أبنائي الأحباء،
أهنئكم بعيد الميلاد المجيد وببدء عام جديد، راجيًا لكم من الرب حياة سعيدة ومقدسة في محبته.
ويسرني في ميلاد السيد المسيح له المجد، أن أخبركم أنه في تجسده قدَّس كل شيء بالاستخدام الحسن. وهكذا قيل "كل شيء طاهر للطاهرين" (تي15:1).
* فالجسد الذي كان يظن البعض أنه فاسد وسبب كل خطية، قدَّسه الرب بتجسده، وأرانا كيف يكون الجسد طاهرًا ومقدسًا ومرضيًا لله. قدَّس الجسد حينما حلَّ الروح القدس في بطن السيدة العذراء، وقدَّس جسدها ليكون إناءً طاهرًا لحلول الله الكلمة. وقدس الجسد بصفة عامة فيما بعد بمنحه البشر قيامة أجسادهم، وتحولها في القيامة إلى أجساد روحانية (1كو44:15).
وهكذا قدس أجسادنا، وقدس كل مراحل العمر بالنسبة إلى الإنسان. فأعطانا مثالًا للطفولة المقدسة لما صار طفلًا. وأرانا أيضًا كيف تكون فترة الشباب مقدسة، وكيف تكون الرجولة مقدسة. أي أعطانا الصورة المثالية لكل مرحلة من مراحل العمر لما مرّ بها..
* والسيد المسيح قدَّس الزواج، كما قدَّس حياة البتولية والخلوة والصلاة. قدس الزواج لما سمح للعذراء مريم أن تتزوج يوسف النجار؛ وإن كانت لم تعش معه كزوجة، إنما عاشت بتولًا في كنفه ورعايته. وقدس الزواج أيضًا لما حضر عُرس قانا الجليل وباركه (يو2 - ستجد النص الكامل لإنجيل يوحنا هنا في موقع الأنبا تكلا). وكذلك باختيار بطرس المتزوج ليكون واحدًا من رسله وتلاميذه.
* وقدس السيد المسيح الخلوة والصلاة، بصلاته في خلوته في جبل الزيتون وبستان جسثيماني.
وقد البتولية بحياته كبتول، وميلاده من بتول، وبأن عهد بأمه إلى تلميذه يوحنا البتول لتحيا في بيته إلى أن تنيحت.
* وقدس الحياة البشرية بحياته. قدّس الصوم لما صام أربعين يومًا (مت2:4). وقدَّس الأكل والشرب لما أكل مثلنا وشرب، حتى قيل عنه "جاء ابن الانسان يأكل ويشرب" (مت19:11).
قدَّس النوم والسهر، لما نام في السفينة، ولما كان يسهر الليل كله في الصلاة. قدس العمل حينما اشتغل نجارًا في بيت يوسف، وقيل عنه "أليس هذا هو النجار ابن مريم؟" (مر3:6). وهكذا بارك العمل لما عمل بيديه، وقدس كل عمل تمتد إليه يده. قدّس الحياة كلها، وناب عن البشرية في هذا التقديس.
* قدَّس الأرض التي لُعِنَت بخطية آدم (تك17:3). وعادت فدخلتها البركة بميلاده. فبارك فلسطين بميلاده فيها. وبارك مصر بإقامته فيها ثلاث سنوات ونصف. وقال الوحي الإلهي "مبارك شعبي مصر" (إش25:19). بل بارك مزود البقر الذي وُلد فيه وأصبح مزارًا مقدسًا. وبارك كل مكان حلّ فيه، وكل موضع صنع فيه معجزة. وبارَك البحر لما مشى عليه. وبارك الجبل حين ألقى عليه عظته، كما بارك جبل التجلي لما تجلى عليه.
* قدس الخبز لما بارك الخبز في معجزة الخمس خبزات.
* لقد قدس السيد المسيح كل شيء، فقدس الفقر والغنى والمال.. لقد قدَّس الفقر لما وُلِدَ فقيرًا في مزود بقر، وعاش فقيرًا ليس له أين يسند رأسه، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وكذلك لما اختار تلاميذه من الفقراء وصيّادي السمك.. وفي نفس الوقت قدَّس الغنى، لما سمح أن يكفِّنه رجل غني هو يوسف الرامي (مت57:27). ودُفِنَ في مقبرته الخاصة.
وقدس المال، إذ كان لجماعته صندوق يضع فيه المتبرعون ما لهم (يو6:12). وقدس المال لما امتدح الأرملة التي دفعت فلسين في الخزانة (لو2:21). وهكذا لم يعد المال شرًا في ذاته. إنما الشر هو في عبادة المال، وفي الإتكال على المال وليس على الله.
هذه مجرد عينات مما قدَّسه السيد المسيح له المجد.
* ليتنا في ما نتذكر كل هذا، نعمل على تقديس كل ما يخصنا، لتكون حياتنا كلها مقدسة للرب في كل ما نعمله..
وختامًا، كونوا مباركين من الرب، مُحاللين من روحه القدوس.
قداسة البابا شنوده الثالث
عيد الميلاد - 2007م
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/News/Coptic-Papal-Messages/Christmas-Papal-Message-for-2007_.html
تقصير الرابط:
tak.la/jncawj4