فكر الإنسان ينبع من مصادر, ويصب في أخرى.
وحواس الإنسان هي من منابع فكره. كذالك ما يقرأه أو ما يسمعه يولد له أفكارًا. وما يراه أيضًا ينشغل به العقل والفكر.
الحواس إذن توصل إلى العقل أفكارًا. وما يفكر فيه العقل, يوصله إلى القلب كمشاعر وأحاسيس. وما أسهل أن تصل مشاعر القلب إلى الإرادة, وتحولها الإرادة إلى عمل.
والحواس لا تؤثر فقط على العقل الواعي, إنما تؤثر على العقل لباطن أيضًا.
ما تجمعه العين والأذن من مناظر وسماعات وقراءات, كثيرًا ما تنبع- حسب عمقها في العقل الباطن، وتظهر فيما بعد كأحلام أو ظنون أو أفكار أخرى. لأن الفكر يلد فكرًا, أو أفكارًا كثيرة. والعقل دائم العمل لا يتوقف.
\
وحسب الغذاء الذي تقدمه للعقل, تكون أفكاره!
قد تجلب له الحواس أفكارًا خيّرة. وقد تجلب له أفكارًا شريرة. وحسب نوعية الوقود, تكون النار. لذالك كن حريصًا في ضبط حواسك, لكي تضمن سلامة فكرك.
واسأل نفسك: أي نوع من الفكر يجول في عقلك؟ أهو فكر روحي, أم فكر خطية, أم فكر تافه من أمور العالم الزائلة؟؟
كذالك ما الذي تقدمه الحواس لعقلك من مناظر وصور, ومن سماعات وأخبار وقصص, ومن موسيقى وأغانٍ وألحان ونغمات, ومن أفلام لكل منها نوعيته وتأثيره؟
للقراءة تأثير كبير في حياتك وشخصيتك.
فيمكن- حسب نوعيتها-أن تغرس فيك مبادئ معينة وقيمًا...
فالذي يقرأ كثيرًا عن الحرية, غير الذي يقرأ في عمق عن الالتزام. والذي يقرأ عن الهدوء, غير الذي يقرأ عن الجهاد. والذي يقرأ عن مشاهير العلماء غير الذي يقرأ عن أبطال الحروب... كل من هؤلاء يتأثر بما تتركه القراءة في أثره من دوافع ورغبة في التقليد..
كذلك القراءة توسع الفكر, وتزيد معارفه, وتعمّق فيه مفاهيم معينة. وما أصدق ما قاله الشاعر عن القراءة في التاريخ:
ومن وعى التاريخ في صدره أضاف أعمارًا إلى عمرهِ
والقراءة تستطيع أن تبعد الفكر عن التوافه:
فالمرأة التي لا تقرأ, ربما لا تعرف سوى الحديث عن الموائد والملابس والحفلات وأخبار الناس. بعكس المرأة المثقفة التي تجيد الكلام في موضوعات لها عمق. وبالمثل فالرجل الذي لا يعرف سوى المقهى والنادي ودور اللهو, تكون شخصيته سطحية وأحاديثه بلا نفع أو قد تضر. وعلى عكسه الرجل الذي يقرأ ويدرس ويثقف نفسه, هو قادر أن يزيد غيره علمًا ومعرفة.
والقراءة تمنح العقل لونًا من النمو والنضوج:
فهي توضح أمورًا ما كان العقل يعرفها. وتدخل معه في حوار من جهة موضوعات تحتاج إلى مناقشة...
ونلاحظ حاليًا اتساع نطاق المعلومات بازدياد المطبوعات سواء من الكتب أو الجرائد أو المجلات, وتغير الفكر عن ذي قبل بحسب نوعية الثقافات. وأصبح لابد للإنسان من القراءة لكي يواكب تيار المعرفة, ولا يبقى متخلفًا عن مستوى عصره
مستوى المعرفة قد أزداد. ولكن أية معرفة؟
أية معرفة تبغي؟ وأية أنواع من القراءة تشبع رغباتك؟
هل تقرأ للتسلية وللمتعة؟ كمن يقرأ قصصًا وحكايات؟ أم تقرأ للتدريب على الذكاء؟ كمن يقرأ ألغازًا لحلها؟ أم تقرأ للدراسة والبحث عن الحقيقة؟ أم تقرأ في موضوعات تروقك في السياسة أو الاقتصاد أو الرياضة أو الأخبار؟ أم انك تقرأ لمجرد الهروب من الفراغ (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات), ولقتل الوقت؟ أم تقرأ كتبًا في العقيدة والإيمان, أو في الفضيلة وسير الأبرار؟
إن خير نوع من القراءة هو ما يبني نفسك: ما يثقفك بطريقة سليمة, وما يشبع روحك وعقلك...
لذلك فيما نشجعك على القراءة, ندعوك أن تكون حكيمًا في اختيار مما تقرأه. فليست كل قراءة نافعة ولا بناءة. وهناك قراءات مضلله, وأخرى تثير الشك حتى في المسلّمات. وقراءات أخرى تنشر أخبارا خاطئةً أو معتقدات هدّامة... وللأسف فإن حرية النشر تسمح بكل شيء!! وقد تقرأ فيتغير فكرك دون أن تدرى، ولو عن طريق التدريج, وعلى مدى زمني.
لا تقل أنا لا أتأثر! فقد تتأثر دون أن تشعر..!
إنني أعرف كثيرين كانوا مؤمنين وقرأوا كثيرًا من كتب الشيوعية فصاروا شيوعيين. والبعض تعمقوا في قراءة كتب عن الإلحاد, فاهتز إيمانهم! لذلك كن حريصًا جدًا من جهة الأفكار الغريبة...
لهذا كله, اقرأ بفهم, وبفحص, ولا تعتنق كل ما تقر
فكثيرون يقبلون كل ما يقرأون باقتناع تلقائي! دون دراسة, ودون تعمق في التفكير, كما لو كان ذلك مكتوبًا بوحي!!
أما أنت فاقرأ بميزان دقيق, وبتحليل أدقّ. ولا تصدق كل ما يُكتب وما ينشر. فكثيرًا ما نجد أشياء يعارض بعضها بعضًا فيما تنشره الجرائد من أخبار ومن أفكار!
والعجيب أن البعض لا يكتفون بتصديق كل ما يقرأونه, أنما يحاولون نشر ذلك بين الذين يحيطون بهم. وقد يكون ذلك منافيًا للحقيقة. إذن على الإنسان أن يشغّل عقله في كل ما يقرأ, ويمنح لسانه عطلة حتى يثق بموضوع الحقيقة أين تكون..؟
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/3d3w86d