يعتبر البعض أن برهان قداسة إنسان هو أنه يُجري المعجزات، بينما يشهد الكتاب المُقدَّس بعكس ذلك:
قديسون لم يعملوا معجزات - أشرار عملوا معجزات
قيل عن يوحنا المعمدان: "إنَّ يوحَنا لم يَفعَلْ آيَةً واحِدَةً" (يو 41:10). هذا الرجل الذي شهد عنه السيد المسيح بنفسه قائلًا: "لأني أقولُ لكُمْ: إنَّهُ بَينَ المَوْلودينَ مِنَ النساءِ ليس نَبيٌّ أعظَمَ مِنْ يوحَنا المعمدانِ، ولكن الأصغَرَ في ملكوتِ اللهِ أعظَمُ مِنهُ" (لو 28:7).
وكذلك لم يُسمع عن كثيرين من الآباء أنهم عملوا معجزات مثل: إبراهيم، وإسحق، ويعقوب، ويوسف، وصموئيل، وإشعياء.... فليست المعجزة برهان على قداسة السيرة، بل قداسة السيرة برهان صدق المعجزة، وأنها من عمل الله.
* "كثيرونَ سيقولونَ لي في ذلكَ اليومِ: يا رَبُّ، يا رَبُّ! أليس باسمِكَ تنَبّأنا، وباسمِكَ أخرَجنا شَياطينَ، وباسمِكَ صَنَعنا قوّاتٍ كثيرَةً؟ فحينَئذٍ أُصَرحُ لهُمْ: إني لم أعرِفكُمْ قَطُّ! اذهَبوا عَني يا فاعِلي الإثمِ!" (مت 22:7-23).
لقد تنبأ "بلعام بن يعور"، ولكنه كان مرفوضًا من قِبَل الله..
* "ويلٌ لهُمْ! لأنَّهُمْ سلكوا طريقَ قايينَ، وانصَبّوا إلَى ضَلالَةِ بَلعامَ لأجلِ أُجرَةٍ، وهَلكوا في مُشاجَرَةِ قورَحَ" (يه 11).
* "لكن عِندي علَيكَ قَليلٌ: أنَّ عِندَكَ هناكَ قَوْمًا مُتَمَسكينَ بتعليمِ بَلعامَ، الذي كانَ يُعَلمُ بالاقَ أنْ يُلقيَ مَعثَرَةً أمامَ بَني إسرائيلَ: أنْ يأكُلوا ما ذُبِحَ للأوثانِ، ويَزنوا" (رؤ 14:2).
وتنبأ قيافا رئيس الكهنة بخصوص السيد المسيح.. "فقالَ لهُمْ واحِدٌ مِنهُمْ، وهو قَيافا، كانَ رَئيسًا للكهنةِ في تِلكَ السَّنَةِ: أنتُمْ لستُمْ تعرِفونَ شَيئًا، ولا تُفَكرونَ أنَّهُ خَيرٌ لنا أنْ يَموتَ إنسانٌ واحِدٌ عن الشَّعبِ ولا تهلِكَ الأُمَّةُ كُلُّها! ولم يَقُلْ هذا مِنْ نَفسِهِ، بل إذ كانَ رَئيسًا للكهنةِ في تِلكَ السَّنَةِ، تنَبّأَ أنَّ يَسوعَ مُزمِعٌ أنْ يَموتَ عن الأُمَّةِ، وليس عن الأُمَّةِ فقط، بل ليَجمَعَ أبناءَ اللهِ المُتَفَرقينَ إلَى واحِدٍ" (يو 49:11-52). وطبعًا لم يكن قيافا قديسًا، فلقد تورط في صلب السيد المسيح بقلب قاس جاحد.
حقًا.. "ليس كُلُّ مَنْ يقولُ لي: يا رَبُّ، يا رَبُّ! يَدخُلُ ملكوتَ السماواتِ. بل الذي يَفعَلُ إرادَةَ أبي الذي في السماواتِ" (مت 21:7).
وكذلك حق ما قاله القديس بولس الرسول: "وإنْ كانَتْ لي نُبوَّةٌ، وأعلَمُ جميعَ الأسرارِ وكُلَّ عِلمٍ، وإنْ كانَ لي كُلُّ الإيمانِ حتَّى أنقُلَ الجِبالَ، ولكن ليس لي مَحَبَّةٌ، فلستُ شَيئًا" (1كو 2:13).
ونفس التعليم جاء في تراث الآباء النُساك القديسين.. فمثلًا قال القديس "أنسطاسيوس السينائي":
"ليس كل مَنْ يعمل آيات قديسًا، بل نجد كثيرين يعملون آيات، وتتلاعب بهم الشياطين، لأننا قد فهمنا من حال أسقف هيراطيقي اسمه "مقدونيوس"، مُحارب الروح القدس، أنه قد نقل شجرة زيتون من موضعها، وغرسها في موضع آخر بشكل الصلاة.
وحدث كذلك أن كان رجل ظالم قد أزعج امرأة أرملة لأجل دين كان له على زوجها، وزاد قيمة الدين عن الحقيقة، ولم يكن الميت قد دُفن بعد، فما كان من ذلك الأسقف المذكور إلاَّ أن جعل الميت يتكلّم ويخبر بمقدار الدين.
كذلك لمَّا مات ذلك الأسقف الهيراطيقي، ظهرت على قبره خيالات كثيرة وعملت آيات.
من أجل ذلك لا يجب أن تقبل كل مَنْ يعمل آيات قائلًا إنه قديس، بل يجب أن يمتحنوا ويختبروا على رأي القائل: لا تصدقوا كل روح، بل جربوا إن كان ذلك الروح من الله، لأن أنبياء كثيرين كذابين قد خرجوا إلى العالم.
والرسول يقول: إن هؤلاء رسل كذابون وفعلة غاشون، متشبهون برسل المسيح، وأن الشيطان يظهر بشكل ملاك النور، فلا عجب أن كل خدامه يتشكلون بشكل خدام العدل، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. لأن الشياطين الأنجاس بواسطة الأنبياء الكذبة يصنعون آيات وأشفية جسدية ليخدعوا مَنْ كان سهل الانقياد لخداعهم، وقد يظهرون أحيانًا ميتًا قائمًا بواسطة صلاة بطالة من إنسان مُضل، وذلك بأن يدخل إبليس في جسد الميت ويحركه ويخاطب الأحياء من وجه الميت، ويجيب الإنسان المخدوع عمَّا يسأله، ويخبر عن أشياء مخفية وعمَّا عمله قوم سرًا، حتى إذا وثقوا به أنه صادق، سهل عليه إدخال الضلالة التي تخصه".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-raphael/miracle/sign.html
تقصير الرابط:
tak.la/gg2xgw6