1- البابا كيرلس الخامس
البابا كيرلس الخامس هو أول بطريرك قبطي يلتقي بالمجلس الملي، إذ صدر الأمر العالي من الخديوي توفيق بلائحة المجلس في فترة خلو الكرسي قبل رسامة البابا كيرلس الخامس.
لست أريد الدخول في تفاصيل الأحداث، لكن المشكلة أن هذا المجلس حسب نفسه وصيًّا على الكنيسة، نشأ لا من داخل الكنيسة خلال علاقة الحب والخدمة إنما جاء ثمرة أمر عال من الخارج، فحسب إنه صاحب السلطة: لقد حاول البابا كيرلس كَسْب رجال المجلس بالحب لكنهم كانوا يتطلعون إليه لا كأب وإنما كمن ينافسهم في السلطة، انتهى الأمر بسعي أعضاء المجلس لدى الدولة لرفع يد الخامس البابا عن جميع شئون الكنيسة الإدارية وعن رئاسة المجمع، وقد استطاعوا كسب أسقف صنبو ليقبل وكالة الباباوية ورئاسة المجلس، فهدده البابا بالحرم. تدخل قنصل روسيا ليصالح البابا على أولاده، وقد نجحت مساعيه، لكن سرعان ما أصر المجلس على تعيين أسقف صنبوا وكيلًا للبابا ورئيسًا لهم، فكتبوا إلى مجلس النظار (الوزراء) والي الخديو للتصديق على قرارهم، بأسلوب غير لائق(155).
اجتمع بعض الأساقفة والكهنة بالإسكندرية وقرروا تأييدهم لقداسة البابا، وتأكيد حرمان أسقف صنبو ومن يسير معه، ونشر قداسة البابا قرار الحرم والأسانيد التي بنيت عليها.
اجتمع بعض الأراخنة وعلى رأسهم الأسقف المحروم بطلب كتابي لرئيس مجلس النظار يطلبون فيه نفى البابا وسكرتير المجمع المقدس الأنبا يؤانس مطران البحيرة، وعزلهما، فصدر الأمر من قبل الدولة، حيث عزل البابا في دير البراموس والمطران بدير الأنبا بولا... وكان لهذا القرار أثره الشعبي، فتجمعت القلوب حول البابا بقوة بينما عاش أسقف صنبو كما في عله إذ نفر الكل منه، حاول الأراخنة الاستعانة بالدولة لنزع الحرم من الأسقف، فدعوا الأساقفة إلى القاهرة للتفاهم معهم فلم يحضر سوى ثلاثة أساقفة وعوض الحل أكدوا الحرم.
طالب مناصروا البابا بعودته فكان رئيس النظار يماطلهم، طالبا منهم أن يتقدم البابا بطلب استرحام إلى الخديوي، فأخبروه إن البابا يزهد كل مظاهر المجد ولن يقبل كتابة طلب كهذا، التقوا بالخديوي مباشرة وأوضحوا له الموقف، يسندهم في ذلك برقيات من جميع الأساقفة... أخيرًا صدر الأمر بعودة البابا والمطران يوم 30 يناير 1893. يقول مستر ليدر أن القاهرة لم تشهد يوما ما استقبالًا مثيرًا مثل الاستقبال الذي لاقاه البطريرك عند عودته(156).
لقد أكد قداسة البابا أبوته الحانية إذ حل الأسقف المحروم علانية أمام الأساقفة والكهنة والشعب. كما أصدر حلًا عامًا للجميع. وفتح قلبه للكل حتى للذين دبروا أمر عزله، مقدما صورة حية لمفهوم الكهنوت الأبوي.
التقى بالخديوي فمنحه الوشاح المجيدي، أعلى وسام مصر آنذاك، كما أهداه إمبراطور إثيوبيا تاجًا باباويًا.
1- عرف هذا البابا بحبه للعلم والمعرفة، لذا قضى رهبنته في نساخة الكتب فعمر مكتبة ديره "البراموس" وبقية الأديرة، ودعى "يوحنا الناسخ". ولما سيم بطريركًا أنشأ الكلية الإكليريكية كما أقام قسما بها للمرتلين. أنشأ القسم الثانوي بمدرسة الأقباط بطنطا، شجع الأساقفة على إنشاء مدارس للأقباط بالايبارشيات، كما شجع جمعية التوفيق على افتتاح مدارس خاصة ومدارس البنات. أنشأ ثلاث مدارس للرهبان بالإسكندرية وبوش ودير المحرق، كما أرسل سبعة رهبان للدراسة بالكلية اللاهوتية بأثينا.
2- اهتم بالكهنة وحثهم على العمل الرعوي خاصة الافتقاد... قام بزيارة السودان مرتين لرعاية الشعب هناك وافتتاح الكنيسة القبطية.
3- تشجيعه طباعة الكتب وإعادة طبع التراث اللاهوتي... فكان عصره خصبا في الكتابة والطباعة.
المؤتمر القبطي في 6 مارس سنة 1911(157)
انعقد هذا المؤتمر مطالبا الحكومة مساواة الأقباط بالمسلمين في كافة الحقوق المدنية والدينية، فطلبت الحكومة من غبطة البابا أن يمنع هذا الاجتماع خشية حدوث ما لم تحمد عقباه. بحكمة كتب البابا منشورًا بحض على استخدام الحكمة والتعقل، وفي نفس الوقت طلب من مطران أسيوط أن يقوم برعاية المؤتمر بنفسه ويلقى كلمة الافتتاح، إذ وجد أن منع الاجتماع قد صار مستحيلًا.
عرف البابا كيرلس الخامس بوطنيته المخلصة، فكانت السلطات تكرمه.
_____
(155) راجع نص الخطاب في كتاب يوسف منقريوس: القول اليقين في مسألة الأقباط الأرثوذكسيين، 1893.
(156) A. H. Leeder: Modern Sons of the Pharaohs, p. 260 .
(157) القس (الشماس) منسى يوحنا: تاريخ الكنيسة القبطية، 1979، ص. 589.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/g27cd3w