St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   FreeCopticBooks-020-Father-Tadros-Yaacoub-Malaty  >   008-AlKanisa-Wal-Rohaneya
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية - القمص تادرس يعقوب ملطي

138- الحملة الفرنسية

 

St-Takla.org Image: Moalem Gerges El Gohary صورة في موقع الأنبا تكلا: المعلم جرجس الجوهري

St-Takla.org Image: Moalem Gerges El Gohary.

صورة في موقع الأنبا تكلا: المعلم جرجس الجوهري.

مع أن الحملة الفرنسية تمثل فترة قصيرة جدًا بالنسبة لتاريخ مصر (1798-1801م)، لكنها تمثل دورًا هامًا في تاريخ الأقباط.

جاء نابليون بونابرت -وليد الثورة الفرنسية- إلى مصر، وهو يريد أن يقيم إمبراطورية في الشرق الأوسط تحت دعوى الدفاع عن الإسلام وليس مقاومته. ففي خطابه عند أسوار الإسكندرية قال: "لسنا كفار العصور الهمجية الذين يأتون إليكم لمحاربة إيمانكم. إننا نعترف بأن إيمانكم رفيع القدر، وسوف نعتنق دينكم إذ حلت الساعة التي يصبح فيها الفرنسيون الراشدون مؤمنين حقيقيين". هكذا لم يترك فرصة إلا ويظهر وّدهُ للمسلمين والإسلام، فبعد احتلاله البلاد، قبل شهر من نزوله إلى الإسكندرية، أمر بالاحتفال بالمولد النبوي بطريقة تلفت الأنظار، وقد لبس بونابرت -الذي أدرك المسلمون أنه في أعماقه لا يؤمن بالدين- الزى الشرقي الجميل ولبس عمامة، وصحب جميع قادته إلى المسجد الرئيسي مع مائة شيخ ليتلو التواشيح ويحرك رأسه متظاهرًا بالتقوى.

كان بونابرت يشعر أن المسلمين يحتملون حكمه كرهًا وأنهم يترقبون الفرصة للتخلص منه، وقد ظهر ذلك في ثورة القاهرة بجامع الأزهر ضده، حيث قتل عدد كبير من الفرنسيين كما قتل عدد ممن عاونهم سواء كانوا مسلمين أو أقباطًا، لقد عفي بونابرت عن الثور، ومع هذا إذ احتلت القوات العثمانية قلعة أبي قير أظهر المسلمون فرحهم وبهجتهم. عاد نابليون فهزم العثمانيين، وجاء العلماء والأعيان يهنئونه بترحيب مصطنع، فقال لهم: "إني أعجب من حزنكم لانتصاري. إنكم لم تقدروا موقفي إزاءكم حتى الآن، مع أني كررت لكم إنني مسلم وإني مؤمن بأن لا إله إلا الله وإني أجّل النبي وأحب المسلمين"... بقى يحاول إظهار صدق نيته لكن بقى المسلمون يتطلعون إليه كرجل يقود جيشا من الكفار.

مع محاولة بونابرت كسب ود المسلمين بكل طريقة، لكنه ربما لأنه وليد الثورة الفرنسية فكان مُشبعًا بروح الإخاء، أو لأنه شعر بحاجته لخبرة الأقباط خاصة في جمع الضرائب، لم يحمل روح اضطهاد ضد الأقباط، لكنه لم يمنحهم حقوقًا تُذْكَر... بل كتب إلى الجنرال كليبر Jean Baptiste Kléber في 22 أغسطس 1799 م.: "... كنت مزمعًا، إن سارت الأمور سيرها الطبيعي، أن أضع نظامًا جديدًا للضرائب يجعلنا نستغني عن خدمات الأقباط..." لعله أراد بذلك جمع مبالغ طائلة من الضرائب أكثر مما يجمعها الأقباط، أو ربما أراد بذلك إرضاء عامة المسلمين ليبرز كزعيم لهم.

يمكننا القول بأن نابليون لم يضطهد الأقباط لكنه لم يكن رفيقًا لهم، بل كان يعمل على استبدالهم بأوروبيين لجمع الضرائب.

لقد طلب الأقباط من بونابرت أن يلغي القيود المفروضة عليهم فأرسل إلى المعلم جرجس الجوهري كتابًا بتاريخ 7 ديسمبر 1799 جاء فيه: "يمكنك أن تعلنهم من الآن بأني سمحت لهم بحمل السلاح وركوب البغال والخيول ولبس العمائم والتقمش بالقماش الذي يليق بهم(136)". إلا أن بونابرت لم يلبث أن تراجع عن خطته، وأمر باتباع هذه القيود مراعاة لشعور الأغلبية الإسلامية وكسب رضاها، وأن يضرب صفحًا عن الأقلية القبطية(137).

لم يبدأ ميل الفرنسيين للأقباط إلا بعد أن تولى كليبر الحكم وقامت ثورة القاهرة الثانية ضد الفرنسيين، فألغيت الإجراءات الاستثنائية ضد الأقباط(138).

بعد مصرع كليبر تولى مينو Jacques-François Menou القيادة وكان قد أسلم ليتزوج بسيدة مسلمة(139)، فأخذ يتعسف بالأقباط، وطردهم من الوظائف الحكومية وجباية الأموال(140).

أما قصة المعلم يعقوب حنا فمع ما بدا من تحالفه مع الفرنسيين إذ أقامه كليبر رئيسًا للجيش لكن فكره كان غامضا، لم يكن ممكنًا للكثيرين إدراكه... حقًا إن غالبية المؤرخين المسلمين لم يشكوا في وطنيته، إذ لم يتهم بالخيانة، لكنه كان بحق أو له صوت ارتفع من أرض مصر يطالب باستقلال البلاد عن الدولة العثمانية، لذا بذل كل الجهد لإيجاد جيش وطني مصري. لقد شعر الفرنسيون بالحاجة، فأحبوه واعتمدوا عليه، فأحبهم ولم يخنهم... لكنه لم يكن يطلب احتلالهم إنما كان يسعى لاستقلال بلاده... لقد رأى في الاحتلال الفرنسي الفرصة سانحة للاستقلال عن العثمانيين، فقاتل مع الفرنسيين ضد المماليك في الصعيد فمنحوه رتبة الجنرالية، باغيًا استقلال البلاد.

St-Takla.org Image: General Moalem Yacoub Hanna El-Amir صورة في موقع الأنبا تكلا: الجنرال المعلم يعقوب حنا الأمير

St-Takla.org Image: General Moalem Yacoub Hanna El-Amir.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الجنرال المعلم يعقوب حنا الأمير.

عندما وقع الفرنسيون معاهدة 1801 تاركين القاهرة للأتراك، فضل المعلم يعقوب أن يغادر مصر إلى فرنسا على سفينة حربية إنجليزية، وكان يحمل معه مشروع استقلال مصر، وهو مشروع يقوم على أن تعارض مصلحة الدول الكبر خاصة فرنسا وانجلترا يتطلب استقلال مصر فتستفيد كل الدول الأوروبية من التجارة معها(141) لكن موت يعقوب في البحر دفن معه هذا المشروع.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(136) توفيق إسكاروس: نوابغ الأقباط ومشاهيرهم في القرن التاسع عشر، 1913، ص. 290.

(137) رياض سوريال: المجتمع القبطي في مصر في القرن 17، 1985، ص. 103.

(138) المرجع السابق، ص. 103.

(139) عبد الرحمن الرافعي: تاريخ الحركة القومية، 158، ج2، ص. 197.

(140) يعقوب نخلة روفيلة: تاريخ الأمة القبطية، 1899، ص. 295.

(141) راجع رياض سوريال: ص. 95-101؛ شفيق غربال: الجنرال يعقوب والفارس لإسكاريوس ومشروع استقلال مصر سنة 1801، 1932، ص. 41-8، 58؛ الدكتور أحمد عزت عبد الكريم: بحث في كتاب الجمل في التاريخ المصري، 1942؛ الدكتور محمد صبري: تاريخ مصر الحديثة، 1026، ص. 29؛ أحمد زكي بدوي: تاريخ مصر الاجتماعي، 1935، 209.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-020-Father-Tadros-Yaacoub-Malaty/008-AlKanisa-Wal-Rohaneya/Coptic-Church-Spirituality-138-French-Campaign.html

تقصير الرابط:
tak.la/ay9wdtf