سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة عن الشباب والأسرة
تعليم بولس الرسول فيما يختص بهذا الموضوع:
يتلخص تعليم القديس بولس الرسول في هذا الأمر في نقطتين:
أولًا: أنه يأمر بعدم وجود شركة حياتية سرائرية بين المؤمن وغير المؤمن.
ثانيًا: أنه يسمح لزواج قام قبل الدخول في الإيمان بأن يستمر ولو إلى حين دون أن تكون لهذا الزواج صفة السر الكنسي الذي لا يمكن إلغاؤه ويكون استمرار هذا الزواج ممكنًا حينما يدخل أحد الطرفين إلى الإيمان. فإذا لحق به الطرف الآخر.. فهنا يمكن أن تعطى الكنيسة لهذا الزواج بركة السر المقدس الذي لا ينفصل.
وسنتناول بالشرح والتحليل هاتين النقطتين:
أولًا: من رسالة معلمنا بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس من العدد الرابع عشر من الإصحاح السادس حتى العدد الأول من الإصحاح السابع (2كو6: 14-7:1) "لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين. لأنه أية خلطة للبر والإثم. وأية شركة للنور مع الظلمة. وأي اتفاق للمسيح مع بليعال. وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن. وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان. فإنكم أنتم هيكل الله الحي كما قال الله أني سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلهًا وهم يكونون لي شعبًا. لذلك أخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب ولا تمسوا نجسًا فأقبلكم. وأكون لكم أبًا وأنتم تكونون لي بنين وبنات يقول الرب القادر على كل شيء. فإذ لنا هذه المواعيد أيها الأحباء لنطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح مكملين القداسة في خوف الله".
ونحن نرى هنا بوضوح أن القديس بولس الرسول ينهى عن أن المؤمن باعتباره هيكل لله الحي أن يلتصق مع غير المؤمن في جسد واحد وهيكل واحد ونشير هنا إلى:
قوله (1كو 6:16) "أم لستم تعلمون أن من التصق بزانية هو جسد واحد لأنه يقول يكون الاثنان جسدًا واحدًا".
وفى (1كو 6:17) "وأما من التصق بالرب فهو روح واحد".
وفى (1كو 6:19) "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وأنكم لستم لأنفسكم".
فإذا كان من التصق بزانية فهو جسد واحد.! فما بالك بمن يتزوج بامرأة غير مؤمنة.. ألا يصيرا جسدًا واحدًا ؟!! وكيف يصير هيكل الله واحدًا مع هيكل الأوثان؟!! هل هذا يوافق إرادة الله؟!! وأين ذلك من قول السيد المسيح "ما جمعه الله لا يفرقه إنسان" عن الزواج المسيحي المقدس.
وبهذا يتضح أن القديس بولس الرسول ينهى عن الزواج بغير المؤمنين. ومما يؤكد ذلك قوله في (1كو 7:39 ،40) "المرأة مرتبطة بالناموس مادام رجلها حيًا. ولكن إن مات رجلها فهي حرة لكي تتزوج بمن تريد في الرب فقط. ولكنها أكثر غبطة إن لبثت هكذا بحسب رأيي. وأظن أنى أنا أيضًا عندي روح الله". (وستجد النص الكامل للكتاب المقدس هنا في موقع القديس تكلا هيمانوت). ونراه هنا يؤكد بالنسبة لمن هو غير مرتبط بزواج، وحر بأن يتزوج بمن يريد. أن هذه الحرية تدور في داخل إطار محدود وهو أن الزواج في المسيح فقط. وقد ذكر هذه الحقيقة بالضرورة لأنه قال -هي حرة بأن تتزوج بمن تريد- فلم يكن ممكنًا أن يتوقف عند هذه العبارة، وإلاّ يكون قد فتح الباب على مصراعيه للزواج بكل من تختاره من بين البشر.. ولهذا عاد وحدد الإطار "في الرب فقط" أما كلامه عن الحرية فمن زاوية أنها بعد موت رجلها لا تدعى زانية إن صارت لرجل آخر كما ذكر من قبل.
في (رسالة رومية 7:1-5) "أم تجهلون أيها الأخوة. لأني أكلم العارفين بالناموس. أن الناموس يسود على الإنسان مادام حيًا. فإن المرأة التي تحت رجل هي مرتبطة بالناموس بالرجل الحي. ولكن إن مات الرجل فقد تحررت من ناموس الرجل. فإذن مادام الرجل حيًا تدعى زانية أن صارت لرجل آخر. ولكن إن مات الرجل فهي حرة من الناموس حتى إنها ليست زانية إن صارت لرجل آخر. إذًا يا إخوتي أنتم أيضًا قد متم للناموس بجسد المسيح لكي تصيروا لآخر للذي قد أقيم من الأموات لنثمر لله. لأنه لما كنا في الجسد كانت أهواء الخطايا التي بالناموس تعمل في أعضائنا لكي نثمر للموت".
ثانيًا: الزواج السابق قبل الدخول في الإيمان لأحد الطرفين أو كليهما
والمقصود هنا هو الزواج الذي تم بين أشخاص غير مسيحيين ثم دخل أحدهما إلى الإيمان. في رسالة معلمنا بولس الرسول الأولى لأهل كورنثوس الأصحاح 6 ، 7 نجد أنه بعد أن تكلم في الأصحاح السادس عن أهمية البعد عن الزنا بدأ يتكلم عن الزواج، وتكلم في البداية عن البتولية ثم تطرق إلى الزواج كوسيلة لحماية الناس من الزنا، وعن العفة في الحياة الزوجية أثناء الصوم.. وتكلم أيضًا عن أهمية النزاهة في أن لا يسلب أحد الزوجين حق الآخر في هذه العلاقات إلا بموافقته، ثم انتقل إلى تصنيف أنواع الزواج، وبعدما أوصى غير المتزوجين والأرامل أن يستحسنوا عدم الزواج صرّح لهم بأن يتزوجوا وفي تصنيفه بالأنواع الموجودة من الناس بالنظر إلى الحياة الزوجية ذكر الآتي:.
1- غير متزوجين.
2- أرامل.
3- متزوجين في الكنيسة.
4- متزوجين قبل الإيمان.. وقد آمن أحد الطرفين ولم يؤمن الآخر بعد (1كو 7:8-27) "ولكن أقول لغير المتزوجين وللأرامل أنه حسن لهم إذا لبثوا كما أنا. ولكن إن لم يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا. لأن التزوج أصلح من التحرق. وأما المتزوجون فأوصيهم لا أنا بل الرب أن لا تفارق المرأة رجلها. وإن فارقته فلتلبث غير متزوجة أو لتصالح رجلها. ولا يترك الرجل امرأته. وأما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب إن كان أخ له امرأة غير مؤمنة وهي ترتضى أن تسكن معه فلا يتركها. والمرأة التي لها رجل غير مؤمن وهو يرتضى أن يسكن معها فلا تتركه. لأن الرجل غير المؤمن مقدس في المرأة، والمرأة غير المؤمنة مقدسة في الرجل. وإلا فأولادكم نجسون. وأما الآن فهم مقدسون. ولكن إن فارق غير المؤمن فليفارق. ليس الأخ أو الأخت مستعبدًا في مثل هذه الأحوال. ولكن الله قد دعانا في السلام. لأنه كيف تعلمين أيتها المرأة هل تُخلّصين الرجل؟. أو كيف تعلم أيها الرجل هل تخلص المرأة؟ غير أنه كما قَسَم الله لكل واحد كما دعا الرب كل واحد هكذا ليسلك وهكذا أنا آمر في جميع الكنائس. دعي أحد وهو مختون فلا يصير أغلف. دعي أحد في الغرلة فلا يختتن. ليس الختان شيئًا وليست الغرلة شيئًا بل حفظ وصايا الله. الدعوة التي دُعي فيها كل واحد فليلبث فيها. دعيت وأنت عبد فلا يهمك بل وإن استطعت أن تصير حرًا فاستعملها بالحري.. ما دعي كل واحد فيه أيها الأخوة فليثبت في ذلك مع الله. وأما العذارى فليس عندي أمر من الرب فيهن ولكنني أعطى رأيًا كمن رحمه الرب أن يكون أمينًا.. أنت مرتبط بامرأة فلا تطلب الانفصال أنت منفصل عن امرأة فلا تطلب امرأة"
تعليق:
من هذا كله يتضح الآتي:
في قول معلمنا بولس الرسول "أما الباقون" يقصد الفئات الأخرى التي لا تدخل تحت عنوان غير المتزوجين والأرامل والمتزوجون زواجًا مسيحيًا غير قابل للانفصال. وهذا دليل على أن المقصود بكلمة "الباقون" هو أشخاص قد تزوجوا قبل الإيمان، وليس غير المتزوجين الذين سوف يدخلون في زيجة جديدة.
ويتضح أيضًا أنه يؤكد أن الإنسان يستطيع أن يستمر في حياته الزوجية مع امرأة واحدة كما كان وضعه قبل الإيمان وذلك بقوله فليلبث في ذلك مع الله بعد دعوته وقد كرر مرارًا كثيرة "دعي أحد" في وضع معين، وهذا دليل أنه يتكلم عن وضع سابق للإيمان، وما الذي ينبغي عمله بعد الدخول في الإيمان.
ويتأكد ذلك أيضًا بقوله "إن كان أخ له امرأة غير مؤمنة" فهو يتكلم عن شخص متزوج بالفعل وله امرأة وليس عن شخص ينوى الزواج، بل ليس له امرأة فقط بل وله منها أولاد.. فأين ذلك من التصريح بزيجات جديدة بين أطراف تختلف في الإيمان تمامًا.
ونلاحظ أيضًا أن هذه الحالة قد صرّح فيها القديس بولس الرسول بالافتراق لأنها تختلف عن الزواج المسيحي الذي يتم في الكنيسة حيث قال السيد المسيح أن [ما أزوجه الله لا يفرقه إنسان].
والعجيب أنهم يرفضون التطليق لعلة الزنا وهي التي سمح بها السيد المسيح ويقبلون تطليق من زوجوه هم من غير مؤمن بالإرادة التي لغير المؤمن.
والأعجب من ذلك أنه لو تعب ضمير الطرف المسيحي الذي تورط في زيجة كهذه وأراد أن يتراجع عنها (زواج مسيحي من طرف غير مسيحي).. فإن الكنيسة الكاثوليكية تمنعه ولا تعطيه حِلًا بفصل هذا الزواج، وتتركه تحت رحمة الطرف الغير مؤمن، متعارضة بذلك مع قول بولس الرسول "لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين" (رسالة كورنثوس الثانية 6: 14) فكيف يدخل الإنسان برجليه إلى هذا القيد الأبدي؟!
تعقيب عام
إن الزواج في المسيحية هو على مثال اتحاد المسيح بالكنيسة (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 22:5-33).
والرجل في المسيحية هو رأس المرأة، والمرأة تخضع للرجل خضوع الكنيسة للمسيح فكيف يقوم هذا المثال في زيجة بين طرف مسيحي وطرف غير مؤمن؟!
وكيف يكون الرجل هو مثال المسيح في الأسرة إذا كان إنسانًا غير مؤمن؟!
ولذلك فإن التصريح بزواج المسيحي من غير المسيحي هو تدمير للحياة الزوجية من منظار المسيحية.
وما مصير الأطفال الذين يولدون في أسرة ممزقة من الناحية الدينية؟
وما موقف الطرف المسيحي في الدول التي تحتم أن يكون الرجل له دين معين؟
وفي الدول التي تحتم أن يكون الأطفال لهم دين معين؟
وما مصير الأطفال الذين يولدون في ظل قوانين تمنعهم أن يكونوا مسيحيين؟ وتكون الكنيسة هي المتسببة في ذلك!!
وهل تستطيع الكنيسة أن تعمد أطفالًا يولدون في أسرة ممزقة من الناحية الدينية، لا تعرف لهم مصيرًا تربويًا في الحياة المسيحية ولا مصيرًا قانونيًا في ديانتهم؟
وإذا كان معلمنا بولس الرسول قد قال إن الرجل غير المؤمن مقدس في المرأة المؤمنة أو العكس فإنه يقصد أن العلاقة الزوجية بين رجل وامرأة تزوجا زواجًا حقيقيًا قبل الإيمان لن تعتبر زنا حينما يؤمن أحد الطرفين.. لأن المسيحية تحترم الزواج السابق للإيمان وتميّز بينه وبين الزنا والفجور، وتعتبر أن إيمان أحد الطرفين سوف يقدّس العلاقة الزوجية بين رجل واحد وامرأة واحدة هي زوجته ويقدس ما ينتج عنها من أطفال بشرط أن لا يكون هؤلاء الأطفال تحت قانون ملزم بأن يكونوا غير مسيحيين.. وعلى العموم؛ فإن معلمنا بولس الرسول لم يذكر أن أطفالًا سوف ينجبون في المستقبل ولكنه تكلم عن أطفال سبق إنجابهم. ولم يذكر أن هناك علاقة زوجية سوف تستمر مثل تلك التي تكلم عنها في علاقة الرجل بالمرأة في الزواج المسيحي ولكنه قال فقط إنها ترتضى أن تسكن معه.. وهنا يبقى السؤال قائمًا:
هل قصد بولس الرسول بالسكنى أن تستمر العلاقة الزوجية؟ وأن تستمر عملية الإنجاب؟ أم أن تسكن معه إلى حين أن يقبل الطرف الآخر الإيمان؟
ولهذا فنحن نؤكّد بكل يقين أن المسيحية لا تقبل بزواج لا يشترك فيه الطرفان في الإيمان والعقيدة والحياة الروحية والمعمودية الواحدة (نحن في كنيستنا لا نوافق على الزواج المختلط سواء بين مذهبين مختلفين أو طرف مسيحي أرثوذكسي بطرف غير مؤمن.)، ولا يمكن أن يتراجع لكي يرتبط بجسد غريب، وإذا كان الكتاب المقدس في العهد القديم قد نهى عن الارتباط بغير المؤمنات من النسوة الأجنبيات حتى أن عزرا قد طرد جميع النسوة بعد زواجهن، ونادى بتوبة للشعب عن هذا الأمر (انظر سفر عزرا 10: 2-17) ، فكم يكون الحال في عهد النعمة والقداسة والبنوة لله والأسرار المقدسة.
المرجع: مذكرة: لاهوت عقائدي - لاهوت مقارن - حوارات مسكونية: الحوارات اللاهوتية مع الكنائس الأخرى - الحوار مع الكاثوليك - نيافة الأنبا بيشوي.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/sk68rt9