حدث إن كان رجلان في طريقهما إلى أقاصي غرب أوربا. وكان أحدهما غير مؤمن والآخر مسيحيًا مؤمنًا. وإذ استدعى سفرهما وقتًا متأخرًا من الليل وجدا نفسيهما في برية موحشة. وبعد عناء كبير رأيا بيتًا حقيرًا وحيدًا فقصداه. وحين وصلاه استأذنا من صاحبه فسمح لهما بالدخول. وكان يقطن هذا البيت رجل مسنّ، حنكته التجارب، مع زوجته وابنيه، وقد لفحتهم الشمس وظهرت عليهم ملامح الخشونة.
أظهر صاحب هذا البيت المتواضع من كرم الضيافة والترحيب بالضيوف أكثر مما ينتظر، مما دعى إلى تسرب الشك إلى قلب الضيفين والخوف من مكيدة تُدبّر، خصوصًا وان هذا المكان لا يصلح إلا لقطّاع الطرق.
اغتنم الرجلان فرصة غياب صاحب البيت لبرهة قصيرة، فحدّث كلٌ منهما رفيقه عما ينتابه من الخوف، واتفقا على إحكام غلق الباب المؤدي إلى مكان نومهما الذي خصص لهما بينما يتناوبون الحراسة حتى الصباح. وقبل أن يستأذنا للنوم قال صاحب البيت: لقد تعودت منذ شبابي أن استودع نفسي وعائلتي بين يدي الله قبل الذهاب إلى الفراش، واني ما زلت أقوم بهذا العمل، وإذا لم يكن لدى ضيوفنا ما يمنع فلنبدأ الآن". ابتهج المؤمن المسيحي فرحًا لأنه وجد في مثل هذا المكان النائي من يحب كلمة الله ويقرأها، وحتى الغير مؤمن لم يستطع أن يخفي رضاه بهذا الاقتراح.
فأخذ الرجل العجوز كتابه المقدس وقرأ فصلًا من فصوله ثم صلى معترفًا بصلاح الله وطلب حمايته سائلًا غفرانه وإرشاده ونعمته وخلاصه باستحقاق كفارة دم المسيح، وصلى من اجل ضيفيه حتى ينجح الرب طريقهما ويجدا خلاصهما بالإيمان في المسيح يسوع لتكون نهاية حياتهما في السماء.
ذهب الضيفان إلى حجرتهما وحسب اتفاقهما كان من نصيب الغير مؤمن أن يسهر أولا بينما ينام المسيحي نومًا خفيفًا خوفًا من هجوم مفاجئ، ولكن الأخير تمدد بارتياح ولف نفسه بغطائه الكبير واستعد للنوم كأنه لا يشعر بأي خطر. إلا إن صديقه ذكّره بما اتفقا عليه وسأله كيف أضاع خوفه. فأجابه بكل صراحة معترفًا بأنه لم يشعر باطمئنان في الجانب الشرقي من أوروبا حيث المدينة والعمران مثلما شعر في هذا المكان من الغابة حيث قرئ الإنجيل بمثل ما قرأه الرجل وحيث قُدًمَت الصلاة بمثل ما قَدّمَها.
عزيزي القارئ. لقد قرأت كم كان إيمان صاحب البيت بمخلصه الرب يسوع المسيح معطيًا راحة تامة لهذين الرجلين حتى انه نزع خوفهما وأعطاهما نومًا هادئًا في تلك الليلة وسط الغابة. فكم يكون إذا تأثير الإيمان وفعله بالنسبة للإنسان المؤمن نفسه!؟
أخي: كن صريحًا مع نفسك. ألا يوجد في حياتك خوف من هول الأبدية التي تنتظرك؟ ألا ينتابك الهلع أمام خطر الموت الذي يهدد حياتك وقد يأتيك في أية لحظة؟ فما هو موقفك من هذا العدو المخيف؟ لك حق ان تخاف كثيرًا جدًا لأن الله يقول "وأما غير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني"، لأنه مكتوب أيضًا في الكتاب المقدس: "وُضِع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة". لكن إن أردت أن تنجو من مخاوف دينونة الله التي تنتظرك بعد الموت إن لم تأخذ خلاص المسيح فما عليك إلا أن تعرف نفسك أنك خاطئ أثيم أمام قداسة الله المطلقة، وأن خطاياك هي التي تسبب لك الخوف من الموت ومواجهة الله القدوس العادل. وهذا ما حصل لأول إنسان، الذي هو آدم، عندما تعدى وصية الله اختبأ من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة. ثم تتوب عن خطاياك وتؤمن أن يسوع المسيح ابن الله الوحيد قد أخذ مكانك على الصليب وحمل عنك قصاص خطاياك أمام عدالة الله وذلك بموته وقيامته في اليوم الثالث حسب كتاب الله المقدس.
يسوع وحده يستطيع أن يخلصك من الخطية وينزع الخوف من قلبك ويعطيك الحياة الأبدية وذلك حسب وعده الصادق: "الحق الحق أقول لكم إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/637a2bz