يقولون إنهم واثقين من الخلاص لأن بولس الرسول قد قال (وأخيرًا وضع لي أكليل البر) (2 تى 4: 8). وأيضًا لأنه قال (لأنني عالم بما آمنت، وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعته إلى ذلك اليوم ) (2 تى 1: 12).
أول شيء ينبغي أن نعرفه هو: من قال هذه العبرات؟ لقد قالها بولس الرسول وهو من أكبر الرسل لا منازع، بولس الذي قال (مع المسيح صلبت، فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ) (غلا 2: 20).
بولس الذي قال (فإني متيقن أنه لا موت ولا حياة، ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات، ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة، ولا علو ولا عمق، ولا خليقة أخرى، تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا) (رو 8: 38، 39).
لقد قال هذا الكلام بولس الذي اختطف إلى السماء الثالثة..
الذي أشفق الله عليه من فرط الإعلانات (2 كو 12: 2، 7)..
فهل أيها الواثق تشبه بولس الرسول فيما وصل إليه من سمو وروحانية ونعمة؟! لا يجوز مطلقًا أن تأخذ حالة القديسين وتنسبها إلى نفسك (إن كان بولس موقنا، فليس معناه أنك كذلك.. ثم هناك نقطة أخرى وهي:
قال مار بولس هذه العبارات وهو في أواخر أيامه لذلك قال قبلها مباشرة (فإني أنا الآن أسكب سكيبًا، ووقت انحلالي قد حضر) (2 تى 4: 6). وقال هذا أيضا بعد أن جاهد الجهاد الحسن، وأكمل السعي، وحفظ الإيمان) (2 تى 4: 7).
ولا مانع مطلقًا -بالنسبة إلى إنسان بار قديس في أواخر أيامه- أن يعطيه الرب ثقة ورجاء، أو أن يجعله يرى الإكليل الذي ينتظره، كما كان بعض الشهداء يرون أكاليلهم قبل سفك دمائهم من أجل المسيح.
ومع ذلك فلنفحص هاتين العبارتين بالتدقيق، ونرى على أي شيء يدلان.
يقول بولس الرسول أنه موقن بأن الله قادر أن يحفظ وديعته، فماذا تعنى هذه العبارة؟ لا شك أن الله قادر على أن يحفظ وديعة أي إنسان، ولكن ماذا عن الإنسان ذاته؟ في أي اتجاه تسير إرادته؟
إن الله قادر، وربما أنت لا تريد.. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). الله قادر أن يحفظ وديعتك، وأنت وربما تلقيها بحرية إرادتك إلى الجحيم..
ألم يقل (كم مرة أردت.. ولم تريدوا) (مت 23: 37).
إن قدرة الله أمر لا يشك فيه أحد. ولكن قدرة الله لا تلغى حرية إرادتك. بالنسبة إلى مار بولس الرسول، كانت حرية إرادته متفقة اتفاقًا كاملًا مع قدرة الله على حفظ وديعته. فهل أنت كذلك؟!
نتناول بعد هذه العبارة الأخرى التي قالها الرسول:
قال بولس الرسول (أخيرًا قد وضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل). قال إن الإكليل قد وضع، ولم يقل أنه قد أخذ الإكليل، فالكليل موضوع يأخذه البار في ذلك اليوم.
وكم من أشخاص وضع لهم هذا الإكليل وفقدوه.
لذلك ينذر الرب ملاك كنيسة فلادلفيا، قائلًا له (تمسك بما عندك، لئلا يأخذ أحد إكليلك) (رؤ 3: 11).
إن بولس الرسول الذي قال العبارات السابقة في رسالته الثانية إلى تيموثيئوس، قال أيضًا في نفس الرسالة (صادقة هي الكلمة أنه إن كنا قد متنا معه، فسنحيا أيضا معه. إن كنا نصبر، فسنملك أيضًا معه. إن كنا ننكره فهو أيضًا سينكرنا) (2 تى 2: 11، 12).
ففي قوله (إن كنا..) دليل على أن الأمر في خلاصنا لا يتوقف على الله فقط، بل علينا نحن أيضًا. إن لله عملًا في خلاص الإنسان كما أن للإنسان عملًا أيضًا. ولو كان الأمر هو عمل الله وحده، لزالت بذلك حرية الإنسان.
كما نلاحظ أن عبارة (إن كنا ننكره، فهو أيضًا سينكرنا) دليل على أن الإنسان يمكن أن يفقد خلاصه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/hv68asn