قد يتساءل البعض مستغربًا ويقول: ما علاقة الليتروجيا بالجهاد اليومي الروحي....؟ ما هي أوجه الترابط بينهم..؟
* حقيقة يجب أولًا أن نفهم جيدا أن كل الممارسات الروحية وخاصة الليتروجيا يجب أن تمارس بتواضع وانسحاق وهذا التواضع يحتاج إلى جهاد روحي... فقد نرى في البعض انه ملتزم بممارسة الاعتراف دون التوبة وأيضا مستمر على التناول دون استعداد وكذلك صلوات الأجبية دون جمع الذهن والتركيز فيها ويحرص على صوم جميع الأصوام دون الدخول إلى عمق الصوم ومعناه الروحي العميق ويكون في القداس من الصباح الباكر ولكن يقضى الوقت كله في تشتيت ذهني والغوص في أفكار إدانة لمن يحضر متأخرا أو يجلس في القداس أو... أو...
* أفكار كثيرة تموج بالذهن من هنا وهناك... كل ذلك يستوجب جهادا مضنيا لكي يصل الإنسان نقاء الذهن والحواس ويطوع كل حواسه وإراداته لكي يدخل إلى العمق وهذا ما ترجاه معلمنا بولس الرسول من الإنسان الروحي الذي يمارس الحياة الروحية "فأطلب إليكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم بها. بكل تواضع ووداعة وبطول أناة، محتملين بعضكم بعضًا في المحبة مجتهدين أن تحفظوا الروح برباط السلام. جسد واحد وروح واحد كما دعيتم أيضًا في رجاء دعوتكم الواحد. رب واحد إيمان واحد، معمودية واحدة، إله وأب واحد لكل الذي على الكل وبالكل وفى كلكم" (أف 4: 1-6)، عندما ننظر إلى هذه الآيات القليلة نجدها تلزمنا بأن نحيا الليتورجيا بالتواضع والوداعة وبطول الأناة، وباحتمال واجتهاد وليس برخاوة لأنه "مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاوة" (سفر إرميا 48: 10) وأيضًا بسلام... فليس مطلوب منى أن أعادي أهل بيتي وأتشاجر معهم بصوت عاليا ومخاصمة لكي انزل من بيتي لكي احضر القداس أو العشية أو أي صلوات ليتروجية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.. بالمحبة والسلام كل شيء يتم في هدوء.
* ولأهمية الجهاد في الحياة الليتروجية يقول القديس يوحنا ذهبي الفم (حينما يرانا الشيطان وحدنا ومنفصلين كل واحد عن الآخر يهاجمنا، فبهذه الطريقة أغوى المرأة في البدء إذا اقترب منها وهى وحدها، وبينما كان رجلها غائبًا. إذ حينما يرانا وسط الجماعة ومتحدين فهو لا يجرؤ على مهاجمتنا، فلهذا السبب نحن نتحد معًا فَيَصْعُب عليه مهاجمتنا) وهنا يكشف لنا القديس يوحنا أهمية الصلوات الليتروجيا (الصلوات الجماعية أو العمل الجماعي) في صد محاربات الشيطان فإذا كان الكتاب قال "اِثْنَانِ خَيْرٌ مِنْ وَاحِدٍ، لأَنَّ لَهُمَا أُجْرَةً لِتَعَبِهِمَا صَالِحَةً. لأَنَّهُ إِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا يُقِيمُهُ رَفِيقُهُ. وَوَيْلٌ لِمَنْ هُوَ وَحْدَهُ إِنْ وَقَعَ، إِذْ لَيْسَ ثَانٍ لِيُقِيمَهُ" (سفر الجامعة 4: 9، 10) فكيف يكون الثلاثة والمائة والألف والأكثر من ذلك... وأيضًا ما قاله رب المجد حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ»." (إنجيل متى 18: 20). فماذا أيها الحبيب إذا كانت الكنيسة كلها تجتمع بنفس واحدة حول عريسها لكي تصلى جميع صلواتها الليتروجية وهذه هي وحدانية القلب التي تطلب من اجلها في القداس الغريغوري "وحدانية القلب التي للمحبة فلتتأصل فينا".
* فطريق الجهاد السليم هو أن نعيش على الدوام وسط الجماعة ولا نحيا الانعزالية... فالشيطان يعمل دائمًا وجاهدًا على تفريق الجماعة بالخلافات الطفيفة التي تنشأ بينهم ثم سرعان ما يزيدها شيطان الكراهية والبغضة ويدخل شيطان الخصام لكي يفرق الجماعة ثم يضربهم بعد ذلك واحدا بعد الآخر فالخطية "طَرَحَتْ كَثِيرِينَ جَرْحَى، وَكُلُّ قَتْلاَهَا أَقْوِيَاءُ" (سفر الأمثال 7: 26).
فليحفظنا الرب بيمينه القدوس ويجعل صلواتنا مرضية أمامه وليعطنا روح الاتضاع والمحبة والسلام، ولإلهنا كل المجد والإكرام من الآن والى الأبد آمين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/liturgy.html
تقصير الرابط:
tak.la/9w5bncd