانت المرأة الحرة هي وحدها التي يكفل القانون حماية شرفها، لأن القانون لم يكن يحمي سوى الأحرار... أما العبيد فلم يكونوا في نظر الرومان، سوى جسد فقط(45)!!
_____
(44) Schaff, Vol, 1, pp. 445, 446.
(45) De Pressense, Vol, 1, p. 425.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/heathen-slavery.html
تقصير الرابط:
tak.la/nj45w69