سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة روحية وعامة
أولًا(*)، شكرًا عزيزي السائل على أسئلتك، وعلى غيرتك المقدسة.. فجميع هذه التساؤلات هي تساؤلات مشروعة.. بغض النظر عما قد يكون الغرض منها!
تسأل: هل كل الكنائس تؤمن بجميع الكتاب المقدس؟
الإجابة هي: نعم!
كل الكنائس الرسولية تؤمن بجميع الكتاب المقدس..
إن كنيستنا منذ نشأتها وحتى يومنا هذا وهي ثابتة على الإيمان الواحد الحقيقي السليم المعاش المسلم لها من السيد المسيح إلهنا وفادينا ومخلصنا ورسله الأطهار من بعده لا تحيد عنه يمينًا أو يسارًا ولقد بذلت في سبيل المحافظة على هذا الإيمان الغالي والرخيص على مر الأجيال. وقد أفنى آبائها وقديسيها حياتهم في سبيل الحفاظ على وحدتها وسلامة عقيدتها ولذلك نقول عنها في القداس الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسولية. ولكن عدو الخير ظل يسعى لمحاربتها بظهور العديد من البدع والهرطقات التي نتج عنها ظهور طوائف أخرى منشقة عن الكنيسة الأم. ففي مجمع خلقيدونية سنة 451، حدث الانشقاق الأول عن الكنيسة، حيث ظلت كنيسة الإسكندرية وسائر الكنائس الغير خلقيدونية ثابتة على إيمانها الحقيقي الأصلي المسلم لنا من الآباء الرسل والذي أقرته المجامع المسكونية الثلاثة، مجمع نيقية سنة 325 ومجمع القسطنطينية عام 381 ومجمع أفسس عام 431 م.، وأصبح اسمهم الأرثوذكس ὀρθόδοξος أي التقليديين أو ذوي الرأي المستقيم. أما الخلقيدونيين الذين انحرفوا عن الإيمان القويم وصدقوا على قرارات مجمع خلقيدونية المخالف لإيمان أثناسيوس وكيرلس عمود الدين وديوسقورس أصبحوا هم ممثلي "الكنيسة الكاثوليكية" (أي الكنيسة الجامعة). وها الكنيسة تئن وتتوجع من هذا الانقسام المرير حتى يومنا هذا. والذي يتتبع "تاريخ الكنيسة" و"عصر المجامع" سيعرف أن هذا الشقاق ليس ثمة سبب له سوى فكرة الرئاسة العامة التي تخمرت في عقول بابوات رومية، تلك الفكرة الخاطئة التي حبذت لاون أسقف روما على القيام بوضع بِذار هذا الشقاق المحزن والأليم. ومع الوقت تطورت الأمور في الكنيسة الكاثوليكية، والمبالغات الكثيرة التي أدت في النهاية إلى ثورة إصلاحية تزعّمها مارتن لوثر Marten Luther، وستجد المزيد عن هذا الأمر هنا في موقع الأنبا تكلا بقسم تاريخ الكنيسة.. وكانت هناك الكثير من الأخطاء العقائدية لدى الكاثوليك، مثل تدخل الدين بالسياسة الذي أدّى للأسف إلى الحروب الصليبية (حروب الفرنجة).. وأخطاء مثل صكوك الغفران - بدعة المطهر - المبالغة في تقديس العذراء وبدعة الحبل بلا دنس - وزيادة سلطان الكهنوت.. إلخ.
فالكنيسة الأرثوذكسية (القرن الأول حتى اليوم) والكنيسة الكاثوليكية (القرن الخامس حتى اليوم) يؤمنون بكتاب مقدس واحد.. أما البروتستانت وما تلاهم في القرن السادس عشر بعد انشقاقهم على الكاثوليك، فقد رفضوا ممن رفضوه من الإيمان أجزاء من الكتاب المقدس، وأصبحت نسختهم من الإنجيل ناقصة..
فالخطأ ليس في الإيمان الواحد، ولكن الخطأ يقع على مَنْ يتبعونه!
فالكتاب المقدس واحد، ولكن الطوائف المنشقة هي التي تبتدع..
وبخصوص طباعة الكتاب المقدس شاملًا الأسفار القانونية الثانية، هذا الأمر بالفعل تأخر، ولكن جميع المنازل والكنائس الأرثوذكسية بها الأسفار القانونية الثانية.. وهي تُطبع بالآلاف كل عام في مصر، وتنشرها العديد من الكنائس مثل كنيسة مار جرجس سبورتنج بالإسكندرية، ودار المحبة بالقاهرة وغيرها.. وموجودة في أناجيل الأخوة الكاثوليك العربية والأجنبية.. ومنذ بضعة أعوام قامت دار الكتاب المقدس البروتستانتية في مصر بطباعة الكتاب المقدس شاملًا الأسفار القانونية الثانية، ويُباع في جميع فروعها بمصر والعالم..
وحول موضوع بولس وأبلوس هذا، فهناك بعض الملاحظات التي يجب أن تعرفها:
* يجب أن نعرف أن الرسول بولس هنا كان يوبخ المؤمنين لأنهم تحزبوا لأشخاص. فبعضهم تحزب لبولس وبعضهم تحزب لأبولوس وبعضهم تحزب لصفا (بطرس).
* بولس وأبولوس وصفا كانوا يعلمون تعليمًا واحدًا ولم يختلفوا فيما بينهم في الأمور الإيمانية أو العقائدية. هذا الإيمان الذي تسلموه من الرب يسوع إلهنا وفادينا ومخلصنا. فنجد معلمنا بولس يقول: "أعرفكم أيها الإخوة الإنجيل الذي بشرت به، أنه ليس بحسب إنسان. لأني لم أقبله من عند إنسان ولا علمته. بل بإعلان يسوع المسيح" (غل 1: 11، 12) فكان يجب على المؤمنين في ذلك الوقت ألا تنشأ بينهم شقاقات مادام ليس هناك خلاف في الأمور العقائدية أو الإيمانية. ولذلك طلب منهم الرسول ألا تكون بينهم تحزبات ما دام لا يوجد خلاف في الأمور الإيمانية والعقائدية.
* وهذا الكلام لا ينطبق على الطوائف حيث أن الطوائف تختلف في الأمور الإيمانية والعقائدية.
* وهناك العديد والعديد من الآيات في الكتاب المقدس التي تدعو إلى عدم التهاون ونبذ وفصل كل من يدعو إلى تعليم مخالف وقد ذكرت بعض هذه الآيات في الرد على رسالة السائل الأولى ويمكن أن نضيف أيضًا:
* فنجد بولس الرسول يأمر تلميذه تيموثاوس أن يثبت على التعليم الذي تسلمه منه حيث يقول:
"وأما أنت فاثبت على ما تعلمت وأيقنت، عارفًا ممن تعلمت. وإنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدس، القادرة أنت تحكمك للخلاص، بالإيمان الذي في المسيح يسوع"(2تى3: 14، 15).
* ثم يأمر برفض أي تعليم مخالف لهذا التعليم "ولكن إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم، فليكن "أناثيما" (أي مرفوض)!" (غل1: 8)
* ويوضح الرسول في الآية التالية مباشرة أن الذي يحاول يرضى الناس على حساب الإيمان يكون مرفوضًا من السيد المسيح في الآية التالية:
"أفأستعطف الآن الناس أم الله؟ أم أطلب أن أرضى الناس؟ فلو كنت بعد أرضى الناس، لم أكن عبدًا للمسيح."
وفى هذا يوضح الرسول أن أي تعليم مخالف لا بد أن يرفض بلا مجاملة أو محاولة للإرضاء. وليس في هذا أي إتحاد طالما الخلاف وصل للأمور العقائدية والإيمانية.
وهناك آيات كثيرة تم ذكرها في الرد على الرسالة الأولى.
بخصوص أسئلتك الباقية عن رأي الكنائس في هذا، فقد أوضحناه من جهة الإيمان القويم.. وليس من جهة الإيمان المنحرف مثل البروتستانت وما بعدهم من طوائف غير مسيحية مثل شهود يهوه والأدفنتست السبتيين وغيرهم.. الذين ابتدعوا عقائد حسب هواهم..
أما حول سؤالك الأخير، فقد جانبك الصواب فيه.. فمن ناحيتنا ككنيسة قبطية أرثوذكسية، فنحن كنيسة كتابية بحث.. وجميع صلواتنا وطقوسنا وعباداتنا يتخللها قراءات من الكتاب المقدس يوميًا.. وفي كنائس الإسكندرية لدينا، يقوم الآباء الكهنة بإلقاء العظات في كل جنبات الكتاب المقدس.. واجتماعات ودراسات خاصة للكتاب المقدس، على مستوى كل المراحل والاجتماعات المختلفة..
وأقول جانبك الصحة في هذا، حيث أن تلك الآيات عينها تُقرأ في القداسات الإلهية في العديد من المناسبات والأيام.. وعظات القداسات دائمًا ما تكون مستوحاة من القراءات الكنسية في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية..
ها هي بعض الأمثلة من قراءات البولس في القداس الإلهي كل عام:
يوم 14 توت من كل عام يُقرأ في البولس 1 كو 3: 1-8. وهي آيات من ضمن التي ذكرتها.
17 كيهك: نفس القراءة السابقة
21 بشنس: نفس القراءة السابقة
24 بؤونة: : نفس القراءة السابقة
15 أبيب: نفس القراءة السابقة
3 مسرى: نفس القراءة السابقة
7 بابه: 1 كو 3: 4-23
13 بابه: نفس القراءة السابقة
25 بابه: نفس القراءة السابقة
30 بابة: نفس القراءة السابقة
12 كيهك: نفس القراءة السابقة
14 طوبة: نفس القراءة السابقة
25 طوبة: نفس القراءة السابقة
20 بشنس: نفس القراءة السابقة
29 بوونه: نفس القراءة السابقة
10 طوبة: 1 كو 1: 1-17
7 النسيء: 1 كو 3: 3-23
إلى غير ذلك من القراءات في باقي صلوات الكنيسة والأسرار وغيرها.. وأظن أن تكرار القراءات أكثر من مرة لهو دليل على حكمة الكنيسة في وضع تلك القراءات بإرشاد الروح القدس..
أضغط هنا لفتح صفحة قراءات القداس اليومية لقراءة تلك الشواهد السابقة بنفسك..
وكذلك من ناحية سؤالك الأخير الذي يوحي بتجاهل عمدي لتلك الآيات من الآباء في العظات وغيره، ستجد هنا في موقع الأنبا تكلا استفاضة في شرح تلك الآيات في تفسير رسالة كورنثوس الأولى للقمص تادرس يعقوب، وأيضًا تفسير الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس للقس أنطونيوس فكري، إلى غير ذلك من الكتب التي كُتِبَت في هذا الموضوع في تفاسير وكتب روحية وعقائدية كثيرة أخرى...
_____
(*) المصدر: من مقالات وأبحاث موقع الأنبا تكلاهيمانوت
www.st-takla.org.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/tx2cxzv