St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   FreeCopticBooks-002-Holy-Arabic-Bible-Dictionary  >   21_KAF
 

قاموس الكتاب المقدس | دائرة المعارف الكتابية المسيحية

شرح كلمة

قوانين حمورابي

 

أولًا - تاريخها:

(1) اكتشاف القوانين: عندما نشر بروفسور "مايسنر" (Meissner) في سنة 1898 بعض أجزاء من ألواح مكتوب عليها بالخط المسماري من مكتبة "أشور - بانيبال" ملك أشور (668 - 628 ق.م.) رأى أن هذه الأجزاء إنما هي أجزاء من نسخة من كتاب قديم يرجع إلى عصر الأسرة البابلية الأولى، التي كان حمورابي أحد ملوكها (نحو 2100 ق.م.).

وقد ثبتت صحة هذا الرأي بعد بضع سنوات، إذ في ديسمبر 1901 م.، ويناير 1902، قامت بعثة فرنسية تحت إشراف "م. مورجان" (Mourgan) كان هدفها الرئيسي استكشاف المدينة الملكية القديمة "سوسا" (شوشن). واكتشفت هذه البعثة حجرًا من الديورايت البركاني، ارتفاعه 2,25 م.، ومحيطه متران تقريبًا، عليه نقش بارز لصورة وكتابة على أربعة وأربعين عمودًا من الكتابة المسمارية البابلية القديمة. ولقد ادرك البروفسور "شايل" (Prof.V.Scheil) عالم الآثار الأشورية في البعثة - في الحال أن هذا الحجر منقوشة عليه مجموعة قوانين الملك حمورابي. ونشر هذا الاكتشاف الرائع في أوائل 1902م. في التقرير الرسمي الخاص بالبعثة. كما قدم -في نفس الوقت- البروفسور شايل أول ترجمة للنص، وبعد ذلك ترجم النص إلى الكثير من اللغات.

(2) وصف الحجر: الحجر على شكل عمود مقطعة العرضي قطع ناقص، وعلى الجزء العلوي من الوجه الأمامي، صورة بارزة، يرى فيها حمورابي واقفًا يتعبد أمام إله الشمس الجالس على عرشه، والذي تميزه أشعة الشمس المنبعثة من أكتافه، وحمورابي يتسلم من الإله صولجانا وخاتمًا رمز العدالة.

وحيث أن حمورابي يذكر أنه استلم هذا القانون من هذا الإله، فلنا أن نفترض أن هذا النحت يمثل الملك وهو يتلقى هذه القوانين من فم الإله. ونجد تحت هذه الصورة كتابة على ستة عشر عمودًا، تقرأ من أعلى إلى أسفل. كما توجد سبعة أعمدة أزيلت نقوشها في وقت لاحق، لكي تفسح المجال لتسجيل نقوش جديدة.

ويوجد على الجانب الآخر من الحجر ثمانية وعشرون عمودًا من هذه القوانين.

(3) تاريخ الحجر: أقام الملك حمورابي هذا الحجر، قرب نهاية حكمه الذي بلغ نحو ثلاثٍ وأربعين سنة، في معبد "إساجيلا" في بابل عاصمة مملكته (حوالي 2100 ق.م.). ويبدو أن الملك العيلامي "شوتروك ناخونت" أخذه من بابل في القرن الثاني عشر قبل الميلاد عندما نهب بابل، ثم أقامه كنصب تذكاري لانتصاره في الحرب، في "سوسا" (عاصمة عيلام). ولعله هو الذي أمر بمحو الأعمدة السبعة من الجانب الأمامي، لكي ينقش مكانها ما يخلد به أعماله الشخصية، بيد أنه لظروف لا نعلمها لم يتحقق هذا الهدف.

وبعد اكتشاف هذا الحجر تم نقله إلى باريس، وهو الآن أحد أهم معروضات متحف اللوفر هناك.

(4) أصل القوانين - وتاريخها اللاحق: مع أن حمورابي لم يكن أول مشرع في بابل، إلا انه -على حد علمنا- أول من استخدم لغة الشعب أي اللهجة السامية في تدوين القوانين.

ومن المعروف أنه -قبل ذلك بنحو ألف عام تقريبًا- نشر الملك "يوروكاجينا" قوانينه في بابل، إلا أنها فقدت ولم يعثر لها على أثر. كما يبدو أن "حمولئيل" -أحد أجداد حمورابي- قد سنَّ بعض القوانين أيضًا.

وما نستطيع استخلاصه من ممارسات الحياة الاجتماعية في بابل قديمًا، هو أن ما قدمه حمورابي من تشريعات لم يكن شيئًا جديدًا في جوهره، ففي زمن سابق لحمورابي، كانت هناك قوانين قائمة بالفعل على نفس أسسه ومبادئه، ولكن إليه يرجع الفضل في القيام بتجميع القوانين السارية في أيامه، وإعادة صياغتها باللغة السامية.

وقد نشرت هذه القوانين في العام الثاني لملكه، إلا أن النصب التذكاري المعروف، أقيم بعد ذلك بنحو ثلاثين سنة، بالإضافة إلى أنه قد كتبت منها أكثر من نسخة حيث أنه قد اكتشفت في "سوسا" أجزاء من نسخة أخرى من القوانين. ولا يمكننا ان نجزم بالمدة التي ظلت فيها تلك القوانين السارية.

على أي حال، ظلت تصدر نسخ من هذه القوانين حتى زمن الملك "أشور بانيبال"، بل توجد -في الواقع- نسخ منها مكتوبة باللغة البابلية الحديثة، يرجع تاريخها إلى القرن السابع قبل الميلاد. ولحسن الحظ، أن الصور الأخرى اشتملت على أجزاء عديدة مما أزيل عن العمود الأصلي، ومن ثم تمكنا -برغم مما فقد من الحجر الأصلي- أن نعرف كل محتويات هذه القوانين تقريبًا.

ثانيًا : محتويات مجموعة القوانين:

توجد في صدر مجموعة القوانين نفسها، مقدمة، أضيفت إليها في زمن لاحق، بعد ثلاثين عامًا من نشرها.

تقول المقدمة -أول كل شيء- إنه في العصر البدائي، عندما انتخب "مردوخ" إله بابل ملكًا على الآلهة، اختارت الآلهة حمورابي " لكي يعمل على أن يسطع العدل في جميع نواحي البلاد، وأن يسلّم المذنبين والأشرار للهلاك، وأن يعمل على ألا يستعبد القوي الضعيف ".

والواقع أن مجموعة قوانين حمورابي قد غطت كل هذه النواحي. وبالإضافة إلى ذلك، يتغنى الملك بأعماله وخدماته لمدن بابل الرئيسية ومعابدها وعباداتها. فيظهر حمورابي كخادم حقيقي للآلهة، وكحامٍ لشعبه يحسن معاملة من لم يعترفوا بسيادته في باديء الأمر.

ومن المؤكد أن هذه المقدمة لا تخلو من الغلو والغرور، إذ يصف الملك نفسه بأنه "إله الملوك" و"الإله الشمس في بابل". بل لقد اعتبر الملك أيضًا أن الآمال في مجيء "المخلص" - الذي ذكرته تواريخ الوثنيين الأقدمين - قد تحققت في شخصه.

ويمكن تقسيم مجموعة القوانين ذاتها إلى اثني عشر قسمًا، ولكنها لا تنتهج ترتيبًا منطقيًا محددًا، بل كثيرًا ما يعوزها التسلسل المنطقي. فهي مجموعة قانونية، تجمعت على مدى الأزمان، وليست عملًا مكتملًا شاملًا. فالكثير مما نتوقع وجوده في أي مجموعة قانونية، غير موجود، بل ولا إشارة إليه في قوانين حمورابي.

(1) أسس الدعوى القانونية: تعالج الفقرات الخمس الأولي بعض مباديء الدعوي القانونية، وتعطي الأهمية الأولى للاتهامات الباطلة. أما تهمة السحر التي لا تثبت صحتها، فتعالج باهتمام خاص (مادة 2). فالمتهم في هذه القضية عليه أن يجوز اختبارًا قاسيًا على يدي إله النهر لمعرفة مدى صدقه، إلا أن تفاصيل هذا الاختبار غير مذكورة. فإذا ما أدانه الإله، يستولي المدعي على بيته، أما إذا حدث العكس، فيحكم على المدعي بموته، ويستولي المتهم على بيته . كما نجد القانون صارمًا جدًا ضد شهود الزور. وإذا كان الاتهام يعرض المتهم لعقوبة الموت، يعاقب من يشهد ضده كذبًا بالموت (مادة 3).

وأخيرًا يبذل الملك قصارى الجهد لكي يجعل من القضاة هيئة عادلة أمينة: "فالقاضي الذي لا ينفذ حكم القضاء على وجه سليم، يكون عرضة، ليس فقط لدفع اثني عشر ضعفًا للمبلغ موضوع القضية، بل يطرد أيضًا من وظيفته مشيعًا بالخزي والعار.

(2) السرقة والسطو والسلب: تختص المواد التالية (6-25) بالسرقة والسطو والسلب وغيرها من الجرائم المشابهة.

فالسرقة من قصر أو معبد أو استلام المسروقات وإخفاؤها، كانت عقوبتها الإعدام أو الغرامة الفادحة طبقًا لطبيعة الشيء المسروق (مواد 6-8) وحيث جرت العادة في بابل قديمًا أن يتم الشراء في حضور شهود، أو بناء على صك بيع كتابي، فكان المتبع في حالات معينة، مثل عدم وجود شهود أو عدم تقديم الصك، أن يعتبر ذلك جريمة سرقة، ويتعرض المتهم للحكم عليه بالإعدام (مادة 7).

وثمة إجراء دقيق يتبع بالنسبة للقضايا المتعلقة باكتشاف بضائع مفقودة لدى شخص آخر، فمن لا يستطيع أن يثبت في التحقيق، حقه المشروع، يحكم عليه بالموت بصفته مخادعًا يحاول الإثراء بتوجيه اتهام باطل (مادة 9 وما بعدها).

أما خطف طفل حر أو خطف عبد من القصر وإخفاؤه، فعقوبته الإعدام (مادة 14 وما بعدها).

وحيث أنه كان للرق أهمية كبري في اقتصاديات بابل، كانت هناك لوائح مفصلة فيما يتعلق باعتقال العبيد الهاربين وما شابه ذلك من أمور (مادة 17 وما بعدها).

أما السطو فكانت عقوبته الإعدام كالسلب (مادة 21 وما بعدها)، فإذا لم يمسك السارق، فإن الشخص أو الجهة المسئولة عن سلامة المكان، تلزم بدفع تعويض (مادة 22 وما بعدها).ومن يحاول الإثراء عن طريق نهب مبنى في أثناء حريق كبير، فجزاؤه أن يلقى هو في النار(مادة 25).

(3) قوانين تتعلق بالوكلاء: تنظم المواد التالية (26 إلى 41) أمور الوكلاء ولا سيما فيما يتعلق بالحقوق والواجبات ذات الطبيعة العسكرية. وما زلنا نجهل الكثير عن هذا الموضوع.

وتظهر هنا أيضًا عناية حمورابي التي يوليها للطبقات الدنيا، لأنه أصدر تعليمات صارمة ضد استغلال السلطة والنفوذ، ووضع عقوبات لمخالفة ذلك، تصل إلى الإعدام (مادة 34).

فقد كان للملك في كل حالة سلطة فيما يتعلق بالإقطاعيات والتي لا يمكن للوكيل أن يبيعها أو يبدلها أو ينقلها لزوجته أو بناته (36-41)، فالقاعدة هي أن الأبناء يتولون أمر الإقطاعية بعض موت الأب، ويصبح له ما كان له من حقوق، وعليهم ما كان عليه من واجبات. وينطبق نفس الشيء ما إذا اختفى الأب وهو في خدمة الملك (مادة 28). وكان للإقطاعيات الخاصة لكاهنات الشعب وضع خاص (مادة 40).

(4) الأموال الثابتة غير المنقولة: خصص حمورابي جزءًا كبيرًا من قوانينه (41 وما بعده) وللموال الثابتة غير المنقولة (مثل الحقول والمنازل والحدائق) لأن الحياة الاقتصادية في بابل قديمًا، كانت تعتمد أساسًا على زراعة الحبوب والنخيل.

وتشرح هذه المواد العلاقات القانونية بين مستأجري الأرض شرحًا وافيًا (مادة 42). فإهمال العمل لا يعفي المستأجر من التزاماته نحو صاحب الأرض.ومن جهة أخرى، فإنه في حالة الخسارة الناتجة عن أحوال الطقس، يعفي المستأجر من التزاماته المتعلقة بالإيجار الذي لم يسدد بعد. إلا انه يكون ملزمًا بسداد مبلغ يتناسب مع كمية إنتاج أرضه فقط (مادة 45 وما بعدها).

كما أن صاحب الأرض الذي عليه التزامات، كان في حالة تعرض المحصولات لقحط أو غرق، تتمتع بحماية كبيرة (مادة 48).

وتنظم هذه المواد بصفة عامة المعاملات وتضبطها ضبطًا كافيًا (مادة 49). ونظرًا لأن الري المنتظم شرط أساسي للزراعة المربحة في أرض تفتقر إلى المطر، فلذلك سنت القوانين الصارمة في هذا الصدد، فالخسارة الناتجة عن الإهمال، لا بُد ان يدفع عنها تعويض. ومن كانت تحول إمكاناته دون الوفاء بهذا التعويض، كان يباع هو وعائلته في سوق الرقيق (53 وما بعدها). وهناك لوائح خاصة تحمي مالك الأرض من قيام مواشي الآخرين بالرعي في حقوله دون موافقته (مادة 57).

وتسير اللوائح المختصة بالبساتين على هذا النمط (59-66)، وتفصل المواد بدقة العلاقة بين صاحب الأرض والبستاني الملزم بغرس ورعاية الحديقة، وكذلك بالنسبة لالتزامات المالك. ولم تحفظ هذه اللوائح الخاصة بالبساتين كاملة على الحجر، لكن من النسخ الأخرى المشار إليها سابقًا أمكن معرفة تلك اللوائح بكاملها.

أما العلاقات القانونية بين ملاَّك المنازل ومستأجريها (مادة 67 وما بعدها) فليس لدينا سوى القليل عنها لأن الجزاء المتعلقة بهذا الموضوع على الحجر الأصلي، فقدت تمامًا ولم يمكن أن نسترجع سوى أجزاء قليلة منها عن طريق النسخ الأخرى.

وثمة إشارة أخرى إلى أمور الوكالة (مادة 71)، كما نظمت العلاقة بين الجيران، ولكن لا نعرف تفصيلها (مادة 72 وما بعدها). كما لم يتوفر لنا على وجه الدقة إلا القليل عن حقوق المستأجر والمالك (مادة 78).

بسبب هذه الفجوات لا نستطيع تحديد نطاق اللوائح الخاصة بالأموال غير المنقولة. كما يبدو أنه كانت هناك قوانين أخرى في الفجوات تتعلق بمسئوليات العمل، ولا يمكن تحديد عدد الفقرات أو المواد المفقودة إلا على وجه التقريب، ولذلك لا يمكن أن يكون ترقيم المواد التالية صحيحًا تمامًا.

(5) التاجر والوكيل: تعود النصوص لمعالجة موضوع العلاقات الشرعية بين التاجر ووكلائه ( المواد 100107)، فهؤلاء الوكلاء ليسوا سوى موظفين عند التاجر، يقومون على رعاية شؤون العمل. وبينما تنظم القوانين مسئولياتهم وواجباتهم تجاه أصحاب العمل، فإنها في نفس الوقت، تعمل على حمايتهم من أصحاب الأعمال الظالمين والمخادعين.

(6) الحانات والفنادق: كانت الحانات والفنادق في بابل (108-111) في معظم الأحوال، ملجأ للمجرمين. وكانت بصفة عامة تمتلكها النسوة اللواتي كن مسئولات عما يجري داخلها (مادة 109)، وكانت الكاهنات ممنوعات من ارتياد هذه الأمكنة، وإلا تعرضن لعقوبة الموت حرقًا (مادة 110).

(7) الودائع: تعالج المواد التالية (112-126) موضوع الودائع، على الرغم من أن بعض ما ورد بها لا يرتبط بذلك إلا ارتباطا غير مباشر. فلابد أن يعاقب المخادعون (مادة 112)، كما يوفر القانون الحماية للمدين من عدوان الدائن (مادة 113).وثمة أحكام مفصلة بخصوص سجن المدين (مادة 114 وما بعدها)، وكان يجب على الدائن أن يحذر من إساءة معاملة شخص سجين (في بيته) بسبب دين.وإذا مات أحد أبناء المدين بسبب خطأ من الدائن، فلا بُد وأن يوقع على الدائن عقاب رادع، يتمثل في قتل أحد أبنائه (مادة 116). كما كان يجب إطلاق سراح أفراد العائلة المسجونين بسبب دين بعد مضي ثلاثة أعوام من سجنهم (مادة 117).

إذا أراد أحد أن يحفظ وديعة لدى آخر، فكان يجب أن يتم ذلك في محضر شهود أو بكتابة إقرار، وإلا فلن تسمع دعواه (مادة 122). ومن يعهد إليه بوديعة يصبح مسئولًا عنها (مادة 125). ولكن ثمة قوانين لحمايته من الادعاءات أو المطالبات الظالمة (مادة 126).

(8) الأسرة: أما المواد التي تنظم شؤون العائلة، فتتسم بالإسهاب (127-195). فلا بد أن يقوم الزواج على أساس التعاقد (مادة 128). ويفترض في الزوجة الولاء الكامل الدائم ( مادة 129 وما بعدها). في حين لا يلتزم الزوج في هذا الصدد بأي نوع من الالتزامات. والزوجة الخائنة تتعرض للحكم عليها بالموت غرقًا، بيد أن شريكها في الإثم، قد يواجه أيضًا تحت ظروف معينة عقوبة الإعدام. وفي حالة غياب الزوج اضطراريا مدة طويلة، يسمح للزوجة _ التي تعجز عن إعالة نفسها بالزواج ثانية (مادة 133 وما بعدها). أما بالنسبة للزوج، فلا يوجد ما يحول دون تطليقه لزوجته طالما يقوم بتسوية كل الأمور المتعلقة بها من ناحية ممتلكاتها وتدبير ما يلزم لتربية الأطفال. وفي بعض الحالات كان يدفع لها مبلغًا من المال تعويضًا عن الطلاق (مادة 137).

وسلوك الزوجة سلوكًا معوجًا، كان سببًا كافيًا لفسخ عقد الزواج. وفي هذه الحالة كان يمكن للزوج أن يسترق الزوجة ويتخذها أمة له (مادة 141). كما كان يمكن للزوجة فسخ عقد الزواج في حالة إهمال الزوج لواجباته نحوها إهمالًا جسيما (مادة 142). أما إذا طلبت الزوجة فسخ عقد الزواج لسبب غير ذلك، فكان يحكم عليها بالموت غرقًا (مادة 143).

ولم يكن القانون يسمح عادة بتعدد الزوجات. وإذا قدمت زوجة عاقر جاريتها لزوجها، فأنجبت له أطفالًا، فحينئذ لا يجوز له الزواج بأخرى (مادة 144)، أما إذا لم تنجب له الجارية، فكان يجوز له الزواج بأخرى (مادة 145). والجارية التي قدمتها الزوجة لزوجها ملزمة بأن تظهر الاحترام الواجب لسيدتها. وإذا لم تفعل هذا تفقد وضعها المتميز. بيد أنها لا تباع إذا كانت قد أنجبت ابنًا للرجل (مواد 146 و147) وإذا أصيبت الزوجة بمرض عضال لا يرجى شفاؤه، يكون للزوج الحق في أن يتزوج بأخرى ( 148 و149).

بعد وفاة الزوج لا يكون للأطفال نصيب في الهدايا والهبات التي قدمها الزوج لزوجته، ولكن كان يجب مراعاة عدم خروج الملكية من العائلة (مادة 150). وديون أحد الزوجين قبل الزواج غير ملزمة للطرف الآخر إذا كانا قد اتفقا على ذلك (151 و152).

كما وضعت قوانين صارمة ضد الإساءة في العلاقات الجنسية، فالزوجة التي تقتل زوجها من أجل عشيقها، يحكم عليها بالموت على الخازوق (مادة 153). وتعاقب جريمة الزنا بالمحارم بالنفي أو الموت حسب مقتضيات الظروف (154-156).

وفسخ الرجل للخطوبة دون مبرر كاف، يجر عليه خسارة كل هداياه لعروسه. أما إذا فسخ والد العروس الخطوبة، فعليه أن يرد للخطيب ضعف قيمة الهدايا، وبخاصة المبلغ المدفوع مهرًا لوالد العروس (مواد 159-161).

ويولي القانون عناية خاصة للأمور المتعلقة بالميراث (162). أما البائنة الخاصة بالزوجة فتؤول بعد وفاتها إلى أبنائها (162). والهدايا التي قدمت للشخص وهو حي، لا تؤخذ في الاعتبار عند تقسيم الميراث (165). وباستثناء النفقة المفروض على الأب تخصيصها لكل واحد من أبنائه حسب حالتهم، يكون الجزء الأكبر من التركة وبخاصة النقود من نصيب الزوجة (166). ويقتسم الأبناء المولودون لأمهات مختلفات ميراث الأب بالتساوي (مادة 167) ولا يسمح بحرمان الابن من الميراث إلا في حالة ارتكابه أخطاء جسيمة، وبعد إنذار مسبق (168، 169). والأبناء غير الشرعيين المولودون من إيماء، لا نصيب لهم في الميراث إلا إذا اعترف الأب اعترافًا صريحًا ببنوتهم له (مادة 170)، وإلا يصبحون أحرارًا عند موت الأب (مادة 171).

والزوجة الأولى، التي لم تكن قد ضمنت لها احتياجاتها في المستقبل في أثناء وجود زوجها على قيد الحياة، يكون لها في تركة زوجها في حال وفاته نصيب مساو لكل ابن من أبنائه، إلا أنها لا تنتفع إلا بالريع فقط (مادة 172) وللأرملة أن تتزوج ثانية، بيد أنه في هذه الحالة يسقط حقها في تركة زوجها، ويؤول نصيبها إلى أولاده (172-177). أما بالنسبة لأولادها من كلا الزوجين فيتقاسمون ممتلكاتها الخاصة بالتساوي (173 و174).

أبناء المرأة الحرة المتزوجة من عبد، يكونوا أحرارًا (175)، ولسيد ذلك العبد الحق في نصف ممتلكات العبد التي اكتسبها في أثناء هذا الزواج (176 و177).

والبنات غير المتزوجات يصبحن كاهنات أو يلحقن بإحدى المؤسسات الدينية. وغالبًا ما تأخذ البنت منهن نوعًا من الهبات تظل في يد إخوتها ويقتسمونها عند موتها، ما لم يكن أبوها قد منحها حرية التصرف في هذه الهبة (178 و179). أما أن لم يعطها مثل هذه الهبة، فإنها تأخذ من تركته نصيبًا معادلًا لنصيب أخوتها ولكنها لا تستمتع إلا بالريع فقط. أما البنت المكرسة لخدمة إحدى الآلهات، فإنها تأخذ ثلث هذا القدر فقط (180 و181).

أمَّا كاهنات الإله " مردوخ " إله بابل، فكانت لهن امتيازات خاصة، فكانت لهن سلطة كاملة للتصرف في كل ما يحصلن عليه من ممتلكات (182).

ولا يمكن لأب أن يتخلى عن أبنائه بالتبني (185-187). وإذا قدم الوالدان ابنهما لأحد السادة ليتبناه ويعلمه حرفة، فإنهما لا يستطيعان استرداده فيما بعد (188 و189). وعصيان الأبناء بالتبني من طبقة أدنى، عقابه قطع اللسان (192) أو قلع إحدى العينين (193). وكانت المرضعة الأجيرة تتعرض لعقاب صارم إذا ثبت أنها غير أمينة (194). أما المادة الأخيرة في هذا القسم، فكانت تنص على أن عقوبة الأبناء الذين يعتدون على آبائهم بالضرب، هي قطع أيديهم (195).

(9) ما يتعلق بالجروح وغيرها: أما القسم التالي فجميع مواده (196-227). تتعلق بالجروح بأنواعها، وبخاصة بتطبيق عقوبة مماثلة للإصابة، أي: عين بعين، وسن بسن، وعظم بعظم. وكان أفراد الطبقة الاجتماعية الدنيا يقبلون عادة تعويضًا ماليًا (196-198). فإذا لطم رجل حر رجلًا حرًا آخر على أذنه، يدفع له ستين شاقلًا تعويضًا (203). فإذا كان الرجل المضروب نصف حر، فإنه يأخذ عشرة شواقل فقط (204). إما إذا ضرب عبد رجلًا حرًا على أذنه، فكانت تقطع أذن العبد مقابل ذلك (205). والجرح غير المتعمد والذي يؤدي إلى الموت فجزاؤه الغرامة (207-208). ومن يضرب امرأة حرة حبله ويتسبب في إجهاضها وموتها، يعاقب بقتل ابنته (210). أما إذا كانت المرأة نصف حرة أو أمه، فيكتفى بتعويض مالي (212-214).

وكان الطبيب الجراح مسئولًا عن عمليات جراحية معينة، فإذا نجحت كان له الحق قانونًا في مكافأة ضخمة، إما إذا فشلت تحت ظروف معينة فقد تقطع يده (215-217). ولا شك في ان هذا القانون كان رادعًا للدجالين وأدعياء الطب. وتأتي بعد ذلك الأحكام المنظمة لأجور الجراحين (221-223). كما كان الجراحون البيطريون مسئولين إلى حد ما عن موت الحيوان الذي في رعايته (224-225).

(10) بناء المنازل والسفن:ثم يعالج القانون موضوع بناء المنازل والسفن (228-240). فالبنَّاء مسئول عن ثبات ومتانة المنزل الذي تولى بناؤه، فإذا انهار المنزل وقتل صاحبه، فالبنَّاء يقتل، أما إذا قتل ابن صاحب المنزل تحت الأنقاض، فيقتل أحد أبناء البنَّاء (229 و230). كما كان البنَّاء مسئولًا أيضًا عن أي خسائر أخرى تقع (231-233). وكان لبناء السفن أحكام مماثلة (234-236). ومستأجر السفينة مسئول عنها أمام مالكها (236-238). وكان يجب على السفن التجارية في اجتيازها القنوات الحرص الشديد لتجنب وقوع حوادث(240).

(11) أحكام الاستئجار بصفة عامة:لقد ضمت الأقسام السابقة أحكامًا تتعلق بالتأجير والأجور، ولكن هذا القسم الحادي عشر يعالج الموضوع بأكثر تفصيل (241-277)، كما أنه يتعرض لأمور أخرى كثيرة لا ترتبط بهذا الموضوع إلا ارتباطًا يسيرًا.

وتضع هذه المواد ‎"تعريفة" لتشغيل الحيوانات(242 و243)، كما تقرر إلى أي مدى يعتبر المستأجر مسئولًا عما يلحق الحيوان من ضرر (244-246). وتعطى اهتمامًا خاصًا بالثور النطاح (250-252). ويحرص القانون على ألا يفلت وكيل خائن من العقاب. وفي حالة خيانة كبرى للأمانة، فالعقاب هو أن تقطع يد الخائن أو أن تمزقه الثيران (253-255).

كما حدد القانون أجور العمال الزراعيين (257 و258). أما حالات السرقة البسيطة من أدوات الحقل، فكان السارق يعاقب بدفع غرامة مالية (259 و260). وكان أجر الراعي والتزاماته موضوع بعض المواد الأخرى (261-263).

وأخيرًا تأتي الأحكام المتعلقة بالاستئجار، مثل استئجار الحيوانات لدرس الحنطة (268-270) والعربات (271) وأجور العمال (273)، والعمال اليدويين (274)، والسفن (276 و277).

(12) العبيد:ويعالج الجزء الأخير(278-282) موضوعات لم يسبق ذكرها تتعلق بالعبيد. فالبائع مسئول أمام المشتري عن سلامة العبد من مرض الصرع (278). وإن ذلك العبد ليس عليه التزامات تجاه أي شخص آخر (279). والعبيد من أصل بابلي والذين سبق شراؤهم في بلاد أجنبية، يجب أن يطلق سراحهم إذا ما جيء بهم ثانية إلى بابل وتعرف عليهم سيدهم السابق (280). أما إذا أنكر العبد سيده السابق، فيمكن أن تقطع أذنه (282).

وهنا تنتهي القوانين، وبرغم القسوة التي تبدو في بعض الأحكام،إلا أنها في مجموعها تدل على روح العدل والإنصاف، ولذلك يمتدح الملك في ختام القوانين ذاته كراعٍ ومخلِّص، وكمعين للمظلومين وكمشير للأرامل والأيتام، وبالاختصار كأب لشعبه. وفي النهاية يحث الملك الحكام الذين يأتون بعده على احترام قوانينه، ويعد من يفعل ذلك ببركات الآلهة. أما من يحاول أن يبطل هذه القوانين فيستجلب عليه حمورابي لعنات كل الآلهة العظام فرادى وجماعات.

وبهذا ينتهي العمود التذكاري.

ثالثًا أهمية قوانين حمورابي:

لقد وضحت أهمية هذه القوانين منذ اكتشافها لأنها في الحقيقة أقدم مجموعة قوانين وصلت إلينا. فهي تقدم لنا أبرز صورة للحضارة البابلية القديمة، وتضع أمامنا حقائق عن تاريخ الرق والعبودية، ووضع المرأة وأمور أخرى كثيرة. أما الفصل الواضح في كل مواد القانون بين هذه القوانين والدين فأمر يستلفت النظر بشدة ويستحق أن نوليه عناية خاصة.

(1) حمورابي وموسى: ليس مستغربًا إذن أن أثرًا بمثل هذه الأهمية البالغة، يتطلب مقارنته بآثار أخرى مشابهة.

وأهم سؤال يخطر على البال، هو علاقة قوانين حمورابي بشريعة موسى، فلم يكن حمورابي ملكًا على بابل فقط بل على "أمورو" أيضًا (وهي بلاد الأموريين التي أطلق عليها فيما بعد سوريا وفلسطين). ونظرًا لأن خلفاءه قد احتفظوا بسيطرتهم إلى بلاد الأموريين، فمن المحتمل جدًا أن قوانين حمورابي كانت سارية فيها فترة طويلة، ولو بصورة مطورة ومعدلة.

ففي عصر إبراهيم مثلًا نجد قصة سارة وهاجر (تك 16: 1-6)، وراحيل وبلهة (تك30: 1-8). وكلتا القصتين ترويان كيف أعطت الزوجة لرجلها جارية لينجب منها نسلًا. وقد تضمنت هذه القصص نفس المبادئ التشريعية التي تضمنتها قوانين حمورابي (انظر ما جاء في المواد 144-146).

كما نجد في قصص أخرى في العهد القديم، نفس التقاليد والعادات الموجودة في قوانين حمورابي، حيث أن هدايا الزواج التي قدمت لرفقة تشابه البائنة البابلية [(انظر تك24: 53) مع المادة 159 من قوانين حمورابي، وكذلك (تك 31: 14، 15)].

وهناك نقاط اتفاق بارزة بين قوانين حمورابي وشريعة موسى (خروج 20: 22؛ 23: 32). ونذكر هنا بعض الأمثلة:

(أ) جاء في شريعة موسى:"إذا اشتريت عبدًا عبرانيًا فست سنين يخدم وفي السابعة يخرج حرًا مجانًا" (خر 2:21)، وهذا شبيه بما جاء من قانون حمورابي: " إذا وقع رجل في دين، وأعطى زوجته أو ابنه أو ابنته بدلًا من الفضة، فعليهم أن يخدموا ثلاث سنوات في منزل من اشتراهم، أي سيدهم، ثم يستردون حريتهم في السنة الرابعة" (المادة 117).

(ب) "من ضرب أباه أو أمه يقتل قتلًا" (خر 15:21)، يقابل ذلك في قوانين حمورابي: "إذا ضرب ابن أباه تقطع يده" (مادة 195).

(ج)"إذا تخاصم رجلان فضرب أحدهما الآخر بحجر أو بكلمة ولم يقتل بل سقط في الفراش، فان قام وتمشى خارجًا على عكازه يكون الضارب بريئًا إلا أنه يعوض عطلته وينفق على شفائه" (خر 18:21، 19). ويقابل ذلك في قوانين حمورابي: " إذا ضرب رجل رجلًا آخر في شجار وجرحه، فعلى الضارب أن يحلف قائلًا: " إنني لم أضربه عمدًا، ويتكفل بنفقات الطبيب" (مادة 206).

(د) "إذا تخاصم رجال وصدموا امرأة حبلى فسقط ولدها ولم تحصل أذية، يغرم كما يضع عليه زوج المرأة ويدفع عن يد القضاة" (خر 22:21)، وهذا شبيه بما جاء في قوانين حمورابي: "إذا ضرب رجل امرأة وتسبب في إجهاضها، فعليه أن يدفع عشرة شواقل فضة تعويضًا لها" (مادة 209).

(ه) "عينًا بعين، وسنًا بسن، ويدًا بيد ورجلًا برجل" (خر 24:21) وجاء في قوانين حمورابي: "إذا فقأ رجل عين رجل، تفقأ عينه" (مادة 196)، "وإذا كسر عظمة لرجل حر، تكسر له عظمة" (مادة 197) وإذا كسر رجل سن رجل من نفس طبقته، تخلع له سن" (مادة 200).

(و) "إذا نطح ثور رجلًا أو امرأة فمات يرجم الثور ولا يؤكل لحمه، وأما صاحب الثور فيكون بريئًا. ولكن إذا كان ثورًا ناطحًا من قبل وقد أشهد على صاحبه ولم يضبطه فقتل رجلًا أو امرأة فالثور يرجم وصاحبه أيضًا يقتل... إن نطح الثور عبدً أو أمة. يعطى سيده ثلاثين شاقل فضة، والثور يرجم" (خر 28:21 - 32).

و يقابل ذلك ما جاء في قوانين حمورابي: "إذا نطح ثور أثناء سيره في الشارع رجلًا فقتله، فلا وجه لتقديم مطالبات من أى نوع. أما إذا كان الثور ناطحًا من قبل، وتبينت لصاحبه هذه الحقيقة، ومع ذلك لم يكسر قرونه أو يربطه، فإذا نطح هذا الثور رجلًا حرًا فقتله، فعلى صاحب الثور أن يدفع ثلاثين شاقلًا من الفضة . أما إذا نطح عبدًا فيعطى سيده عشرين شاقلًا من الفضة ". (مادة 252:250).

(ز) وهكذا نجد العديد من المشابهات في المواضيع والأحكام ، بين شريعة موسى وقوانين حمورابي.

فما جاء في (سفر الخروج 7:22) يشبه مادة 124 من حمورابي، وما جاء في (خروج 10:22 - 12) سبيه بالمواد 244 - 246، 266، 276 من قوانين حمورابي.

و التشابه بين الأجزاء لأخرى من الأسفار الخمسة، ومجموعة قوانين حمورابي ليست ملفتة للنظر، كما في الحالات الواردة في سفر الخروج والتي نوهنا عنها، ومع ذلك فيمكن مقارنة:

(لا 39:25) - 41 مع المادة 5 من قوانين حمورابي

(لا 10:20) مع المادة 129 من قوانين حمورابي

(لا 19:24، 20) مع المواد 196 - 198 من قوانين حمورابي

(لا 39:25) - 41 مع المادة 129 من قوانين حمورابي

(تث 16:19) - 18 مع المادتين 3 و4 من قوانين حمورابي

(تث 1:24) مع المواد 137 و138 و148 و149 من قوانين حمورابي

(تث 7:24) مع المادة 14 من قوانين حمورابي

ويمكن -بصفة خاصة- مقارنة

(تث 15:21 - 20) مع المواد 167 - 169 من قوانين حمورابي

ففي الحالتين نجد الانتقال من القواعد المتعلقة بتركة رجل تزوج عدة مرات إلى أحكام متعلقة بمعاقبة ابن عاق ولا شك أنه اتفاق في الترتيب ملحوظ.

ولا نستطيع الجزم بأن التوافقات التي عرضناها قد جاءت نتيجة مصادفة عشوائية، كما لا نستطيع القول بأنها منقولة مباشرة عن قوانين حمورابي، لأن شريعة موسى لها طابع خاص يحمل صبغة الثقافة الإسرائيلية، بالإضافة إلى وجود اختلافات واضحة عديدة.

وكما سبق أن ذكرنا، كانت بلاد الأموريين -لفترة طويلة- خاضعة لبابل، فلا شك أنه قد وصل إليها القانون البابلي. وعندما اتصل الإسرائيليون بالحضارة البابلية بعد دخولهم إلى أرض كنعان (و هي جزء من بلاد الأموريين القديمة)، كان من الطبيعي أن يستخدموا ما أفرزته تلك الحضارة، مما وجدوه فيها نافعًا لهم وهنا لا يستطيع أحد - تحت أي ظروف - أن يفترض وجود اقتباس مباشر، فهناك أجزاء بارزة في شريعة موسى، وبخاصة الوصايا العشر (خر 20) -لا سيما في إيجازها الواضح- لا نجد لها مثيل في قوانين حمورابي .

(1) قانون حمورابي والنظم القانونية الأخرى: لقد بذلت محاولات لإثبات وجود علاقة بين قوانين حمورابي وبين نظم قانونية أخرى. فثمة تعليمات كثيرة في التلمود تذكرنا بقوانين حمورابي وبخاصة في الباب الرابع من "المشنا" والذي عنوانه "بيزيكين" أي " الأضرار" لكن يجب ألا يغيب عن بالنا أن اليهود في فترة السبي، لم يعرفوا قوانين حمورابي بالتفصيل، وإذا تصادف وجود بعض التشابهات، فذلك راجع إلى أن الكثير من نظم وقوانين حمورابي، ظلت قائمة في التشريع البابلي اللاحق، وقد اعتمد التلمود -في بعض أجزائه- على التشريع البابلي في اقتباس القواعد التي تتفق مع أهداف التلمود، فالارتباط بينهما إذًا، لم يكن ارتباطًا مباشرًا.

يجب أن نأخذ في الاعتبار بنفس الكيفية، ذلك التشابه بين بقايا القوانين العربية القديمة، وبين ما يسمى بكتب القانون السوري الروماني (من القرن الخامس الميلادي)، وذلك على الرغم من أن بعضًا من هذه التوافقات قد جاءت وليدة الصدفة وحدها.

ومن المؤكد أن التشابه بين بعض القوانين الرومانية واليونانية وبين قوانين حمورابي، قد جاءت قبيل الصدفة، وهو أمر يبدو أكثر احتمالا حيث توجد تشابهات ملحوظة بوضوح بين قوانين حمورابي وبين نظم قانونية أخرى، وذلك في بعض النقاط، حتى وإن كنا لا نستطيع أن نكتشف بينها علاقة تاريخية، ومثال ذلك مجموعة قوانين الشعوب الصالية، وقانون الفرنجة الصاليين الذي جمع في 500 م.، وهو أقدم مجموعة قانونية جرمانية محفوظة.

وحتى تتوفر لنا معرفة كاملة بكل مجموعات القوانين المفقودة، مثل القوانين الأمورية القديمة والبابلية الحديثة، يجب أن نتحفظ تمامًا من التسرع في استخلاص النتائج. وعلى أي حال فان الحديث عن نقل مباشر مع وجود سلسلة طويلة من الحلقات الوسيطة، لهو ضرب من التهور والشطط.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-002-Holy-Arabic-Bible-Dictionary/21_KAF/KAF_124_01.html

تقصير الرابط:
tak.la/9wqt2sc