الإنسان الطبيعي هو الإنسان كما هو بالطبيعة المقابلة مع الإنسان كما تجعله النعمة. والإنسان الطبيعي تعبير لم يستخدمه إلا الرسول بولس.
أولًا- المعني الكتابي: يرد هذا التعبير في الرسالة الأولى إلي أهل كورنثوس (1 كو 2: 14) "ولكن الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة. ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يحكم فيه روحيًا.
والرسول بولس في حديثه عن الإنسان يستخدم أربعة أزواج من المقابلات:
أ- "الإنسان العتيق" بالمقابلة مع "الإنسان الجديد" (رو 6: 6؛ أف 4: 22؛ كو 3: 9؛ أف 2: 15؛ 4: 24؛ كو 3: 10).
ب- "الإنسان الخارج" بالمقابلة مع "الإنسان الداخل أو الباطن" (2 كو 4: 16؛ رومية 7: 22؛ أف 3: 16).
ج- "الإنسان الجسدي" بالمقابلة مع "الإنسان الروحي" (رو 8: 1-14؛ 1 كو 3: 1، 3، 4).
د- الإنسان الطبيعي بالمقابلة مع "الإنسان الروحي" أيضًا (1 كو 2: 14؛ أف 2: 3؛ 1 كو 2: 15؛ 3: 1؛ 14: 37؛ 15: 46؛ غل 6: 1).
وبدراسة هذه الأجزاء نجد أن الأوصاف: "العتيق"و "الخارج"و "الجسدي" و"الطبيعي" تصف الإنسان قبل تجديده، من وجهات نظر مختلفة، بينما الأوصاف "الجديد" و"الداخل أو الباطن"و"الروحي" تصفه بعد تجديده من وجهات نظر مختلفة أيضًا. ولفهم المعني يجب الرجوع إلي هذه المقابلات، ودراسة كل كلمة في ضوء ما يقابلها:
1-الإنسان العتيق: والإنسان العتيق هو "الإنسان الطبيعي" من وجهة النظر الزمنية أي قبل أن يعمل فيه الروح القدس ليجعل منه "إنسانًا جديدًا".
فالبيت القديم هو البيت قبل إعادة بنائه، وهكذا "الإنسان العتيق" هو الإنسان قبل أن يجدده الروح القدس بالنعمة ويقدسه. "إنساننا العتيق قد صلب معه ليبطل جسد الخطية كي لا نعود نستعبد أيضًا للخطية" (رو 6:6)، فالإنسان العتيق هنا هو نفسه " جسد الخطية" الذي يجب أن "يصلب" ويبطل كي لا يعود الإنسان "يستعبد للخطية" . "أن تخلعوا من جهة التصرف السابق، الإنسان العتيق الفاسد .. وتلبسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق" (أف 4: 22، 24). " فالإنسان العتيق" "فاسد" لذلك يجب أن نخلعه مثلما نخلع ثوبًا عتيقًا باليًا نجسًا، ونلبس ثيابا جديدة مغسولة بيضاء كالثلج. ونجد نفس الفكرة بعبارات مشابهة في (كولوسي 3: 9، 10).
عندما يقول الرسول بولس إن "الإنسان الطبيعي" هو "الإنسان العتيق" ويصفه بأنه"جسد الخطية" "الفاسد" في طبيعته وأعماله، ويقول إنه يجب أن "يصلب" و"يبطل" و"يخلع"لكي لا نعود "نستعبد للخطية" بل نعيش في "البر" وقداسة الحق" و"المعرفة"، بحسب خالقنا أي حسب "صورة" الله، عندما يقول بولس هذا، فإننا ندرك- ولو بعض الشيء -المعني الذي يقصده من هذه المقابلات (غل 5: 19- 24)، فهو يشير إلي الطبيعة الخاطئة في الإنسان التي لازمت الجنس البشري منذ السقوط، والتي يلزم أن تتجدد بالنعمة حسب الإنجيل الذي كرز به للكورنثيين والكولوسيين والأفسسين والرومانيين ولكل العالم.
2-الإنسان الخارج: ويقابل الرسول أيضًا بين "الإنسان الداخل"و"الإنسان الخارج": "وإن كان إنساننا الخارج يفني، فالداخل يتجدد يومًا فيومًا" (2 كو 4: 16). فما هو هذا "الإنسان الخارج" بالمقابلة مع "الإنسان الداخل" أو "الباطن"؟
المقابلة هنا بين "الإنسان الخارج"و "الإنسان الداخل" ليست هي نفسها المقابلة بين "الإنسان العتيق" "والإنسان الجديد" (أف 4: 22؛ كو 3: 9)، ولا المقابلة بين "الناموس في الأعضاء" و"الإنسان الباطن" (رومية 7: 22)، فهاتان مقابلتان بين الطبيعة الشهوانية والطبيعة الأدبية، بين "الجسد" "والروح"، أما في (كورنثوس الأولى 4: 16) فالمقابلة بين الطبيعة المادية والطبيعة الروحية.
"فالإنسان الخارج" هو الجسم، و"الإنسان الداخل" هو النفس أو الجزء اللامادي في الإنسان، فإن كان الجسم يفني من ضيقات الحياة، فإن النفس تتجدد، فالموت للجسم هو حياة للنفس، فكما أن الضيقات تضعف جسم الإنسان، فإنها تقوي الكيان الروحي للإنسان، أي أن ضيقات الحياة التي تنتهي بالموت للجسد، لها تأثير مُغاير علي النفس، فهي تقتل الجسد وتنعش النفس.
"فالإنسان الداخل" هو الإنسان المتجدد الذي يسكن فيه روح الله ويهيمن عليه، بعد أن عمل فيه روح النعمة، فإن كان "الإنسان الخارج" يفني بمرور الأيام فإن "الداخل"يبني بقوة الروح للقداسة.
3-الإنسان الجسدي: هناك مقابلة أخري يعقدها الرسول بولس، يستطيع أن نفهم معني "الإنسان الطبيعي"، فهو يقابل بين "الفكر الجسدي" "والفكر الروحي"(رومية 8: 1- 14) "فالفكر الجسدي" يرادف "ناموس الموت" والفكر الروحي يرادف "ناموس الروح"، وهما ناموسان مختلفان تمامًا، فأولهما يجعل الإنسان في "عداوة لله" ويؤدي إلي "الموت"، بينما الثاني يجعل منه ابنًا لله ويؤدي إلي"الحياة والسلام" "فكلمة "جسدي" تشير إلي كل ما هو ساقط وخاطئ في الإنسان، إنها تشير إلي الطبيعة في صورتها الخاطئة البهيمية المنحطة.
4-الإنسان الطبيعي: "الإنسان الطبيعي" هو "الإنسان العتيق" أي الإنسان كما هو بالطبيعة، كما ولد بالمقابلة مع الإنسان الذي تغير بالروح، الذي ولد ثانية أي الذي اختبر التجديد. فهناك حياة "عتيقة" حياة "خارجية"حياة "جسدانية " حياة "طبيعية" بالمقابلة مع الحياة "الجديدة"، "الحياة الباطنية"، "الحياة الروحية"، "حياة النعمة".فالإنسان الطبيعي هو تجسيم للطبيعة الفاسدة التي ورثناها من آدم الساقط، هي منبع ومصدر كل معصية وإثم.
ثانيًا- المعني اللاهوتي: إننا نعلم ما نقصده بالقول: "طبيعة الأسد" "وطبيعة الحمل"، فلا غموض في القول بأن الأسد مفترس بطبيعته، وان الحمل وديع بطبيعته، بناء علي التصرف الغالب في الحيوانين، فهذه محصلة صفاتهما التي تحدد سلوكهما التلقائي. فواضح إذًا ما نعنيه من أن الإنسان خاطئ بطبيعته، فالخطية بالنسبة للإنسان، تطابق طبيعة الافتراس في الأسد. و"الإنسان الطبيعي" تعبير مجازي عن الطبيعة البشرية الخاطئة، وهي تعادل العبارات اللاهوتية" "نزعة الخطية"، "التصرف الشرير"، و"الإدارة العاصية" و"الخطية الأصلية، و"الفساد الأصيل"، وهي تتجلي في "عمي الذهن"، و"قساوة القلب"، و"عصيان الإرادة العنيدة".
* انظر استخدامات أخرى لكلمة "إنسان".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/bmf2gg4