دائما كانوا يسألوا عن سر تعلقه بها.. واسمها الذي يتردد كثيرًا على لسانه.. ولم يكن أحد يعرف سره.. لقد أحبها منذ الطفولة.. كان يرى فيها أمه الثانية.. كان ينبهر جدا بقصصها.. تشرب حبها من جدته.. وهى كانت (جدعة) معاه.. لم تتركه مُعتازًا شيئًا.. فما من شيء طلبه باسمها إلا وأجيب له.. إنها صديقته السرية حينما يتركه الناس ومعونته السريعة حينما يتملكه اليأس
كان دائما يحلم انه يراها.. ليس هذا فقط.. بل يتمنى أن تأخذه في حضنها.. فيشم رائحتها الذكية.. وينعم بحنانها الفائض..
وفى ذات يوم منذ زمن ليس بقريب.. ضاقت به السبل.. وأحاطت به الضيقات من كل ناحية.. كان يسير في حلقة مفرغة.. مظلمة ولا ثمة نور في الأفق القريب.. أغلق على نفسه حجرته وبدأ يلوم من يترجاها في كل ضيقة..:
"بقى كده تتركي ابنك حبيبك وتسليمه ليد أعدائه.. انجديني يا أمي" وفجأة وجدها أمامه.. كما أراد دائما ولكنها كانت أجمل بكثير.. ظن انه الحلم الذي يتكرر دائمًا.. ولكنه وجدها تدعوه أن يتقدم نحوه.. أسرع مشدوها وألقى بنفسه المتعبة في حضنها... فشعر بأمومة لا وصف لها.. واشتم رائحة سماوية وكأنما يحتضن النور.. حكى لها عن كل ما يضايقه.. لم تتكلم.. ابتسمت.. أومأت برأسها إلى فوق.. ومضت كما جاءت..
ولست محتاجا أن أقول أن حياته عادت إلى اتزانها.. وصار الجبل أمامه سهلًا..
ومن يومها وكلما ضاقت به الأمور وشعر بضيق.. هتف باسمها ونادى من الأعماق: (يا عدرا أنقذيني) وابتسم وهو وحده يعرف سر هذه الابتسامة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/hpg6z54