كان سفر القس متى من دير انطونيوس إلى دير المحرق بجبل قسقام بتدبير من الله لمنفعة الأخوة رهبان هذا الدير لأنه كان فيهم من لا يداوم على الصوم في كل يوم إلى التاسعة فعلمهم هذا الأب ضرورة المداومة على الصوم إلى التاسعة وكان يبذل قصارى جهده في كل يوم أمامهم كي يتعلموا منه بالنظر ما هو أفضل من السمع. فكان تارة ينقل الرماد على رأسه ويغسل به أواني المطبخ والقدور ويخدم الشيوخ والمرضى منهم ويقوم بالواجب نحو الواردين والمترددين. وكان مثالًا كبيرًا في التقشف وزهد العالم فلم يكن له ثوب ولا قنية ولا قلاية بل كان أكثر إقامته في مغارة خارج الدير يصلى فيها وكان الشيطان يثير عليه في تلك المغارة حروبا كثيرة ويظهر له خيالات مفزعة فكان يهيج عليه السباع والضباع الكاسرة ليأتوا إليه ويفترسوه. وكان هذا الأب القديس لا يخاف الضباع البتة بل كانت حينما تنظره تأنس إليه وتخافه وترهبه حتى صارت في اليوم الذي لا تجد فيه قوت رضعانها تحملها إليه وتشكوا له فيعلم شكواها ويعطيها ما عنده من الخبز لتقتات به ويترك ذاته جائعا أياما طويلة بلا أكل إلى أن يعود إلى ديره.
وكانت الوحوش المفترسة لمحبتها فيه وتعلقها به تسير معه إذا سار في الطريق وترجع عنه ولا تخالفه إذا أمرها بالرجوع. وكان مع خضوع هذه الوحوش الكاسرة لسلطانه لا يفتخر بذلك ولا يتحدث به.
وكان القس متى لا يتدبر برأي نفسه قط بل كان إذا عرض له فكرة يترك كل ما هو فيه ويسعى على قدميه ليلًا ونهارًا إلى أن يمضى إلى مدينة أخميم فيشاور أباه القمص هناك ثم يرجع إلى دير الحرق واستمر على هذا الحال فلم يبرح أن يتدبر في تصرفاته بالطاعة والاستشارة من وقت لآخر إلى اليوم الذي اتفق فيه انتقال البطريرك الذي كان قبله من هذا العالم وهو البابا غبريال الرابع.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-metaos/pope-mattheos/koskam.html
تقصير الرابط:
tak.la/qn75yvm