يزعم البعض من الكتاب غير المسيحيين في كتب كثيرة وفي عشرات المواقع على النت، بل وفي كثير من المحطات الفضائية وغيرها، وجميعها تنقل بعضها عن بعض، أن هناك العشرات من الأسفار أو الكتب المقدسة التي يذكرها الكتاب المقدس بأسمائها سواء في العهد القديم أو العهد الجديد دون أن يكون لها أي وجود الآن!! وراحوا يدّعون بغير علم ولا معرفة أو دراسة حقيقية وعلمية للكتاب المقدس أو مفاهيمه ومصطلحاته وبيئته وخلفياته التاريخية والحضارية والثقافية والدينية التي كتب إثناءها وبمفاهيمها ومصطلحاتها، أن هذه الكتب أو الأسفار هي كتب وأسفار مقدسة وموحى بها! ثم راحوا يتساءلون؛ أين هي هذه الأسفار؟ وهل فقدت وضاعت، وكيف ولماذا؟ أم تم حذفها ولماذا؟ وراح البعض يسألوننا؛ كيف تؤمنون بكتاب مقدس ضاع منه الكثير من الأسفار المقدسة.
والغريب أنهم يذكرون أسماء كتب لا يعرفون عنها شيئًا بل ولا يعرفون حتى أن ينطقوا بأسمائها!! فقط نقلوها عن بعض الكتب التي كتبها نقاد المسيحية في أوروبا وبصفة خاصة التي أصدرتها مدارس النقد الألمانية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، وتجاهلوا الكتب المسيحية التي ردت عليها، بل وقبل اكتشاف مخطوطات قمران سنة 1945م، والتي كشفت الكثير من مخطوطات العهد القديم ومخطوطات الكتب التي تشرح العهد القديم وكتب علماء اليهود التي كتبوها في الفترة ما بين العهدين والتي أوضحت لنا الفكر اليهودي قبل المسيح، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وقبل اكتشاف مخطوطات نجع حمادي سنة 1947م والتي كشفت عن معظم الكتب التي كتبها الهراطقة الغنوسيون الذين كتبوا عشرات الكتب وأسموها بأسماء أسفار العهد الجديد مثل ما يسمى بإنجيل فيليب وأعمال يوحنا.. الخ والتي تمت ترجمتها وبدأ نشرها ابتداء من سنة 1975م وقد قمنا بترجمتها إلى العربية ونشرنا الجزء الأول منها وقريبا سينشر الجزء الثاني والثالث.. إلخ.
فقط هللوا لها دون أن يقرءوها أو يعرفوا محتواها مع أنها متاحة أمامهم الآن سواء في كتب أو على عشرات من مواقع النت. ولكنهم للأسف لم يقرءوها بل اعتمدوا على النقل مما سبق أن كتبه الشيخ رحمة الله الهندي في كتابه أظهار الحق الذي كتبه في القرن الثامن عشر قبل أن تكتشف هذه الكتب، والذي نقل مادته الأساسية عن مدارس النقد الألمانية الإلحادية!! وما كتبه غيره وهو في الأغلب نقلا عنه أيضًا مثل الدكتور محمد وصفي في كتابه: "المسيح بين الحقائق والأوهام"!! بل والأغرب من ذلك فأن من كتب منهم قبل اكتشاف هذه الكتب، الأبوكريفية، وقبل ترجمتها ومعرفة محتواها راح يخمن ويتخيل محتواها وما تتضمنه طبقا لمعتقداته وبحسب أهوائه وتمنياته وخياله الذي تصور أن الكثير مما كتب قبل القرن السابع الميلادي يخدم فكره وديانته، هكذا دون سند أو دليل أو برهان!! وراح يكيل الاتهامات للمسيحية هكذا دون أي سند أو دليل، كالعادة، وليس بحسب البحث العلمي!! وعلي سبيل المثال فقد قال الشيخ محمد رشيد رضا، ناشر الترجمة العربية لإنجيل برنابا المزيف، في مقدمته لطبعة 1908م: "أننا نري مؤرخي النصرانية قد اجمعوا علي انه كان في القرون الأولى للمسيح عليه السلام أناجيل كثيرة وأن رجال الكنيسة قد اختاروا منها أربعة أناجيل ورفضوا الباقي. فالمقلدون لهم من أهل ملتهم قبلوا اختيارهم بغير بحث وسيكون ذلك شأن أمثالهم إلى ما شاء الله".
الغريب أنه يتهم المسيحيين بما يقوم به هو نفسه!! وراح في أوهامه وتخيلاته يقول أنه: "لو بقيت تلك الأناجيل كلها لكانت أغزر ينابيع التاريخ في بابها ما قبل منها أصلا للدين وما لم يقبل ولرأيت لعلماء هذا العصر من الحكم عليها والاستنباط منها بطرق العلم الحديثة المصونة بسياج الحرية والاستقلال في الإرادة مالا يأتي مثله من رجال الكنيسة الذين اختاروا تلك الأناجيل الأربعة ورفضوا ما سواها"!!
هكذا يضع تخيلاته وأوهامه وتمنياته ويتكلم بغير علم ولا دليل، ويزعم أن رجال الكنيسة اختاروا الأناجيل الأربعة دون بحث!! ورفضوا بقية الأناجيل بلا سند أو دليل!!
ويتمنى ويتخيل ويتهيأ له، في أحلام اليقظة، أنه لو ظهرت هذه الأناجيل، التي رفضها رجال الكنيسة، ودرسها العلماء بطرق العلم الحديثة وبحرية إرادة، لأظهروا ما لم يظهره رجال الكنيسة!!
والغريب أنه وغيره يتكلمون فيما لا يعلمون ويزعمون ويدعون معرفة ما ليس لهم به من علم أو معرفة؟!! فلا الكنيسة اختارت الأناجيل الأربعة دون سند، ولا رفض رجالها الكتب الأخرى دون دليل!! وكل ما زعمه، هو وغيره، يدل علي عدم معرفة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/2r5484n