رسالة قوية رعوية غنية هي لتيموثاوس. رسالة ثانية من بولس في آخر أيامه. رسالة وداعية للتلميذ والأسقف والابن المحبوب بمحبة أبوية لأنه أطاعه بقلبه بالكلية، وخشى أن لا يراه قبل ساعته النهائية، ليتمسك بما قد تسلمه ويتبع كل أقوال المسيا، ويتحمل بصبر الضيقات الزمنية، ويسكب حياته ويقدم ذاته بسيرة ملائكية، ويفكره ويشجعه أنه سيم بيد رسولية، ويؤكد له ضرورة الحفاظ على الوديعة الإيمانية، وهى العقيدة والكنيسة النورانية، لا بقوته بل بقوة الروح والمحبة الأخوية، ولا يلتفت لنيرون الطاغية الأرضية. فسر قوتنا هو إرتباطنا بالحياة الأبدية، وبالآب والابن والروح الذي يوحد البشرية. فإلهنا لم يعطنا روح الفشل ولا الخوف بل الفطنة السمائية، وأعطانا نصحًا وإرشادًا بمحبته الأزلية.
لقد كتب معلمنا بولس رسالته الثانية لمعلمنا تيموثاوس وهى: رسالة قصيرة جدًا... هادفة جدًا... مهمة جدًا...
رسالة بسيطة جدًا... عميقة جدًا... لإبن محبوب جدًا... رسالة بها حنين واضح جدًا... وتنبيهات خاصة جدًا...
رسالة تتكلم عن عطايا ونعم تسلمناها من الله كوديعة؛ لأنه أحبنا جدًا جدًا جدًا...
وأيضًا تتكلم عن المسيح كمثال لنا، وتركز على قوة الروح معنا كيف يسندنا ويقوينا ويرشدنا و...
ونجد كل هذا في هذه الآية: " فإن الله لم يعطنا روح الفشل (التهيب) بل روح القوة والمحبة والنصح (الفطنة) (2تي 1: 7).
فإن الله لم يُعطنا... بل أعطانا... الحياة بالمسيح (2تي 1: 1)
إيمان من الآباء (2تي 1: 5)
نعم ومواهب (2تي 1: 6).
* وعد بالحياة: وعد الحياة التي في يسوع المسيح (2تي 1: 1) لقد قدم المسيح لنا الحياة بحياته وبموته وقيامته وصعوده... كما قال: "أما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل" (يو 10: 10) فإن الحياة التي أخذناها منه هنا هي نفسها تنبع إلى حياة أبدية... حياة فيها شبع وفرح وسرور بالروح... حياته هي نعمة لنا، وللأسف نحن الآن فيها مقيمون (رو 5: 2) ولو تمتعنا بها بمساندة روحه تبلغ بنا إلى الملئ هناك... كما هو واضح في كلمة "ليكون لهم أفضل" (الأفضل في أصلها اليونانى تفيد: يأخذونها بفيضٍ أو بغزارةٍ. وهذا طبعًا يتم في الملكوت).
* إيمان عدم الرياء: (2تي 1: 5) والكلمة اليونانية لعدم الرياء تستخدم في إختبار نقاء السوائل على ضوء الشمس لنكتشف هل السائل نقى بلا شوائب أم لا... وكأن معلمنا بولس الرسول يؤكد لتلميذه أنه شاهد جدته ووالدته على ضوء شمس البر فوجدهما بلا عيبٍ بلا رياءٍ ولا كبرياء ولا... وهذا ما ذكاه وأنشأه قويًا بالروح وجعله إنسانًا روحانيًا يُذكيه لفيض النعم والبركات التي هو فيها الآن... (هذا حلم بل أمنية بل شهوة كنيستنا أن تجده في بيوتنا لتشتعل قلوبنا بإلهنا.
* أُذكر أن تضرم (تشعل) أيضًا موهبة الله التي فيك: (2تي 1: 6) أُذكرك أى أرفع فكرك إلى مستوى العلاقة بيننا وهى الإلتقاء والإشتعال بروح إلهنا، فكلما إلتهبت نارًا وتجاوبت مع عمل الروح القدس أفرح بأننى وضعت يدى عليك لموهبة الكهنوت والرعاية، فتزداد محبتى بك بالروح المشتعل فيك، وكما أن النار تحتاج إلى وقودٍ هكذا الروح يحتاج إلى جهاد وسهر وعدم إهمال... فالتزم بحياة التقوى الحقيقية لتقترب من الرب ومنِّى بصداقة نقية...
لماذا تخاف وتهاب الضيقات والمحاربات؟ لا تتهيب أصحاب البدع المقاومين المتهودين الغنوسين، ولا يستهن أحد بحداثتك فكل المسئولية التي تحملها هي للرب وبقوة روحه التي فيك، ولا تفزع بما لحق بى من أتعاب السجن الذي أنا فيه، ولا تشعر بفراغٍ عندما أرحل من هذا العالم وأتركك وحدك...
فبروح القوة واجه،
وبروح الحب إبذل،
وبروح النصح ميز،
وبحكمة الروح تتصرف،
وهذه هي عطية قوة الروح التي معك وتُؤازرك، فأنت أفضل من أى قائد (ضابط) أرضى يحمل على كتفيه نياشين أو أوسمة.
فأنت تحمل قوة الروح،
بل تحملك قوة الروح،
بل تُظللك قوة الروح...
فتشجع يا أخى:
في الحرب بقوة الروح ولا تهاب ولا تحيا بالخوف والتهيب، فالله معنا بقوة، فلا تجزع، فأبناء الله يذهبون من قوة إلى قوة (حتى يتجلى الله أمامهم... بل الملائكة ينظروهم) "يُرون قدام الله في صهيون" (مز 84: 7)
* سر قوة الروح هي المعية (الوجود... الحضرة) مع الرب يسوع... لهذا بدأ رسالته بروح القوة، وختم رسالته بقوله: "الرب يسوع مع روحك" (2تي 4: 22)
* قوة الروح هي: قوة فوق الطبيعة، غير طبيعية، تُغير القلوب البشرية، وتفتت النفوس الحجرية، وتشعل الأرواح الأرضية التي تخضع وتطيع وتسمع وتسرع للإستجابة السمائية... فتعالوا نتعرف على قوة الآب والابن والروح:
* روح القوة: "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تُظللك" (لو 1: 34) قوة الله الآب تُظلل عليكم من أى شر أو حر أو ضرر لأنكم: أنتم بقوة الله محروسون (1بط 1: 5)
* روح الغلبة: "إذ عرفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح ومجيئه" (2بط 1: 16) عرفناكم قوة ربنا يسوع حينما كان في وسطنا على الأرض، كيف مشى على الماء، بل وتجلى أمامنا، بل قام من الأموات وظهر لنا وأكل معنا ولمسناه. فكل من إقترب من المسيح نال الغلبة والخلاص... لأنه وإن كان قد صُلب من ضعفٍ لكنه حىٌّ بقوة الله. فنحن أيضًا ضُعفاء فيه لكننا سنحيا معه بقوة الله (2كو 1: 18)
* روح النصرة: "وليملأكم إله الرجاء كل سرور وسلام في الإيمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس" (رو 15: 13) لقد إفتخر بولس الرسول بربنا يسوع المسيح وبما فعله معه في الأمم... بآيات وعجائب بقوة روح الله (رو 15: 19)
فالآب هو قوة غير مدركة، والابن هو قوة الله الملموسة، والروح القدس هو قوة الله العاملة معنا الآن فينا.
فالله صانع العجائب وحده، أرسل ابنه وصار عجبًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وخرج من البرية بعد صوم الأربعين يومًا بقوة الروح (لو 4: 14) وخرج خبره في جميع الكورة المحيطة (لو 4: 14) ما هذا؟! كيف رجع من البرية بقوة الروح وبسرعة خرج خبره وانتشرت سيرته واجتمعوا حوله، وفي أربع سنوات تقريبًا قالوا عنه: "العالم كله خرج وراءه" (يو 12: 19)
فقتلوه وظنوا أنهم أنهوا على القوة التي كانت تؤنب ضمائرهم، وبعد فترة وجيزة قام بقوته، بقوة الروح، إثنان وثمانون قوة (إثنا عشر تلميذا وسبعون رسولًا) وظلوا ثلاثة سنوات يقلقون أورشليم ويجعلون رؤسائها في حيرة وعذاب.
فقتل الرؤساء يعقوب الرسول ظانين أنهم يُروعوا الباقين، فانتشروا في كل المسكونة وصاروا أعدادًا لا تُحصى تتحرك بقوة الروح، ومنهم بولس الرسول الذي نبه تلميذه تيموثاوس بأن هذه القوة المُعطاة له معها وديعة أمانة. فقال له: "تمسك بصورة الكلام الصحيح الذي سمعته منِّى في الإيمان والمحبة التي في المسيح. إحفظ الوديعة الصالحة بالروح القدس الساكن فينا" (2تي 1: 13، 14)
ما أعظم محبتك يا الله! قبل أن تُعطينا أمانات وزنات، قبل أن تمنح لنا أفخر الهبات وهبت لنا بل أودعت فينا:
* روحك القدوس. * معرفة الثالوث.
* تمجيد القدوس. * خلاص النفوس.
وبقوة روحك الساكن فينا نئن ونسأل أن تجدده فينا، وبالصلاة والإنجيل نتعرف عليك يا فادينا، وكلما إشتعلنا به لا نطيق السكنى بين ذوينا وأقربائنا، بل نختلى لتمجيدك وتسبيحك، وعندما يرى من حولنا أعمالنا الصالحة يمجدون إسمك ويشتاقون هم أيضًا للخلاص، فنكون كارزين مبشرين بالأعمال الصالحة أو السيرة الحسنة أو بالأقوال التي يهبها لنا روحك أو...
* نلاحظ: عندما قال معلمنا بولس الرسول لتلميذه: "إحفظ الوديعة" أى الإيمان بالثالوث القدوس، والشعب الذي آمن وانجذب هم وديعة أيضًا، فقال: "إشترك أنت في إحتمال المشقات كجندى صالح" (2تي 2: 3)
لا ترتبك... جاهد... إصبر على الثمر... فليعطك الرب فهمًا في كل شيء (2تي 2: 7) بالروح القدس الذي فيك... لكي يخلص المختارين... إجتهد أن تكون في حضرة الله ذو فضيلة... "مُفصلًا كلمة الحق بالإستقامة" (2تي 2: 15)
الله محبة، فمن يحمل المسيح يحمل المحبة، وهذه هي أكبر عطية، أكبر وديعة، بل هذا هو ثمر الروح فينا أنه دائمًا يُقربنا من الحب للجميع وحب الله لنكون على صورته؛ "لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه" (رو 8: 29)
ربنا يسوع هو صورة الله ومجده. صورة حقيقية حامل الأصل... أما نحن شبه صورة الابن أى شبه إبن الله في حمل الصليب... في القداسة والطهارة... في الصبر والإحتمال... في...
ويوصينا في رسالته هذه: أن نكون "إناءً للكرامة مقدسًا نافعًا للسيد مستعدًا لكل عملٍ صالح (ونتجنب الشهوات) ونتبع البر والإيمان والمحبة والسلام مع الذين يدعون الرب من قلبٍ نقى" (2تي 2: 21، 22) لنصل إلى صورة المسيح (المحبة)...
ويمدح في هذه الرسالة تلميذه ويقول: "وَأَمَّا أَنْتَ فَقَدْ تَبِعْتَ تَعْلِيمِي، وَسِيرَتِي، وَقَصْدِي، وَإِيمَانِي، وَأَنَاتِي، وَمَحَبَّتِي، وَصَبْرِي، وَاضْطِهَادَاتِي، وَآلاَمِي" (2تي 3: 10)
وكما أنقذنى الرب (2تي 3: 11) سينقذك. "فاثبت على ما تعلمت وأيقنت عارفًا ممن تعلمت" (2تي 3: 14) "وإنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص" (2تي 3: 15) " كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر، لكي يكون إنسان الله كاملًا متأهبًا لكل عمل صالح" (2تي 3: 16، 17)
لنتشبه بشخصه ونحمل حبه ويعمل فينا بروحه حتى نحمل ثمر الروح (المحبة الفرح السلام = المسيح).
إن حفظنا الوديعة المسلمة لنا من الآباء الذين نشأنا بينهم وشربنا منهم الإيمان وعشنا بالوداعة التي ولدنا بها مثل كل الأطفال (شبه الملائكة)، وحافظنا على صورة الله (بساطة الأطفال) - فكل الصغار يحيون بتعفف بدون أى جهاد - فنتيجة لمساندة الروح لنا وعطيته فينا (أى الإيمان والوداعة والتعفف) تكون لنا صورة التقوى الحقيقية، ونتحلى بالصبر ونكون لطفاء نحيا بكرم الأخلاق.
وبكل ما سبق نأخذ الحكمة (نأخذ المسيح المحب) (نأخذ ثمر الروح محبة فرح سلام) فيُنبت فينا الفطنة والذكاء والنصح بقوة الروح بالمسيح الذي فينا.
والعكس صحيح: إن نشأنا بدون إيمان وغرباء عن المسيح أو إن سقطنا وأهملنا الوديعة التي فينا، فيجب أن ننتبه متى يهب الروح فينا ليحركنا ونتفاعل معه لكي يُعرفنا على فداء المسيح وحبه لنا، لنقتنى الثمرة الغالية (الكنز الكثير الثمن) (المحبة الفرح السلام) بفعل وقوة الروح القدس، ويدب فينا وينبت ثانيةً الإيمان والوداعة والتعفف ونتحلى بالتقوى الحقيقية قليلًا قليلًا بسيرة نقية ونكون لطفاء... (راجع مقالة ثمر الروح) ونأخذ فطنة وحكمة... وهذا نجده واضحًا متجليًا في نهاية حياة بولس الرسول، فكان قويًا بالروح بالمسيح الذي معه، فقال: رغم أن الجميع تركونى... ولكن الرب وقف معى وقوانى لكي تتم بى الكرازة ويسمع جميع الأمم، فأُنقذت من فم الأسد (الشيطان والأعداء... بقوة الروح) وسينقذنى الرب من كل عمل ردئ (حرب الأفكار و...) ويُخلصنى لملكوته السماوى... (بالنعمة التي معنا ومعكم آمين) راجع (2تي 4: 16، 22)
من حيث يشاء يهُبُ ويملأ قلوب المؤمنين بالحب، فيخدموا ويبذلوا بقلبٍ ملتهبٍ.
فيكون فينا كوديعة لنا يهب البعض سلطانًا ليدوسوا الحيات والعقارب،
ولآخرين أن يواجهوا بقوةٍ المتاعب،
ولآخرين أن يبذلوا بالعطاء بغير تعبٍ،
ولآخرين روح التميز والفطنة بغير شائب،
أما على الأشرار فيكون روح رعبٍ.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-ibrahim-anba-bola/spirit-acts/power.html
تقصير الرابط:
tak.la/j3ar7kv