إذا أردنا أن نتعمق الأصول الأولى التي نبع منها الصليب وبلغت الآلام غايتها العظمى بالفداء، علينا أن نعود مباشرة إلى التجسد، لنربط " الكلمة صار جسدًا" (يو1: 14)، والجسد المكسور الذي ينزف على الصليب! فلولا التجسد، أي لولا أن ابن الله صار إنسانًا كاملًا ذا جسد ونفس وروح مثلنا تمامًا، لما استطاع أن يتألم بآلام تنتهي بالموت الفدائي.
ولا يغيب عن أذهاننا قط لحظة الصلة الحية الجوهرية بين "التجسد" والصليب!! فالكلمة صار جسدًا، ليستطيع عمل الفداء ويكمله بجسده بدم صليبه!!
ولكي نسير خطوة أعمق نحو سر الفداء، الذي نرى أنفسنا فيه كمفديين ونلنا الخلاص بدم المسيح المسفوك على الصليب لأجلنا بالحب الباذل المعطى الموهوب للعالم من قبل الآب، يلزم أن نعرف قبلًا ما هو موقعنا من سر التجسد، لأنه هو السر المؤدى للفداء.
والتجسد هو اتحاد كامل بين الله والإنسان في شخص المسيح، لذلك صار قبولنا للفداء واتحادنا بشخص المسيح (بتناولنا دمه) معناه أننا دخلنا في سر الاتحاد بين الله والإنسان - أي سر المسيح!!
وهو عودة الإنسان إلى الله!! عودة حياة الشركة المقطوعة بآدم التي كانت بين الإنسان والله!!
أما كيف ندخل إلى سر الاتحاد بين الله والإنسان، لنستعيد الصلة مع الله، فهذا أكمله لنا المسيح بدم صليبه بآلام الموت، بالفداء الذي هو تقديم نفس عوضًا عن نفس، ليربطنا في الله بآلامه وموته.
فالآن، كل من يؤمن بصليب المسيح -أي يدخل سر الفداء- ويشرب دم المسيح الذي للخلاص، يتحد بالمسيح، فيدخل في سر التجسد، سر العلاقة أو سر الاتحاد بين الله والإنسان.
وهذا هو واقع المصالحة التي أكملها المسيح للإنسان مع الله بدم صليبه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وكما وضح لنا معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى أهل كولوسى: "لأن فيه سر أن يحل كل الملء. وأن يصالح به الكل لنفسه عاملًا الصلح بدم صليبه بواسطته سواء كان ما على الأرض أم ما في السموات." (كو1: 19، 20).
وباختصار، يكون التجسد قد أنشأ الفداء. والفداء عاد فأنشأ الاتحاد بالله، الذي كان مقطوعًا بسبب الخطية. والاتحاد هو المصالحة وهو الخلاص. وبهذا يرتبط الصليب بالتجسد ارتباطًا جوهريًا من جهة خلاصنا. فالمسيح له المجد ابن الله الكلمة تجسد ليخلصنا بآلامه وموته بالجسد.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/g99g8b6