وجدت الكنيسة الأولى أنَّ مُعظم الذين يُريدون قبول الإيمان كانوا من أُسَرْ وعائلات وثنية وبالتالي لم يكونوا قد تلقوا تعليمًا مسيحيًا أوليًا ولا كانت لهم معرفة بالإيمان الجديد، وكي تُعالِج الكنيسة ذلك، أخذت على عاتقها مُهمة تعليمهم قبل معموديتهم، وكان ذلك التعليم المنهجي -وهو مرحلة إعدادية للمعمودية- يُسمَّى ”وعظ“ وأثناء فترة الوعظ، كان الشخص يتعلَّم الأوليات البسيطة في الإيمان والأخلاقيات المسيحية (تهيئة وإعداد)، وفيما بعد في القرن الرَّابِع، كان الموعوظ يُعطي شرحًا للأسرار المسيحية العميقة، كما يتضح في العِظة الرَّابِعة من عِظات القديس كيرلُس الأورشليمي للموعوظين، وكان لابد أنَّ طالب المعمودية يُقدِّمه أحد المؤمنين يُسمَّى إشبين، ولابد أن يختبره المُعلِّمون المسئولون عن الموعوظين لكي يتأكدوا من أنَّ الدوافع التي قادته للكنيسة والإيمان المسيحي دوافع روحية خالصة، والإشبين الذي يُزكي الموعوظ للمعمودية، كان يلعب دورًا هامًا للغاية أثناء تلقيه تعليم الموعوظين بل وحتّى بعد معموديته.
وكانت فترة التعليم الوعظي تمتد من 2: 3 سنوات بالنسبة للشباب (22) وأربعة سنوات للأطفال الذين من أُسُر مسيحية، وهؤلاء الذين كانوا يُعبِّرون عن رغبتهم (حديثًا) في الانضمام للكنيسة، كانوا ينالون تعليمًا خاص بهم وحدهم Privately ويستلمون عناصر الإيمان المسيحي الأولية، أمَّا الذين كانوا قد قُبِلوا فعلًا كـ”مُستمعين“ فكان يُسمح لهم أن يحضروا جزء من الليتورچيا (قُدَّاس الموعوظين) يتضمن:
1) قراءات من الناموس والأنبياء والمزامير.
2) دروس من أعمال الرُّسُل والرسائِل والإنجيل وعظة يُلقيها الأب الأسقف.
وبعد عِظته، يُبارِك الأب الأسقف الموعوظين، ويقول الشماس: ”اخرجوا أيها الموعوظون في سلام“ ثم تُستكمل الليتورچيا بعد ذلك (قُدَّاس المُؤمنين)، فتعليم الموعوظين وأيضًا تعليم المُؤمنين كان مُرتبطًا بالعبادة ارتباطًا صميميًا لدرجة أنه من الصعب الفصل بينهما.
أمَّا الذين كانوا مُستعدين لنوال صبغة المعمودية، فقد كانوا يتلقون تعليمًا خاصًا سابقًا للمعمودية يتضمن الصلاة الربانية وقانون الإيمان وعقيدة الثَّالوث القدوس والتجسُّد (23)، وكان المُدرسون يختبرونهم عن طريق الأسئلة، وبالإضافة إلى ذلك، كان يُطلب من الموعوظين أن يتدربوا على الحياة النُسكية والفضائِل الأخلاقية.
وكان تعليم الموعوظين يتم عدَّة مرَّات كلّ أسبوع في رِواق الكنيسة، وكان المُدرسون من رجال الإكليروس أو من المؤمنين العاديين، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وكانت هذه المدارس تُسمَّى مدارس الموعوظين، وكانت توجد في كلّ مكان يوجد فيه مسيحيون منذ البداية الأولى للمسيحية، وكانت مفتوحة لأي إنسان جاد يتقدَّم طالبًا الالتحاق بها، من أي طبقة اجتماعية ومن أي جنس ومن أي سِنْ.
وعلى أيَّة حال، لم يكُن هذا التدريب والدراسة ينتهي بالمعمودية، بل كان يستمر طُوال الحياة، مُتعمقًا أكثر فأكثر في معنى وجوهر الحياة المسيحية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/5mw24kh