"لأنى أعلم أن هذا يؤول (يتحول) لي إلى خلاصٍ بطلبتكم ومؤازرة (مساندة... معونة) روح يسوع المسيح" (في 1: 19). (مؤازرة بمعنى مساعدة في وقت الشدائد).
وفي هذه الآية أعلن لنا معلمنا بولس ثلاثة نقاط هامة غالبًا هي هدف رسالته لأهل فيلبى:
أ - الثقة بالرب والفرح أن كل شيء يتحول إلى:
* فرح وسط الآلآم ص 1
* فرح في الخدمه الباذلة ص 2
* فرح في الرب ص 3
* فرح كل حين ص 4
ب - بطلبتكم: وقال هذا قبل أن يذكر مساندة الروح القدس له، وكأنه يحثهم ويشجعهم ويطلب المزيد منهم كما يشير ويقول: "بأنكم تثبتون في روح واحد مجاهدين معًا بنفس واحدة... غير مخوَّفين بشيءٍ من المقاومين" (في 1: 27، 28) بل دائمًا تُصلون لأجلنا. لأنه يحثهم على وحدانية الروح والشركة.
ج - بمساندة الروح: ويذكر أن الروح لا يسند ولا يشترك ولا يعين إلا مع من كانوا يشتركون مع الروح (في 2: 1) ومن سموا وارتفعوا عن حرفية الناموس كما يقول: "نعبد الله بالروح ونفتخر بالمسيح يسوع ولا نتكل على الجسد" (على الختان الجسدى) (ترجمة يسوعية (في 3: 3))
* لقد كتب رسالته لأهل فيلبى المحبوبين لديه (لأول كنيسة في أوروبا قد أسسها بدعوة وإرسال الروح له (أع 16: 12) وغاية هذه الرسالة هي سعادتنا وفرحتنا بالروح القدس الذي يسندنا، وهو مصدر كل أفراحنا وسط الآلامات، ودائمًا يتجلى معنا في الضيقات حينما نشاركه بهذه العلامات:
1 - حينما يكون لنا نظرة مقدسة للآخرين.
2 - وعواطف نقية بسيطة في المعاملة معهم.
3 - حينما نحيا ونعيش بالنمو المستمر في أفراح الرب نشعر بمساندة الروح... رعاية الرب... خلاص المسيح... الذي دائمًا يفوق كل عقل...
درس عملى واقعى حقيقى من حياة معلمنا بولس: كانت له نظرة مقدسة للأحداث وللأفراد وللمعاملات، فكان ينظر إلى الكل بحب، ويترك عمل الروح يقود، ومحبة الله تكشف الآراء والنيات، وخلاص المسيح يُفرح الكل ويرد الضالين، فقال:
* الذين يحبوننى يكرزون والذين يبغضوننى أيضًا يكرزون، الأولون في رائحة المسيح الذكية يعيشون، والآخرون بنفس الرائحة يموتون؛ لأن ذاتهم وحب كبريائهم يُظهرون، ولكنى:
* "أريد أن تعلموا أيها الأخوة أن أمورى (سجنى وقيودى) قد آلت أكثر إلى تقدم الإنجيل" (في 1: 12).
* "غير أنه على كل وجه (في كل حال) سواء كان بعله (يبشرون لكي يضايقوننا) أو بحق يُنادى بالمسيح فأنا أفرح ولا أزال أفرح" (في 1: 18).
* بسجن بولس تشدد أصدقائه وتلاميذه المحبوبون والقريبون منه، وحملوا إرادة مقدسة وحبًا بغيرة، وصاروا أكثر شجاعة في كرازتهم بلا خوف ليشاركوا الرسول بولس كرامته كأسير للمسيح، فكان روح الرب يسندهم ويعطيهم نعمة وقوة وفرحًا.
* وأيضًا بسجن بولس إنطلق أعدائه بقوة ليجذبوا الوثنيين إلى الإيمان لكي ما يثيروا الأمبراطور ويهيجوا الولاة لكي لا يسمحوا بالإفراج وانطلاق بولس من سجنه، أو ربما المتهودون (الغنوسيون) كانوا يكرزون لإغاظة بولس لكي يتعرض إلى ضيق وقلق على الخدمة، فبشر بولس أهل فيلبى أن كلمة الله لا تقيد وأن الله قادر أن يُخرج من الجافى حلاوة...
* ترك بولس هذا واهتم واستغل فرصة سجنه وبشر لكثير من الجنود بل ومن بيت قيصر، ففرح بمساندة روح الله له والعمل به وسط هذه الآلآمات
* وفي وسط كل هذا كان يقول: "فقط (= ختام الأمر كله) عيشوا (مشتقة من وطن أو مدينة ويعنى بها لتفتخروا بوطنكم السمائى... كما أنتم تفتخرون أن مدينتكم هي مصغرة لمدينة روما العظيمة) كما يحق لإنجيل المسيح" (في 1: 27) أى حسب وصايا وتعاليم الآباء وكما تسلمتم وسمعتم ونظرتم في. ليكن لكم نظرة مقدسة وحب للآخرين.
* كان يشتاق أن يراهم إنجيلًا مُعاشًا... وما كان يشغله هو تقدمهم في الفضيلة... وما كان يتمناه أن يكونوا قديسين بالسلوك والقدوة الحسنة؛ لأن هذه هي كرازة صامتة، فالروح يسند ويعين ويؤازر. بهذا سحب عواطفهم للنقاء ليتمتعوا بمساندة السماء.
"فتمموا فرحى (في 2: 2) (وهنا نسأل معلمنا بولس أى فرح نتممه؟ هل نفرح بوجودك في الحبس أم القيود أم بعدك عنا؟! فيقول لنا فرحى أن لا تفعلوا شيئًا بدافع المنافسة أو العُجب (الكبرياء) "لا تنظروا كل واحد إلى ما هو لنفسه" (في 2: 4) بل ما هو في مصلحة الآخر، وأن تحسبوا وتقدموا الطرف الآخر أفضل منكم.
* فإن هدف الوعظ هو التشجيع و الإقناع العقلى والإرشاد إلى مساندة الروح ونعمته. هدف الكرازة هي الخلاص والإشارة للمسيح المخلص.
* "فإن كان وعظ ما في المسيح (أى لا يخلو كلامك عن تعزية المسيح ونعمته) وإن كانت تسلية ما للمحبة (أى إن أردت أن تقدم أى مواساة أو سند في أى تجربة أو تُعزى أى متعب، فيجب أن تشير لله المحب الذي أحب وأخلى ذاته لأجلنا لكي نحمل صليبه (حبه) ونمشى خلفه)
إن كانت شركة ما في الروح (أى نبه إلى شركة الصلاة التي ترتفع للعلاء وشركة القديسين بالصلاة والصوم. الشركة الحقيقية المثمرة الغير شريرة لكي ترتفع بعواطف نقية طاهرة)
بأحشاء رأفته" (في 2: 1) أى بمشاعر تحنن إلهنا النابعة من أحشاء لطفه ووداعته وشفقته علينا... بمشاعر حساسة مرهفة دقيقة ملؤها حب إلهنا.
* فلا تكونوا كمن: يكرزون للمنفعة الشخصية والطموح الأنانى ((في 1: 16) ترجمه يونانية) بل... بعواطف نقية: إقبل آراء الآخر حتى ولو معارضة..
إن كانت مفيدة وبناءة ونافعة ومشجعة فإنه هو أيضًا مثلك له غيرة مقدسة نظيرك وهذا ليس ضد كرامتك أو مركزك، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى... وإن إنزعجت أو تضايقت أو تثقلت فاعلم أن داخلك كبرياء وتحتاج إلى توبة مسرعة عاجلة.
هذه الأفراح هي نتيجة أننا إتحدنا بإخوتنا بروح إلهنا، وبسبب حياة الشركة والتفاعل مع روح الله حينما سلمنا له حياتنا فساعدنا وختن قلوبنا وعيوننا وآذاننا ونياتنا وصرنا نعبد: "الله بالروح ونفتخر بالمسيح يسوع" (في 3: 3) ولا نفتخر بالجسد. فإن ثبتنا في الرب نتقوى ونفرح به، كما قال: "فرح الرب هو قوتكم" (نح 8: 1) أى فرح الرب بنا حينما يرانا أقوياء بالإيمان والشعور بوجوده ومساندة روحه وخلاص ابنه فيفرح بنا ونحن نفرح به، فتُكتب أسمائنا في سفر الحياة، ويكون عنوان حياتنا هنا كما قال معلمنا: "إفرحوا في الرب كل حين وأقول أيضًا إفرحوا. ليكن حلمكم معروفًا (بالإيمان والسلوك) عند جميع الناس. الرب قريب. لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتُعلم طلباتكم لدى الله. وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع" (في 4: 4 - 7).
* نلاحظ في هذه الرسالة كلمة حب جاءت إحدى عشرة مرةً، وكلمة فرح ستة عشر مرةً وكلمة سلام ثلاث مرات. (فهذه الرسالة تسمى رسالة الفرح).
مع أن كل الرسالة أربع إصحاحات، وهذا يذكرنا بثمر الروح محبة فرح سلام، أى من يحمل الله الحب... الله محبة... محبة الله يحمل فرح الله الدائم. لأن الله صار معى وفي، يظهر علىَّ وبالتالى سلام المسيح الذي أخذه من الآب يحل علىَّ وآخذه منه وأتمتع به.
* لقد كتب معلمنا بولس هذه الرسالة وهو في نهاية سجنه الأول في روما في مكان إستأجره لنفسه وصار فيه تحت التحفظ لمدة سنتين مقيدًا محروسًا بجند رومان... فكيف كان فرحًا؟! وما هو سبب فرحته؟! ولماذا كتب رسالة الفرح والسعاده هذه ولمن؟!
كان فرحًا رغم أنه كان سجينًا؛ لأن الرب سمح له بالإختلاء به وكأنه دخل حجاله يتمتع بجماله يقوده بروحه ويسنده بنعمته...
سبب فرحته أنه سمع بانتشار الكرازة بواسطة كثيرين غيره...
فرح لأنه إقترب من الجنود والرؤساء وعرَّفهم من هو المصلوب الذي صُلب لأجل حبه لنا...
فرح لأنه رغم أنه كان مسجونًا لكنه كتب أربع رسائل وهى: رسالة إلى أفسس، والرسالة المكملة لها إلى أهل كولوسى وهى من أقوى رسائله، ورسالته لأهل فيلبى المفرحة التي فرَّح بها المدينة المحبوبة لديه، ورسالته لفيلمون تلميذه..
كتب رسالته المفرحة لأن أهل فيلبى رغم بعده عنهم إلا أنهم مازالوا قريبين منه، وبعطاياهم يمدونه سواء للخدمة أو لخدمة تلاميذه أو لإحتياجاته الشخصية...
سبب كل هذه الأفراح أنه يحيا بمساندة ومعونة ونعمة الروح، فلم يشعر أنه وحيد حتى في سجنه وسط ضيقات الحياة.
أخى الروح الذي فيك: - يريد أن يسندك فهل تسند أخاك؟
أخى الروح الذي فيك: - يريد أن يشترك معك فهل تشترك معه؟
أخى الروح الذي فيك: - يريد أن يعطيك فرح وسلام فهل تمسكت بالمحبة الحقيقية؟
هل تشعر بحضن الله المحب؟ هل تذهب وترمى نفسك في حضنه؟
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-ibrahim-anba-bola/spirit-acts/help.html
تقصير الرابط:
tak.la/rdf8w23