كان هناك رجل (سقا) يعيش في الهند. اعتاد أن يحمل جرتيه المثبتتين في طرفي عصاه الطويلة التي يحملها خلف رقبته، بحيث تتدلي جرة ناحية الكتف الأيسر والأخرى ناحية الكتف الأيمن. وكانت احدي الجرتين بها شرخ يؤدي إلي تسرب الماء منها كلما ملأها السقا. فكان كلما خرج ليملأ جرتيه من البئر، يعود إلي بيت سيده بحمولة جرة ونصف، لأن الماء يكون قد تسرب من الجرة المشروخة وانسكب علي طول الطريق من البئر إلي البيت.
وكانت الجرة السليمة تعاير المشروخة بهذا العيب الكبير الذي فيها، حتى شعرت الجرة المكسورة بمرارة شديدة في داخلها، بسبب عدم قدرتها علي القيام بواجبها علي أكمل وجه.
ظل الحال هكذا لمدة عامين والجرة المكسورة يزداد لديها الإحساس بالنقص وصغر النفس، وأخيرا قررت أن تتكلم مع السقا.........
فقالت له: "إنني أشعر بالخجل والخزي، وأريد أن أقدم لك اعتذاري". فسألها السقا باندهاش: "علام تعتذرين؟؟!"
فقالت له الجرة المشروخة: "علي هذا العمل الناقص الذي أقوم به، فبسبب الشرخ الموجود في.. أنا لا أستطيع أن أحتفظ بالماء كاملًا في داخلي، بل ينسكب نصفه علي الطريق.. فأنت تبذل كل الجهد، ولا تأخذ أجرتك كاملة".
أحس السقا بمشاعر الجرة المكسورة، وفي كلمات حانية قال لها: "في طريق عودتنا من البئر إلي بيت السيد، أنظري تحتك علي تلك الزهور الجميلة التي تنبت علي طول الطريق". وبالفعل نظرت الجرة كما نصحها السقا، فلاحظت أن الطريق كله مملوء بزهور جميلة ذات ألوان خلابة تنمو علي طول الطريق من البئر إلى بيت السيد، ففرحت لوقتها..
و لكنها سرعان ما عاد لها الشعور بالخزي بسبب الماء الذي ينسكب منها علي الطريق وراحت تعتذر للسقا الذي بادرها قائلًا: "هل لاحظت أن تلك الزهور الجميلة. تنمو فقط في جانبك أنت. ولا تنمو في الجانب الآخر الذي به الجرة السليمة؟ هذا لأنني من البدء لاحظت هذا الشرخ (العيب) الذي تعانين منه.
فقررت أن أستفيد منه بأن أغرس بعض البذور التي تنبت زهورا جميلة وخلابة علي طول الطريق من البئر إلى بيت السيد، كان ماؤك ينسكب علي البذور حتى نمت وصارت زهورًا جميلة وخلابة. وأنا أقطف منها كل يوم لأزين بها بيت سيدي منذ أن بدأت منذ سنتين. فبدون هذا الشرخ الذي فيك، ما استطعت أن أجمل بيت السيد بتلك الزهور الجميلة
.نعم يا أحبائي.. فكل منا به شرخ أو نقص معين، كتلك الجرة المشروخة.
و لكن، بسبب نعمة الله الغنية العاملة فينا، فان شروخنا ونقائصنا. تتحول إلي أمور نافعة، عندما يتعامل الله معها.
ففي اقتصاد الله.. لا شيء يضيع!
شكل آخر للقصة السابقة
11
- الجرة المشروخةكان لسقَّا (حامل جرَّة الماء) جرَّتان من الفخار، كلٌّ منهما مُعلَّق في نهاية قائم خشبي يحمله على رقبته. كانت إحدى الجرَّتين مشروخة، بينما الجرَّة الأخرى سليمة. ودائمًا ما كانت الجرَّة السليمة تحوي كمية المياه كاملة بلا نقصان منذ ملئها حتى توصيلها إلى بيت السيد، بينما الجرَّة المشروخة يتبقَّى بها فقط نصف الكمية منذ أن يحملها السقَّا من مجرى الماء إلى بيت السيد.
+ على مدى سنتين كاملتين كان هذا العمل يتم يوميًا حيث يوصِّل السقَّا إلى بيت سيده جرَّة ونصف من الماء. وبالطبع افتخرت الجرَّة الكاملة بكمالها، فهي ممتلئة إلى حافتها بالماء وتؤدِّي الغرض الذي من أجله صُنِعَت؛ بينما كانت الجرَّة المشروخة خجلة لعدم كمالها، ويائسة لعدم قدرتها على حمل كل كمية المياه بل نصفها فقط.
+ بعد سنتين من هذا الفشل الذريع تكلَّمت الجرَّة المشروخة مع السقَّا (حامل المياه) عند مجرى الماء، وقالت له:
- ”إنني أخجل من نفسي وأريد الاستعفاء“!
فسألها السقَّا:
- ”لماذا؟ مِمَّ تخجلين“؟
فأجابته:
- ”لأنني لم أتمكن على مدى السنتين الماضيتين من حَمل كل كمية المياه بل نصفها
فقط، بسبب هذا الشرخ في جنبي الذي يجعل المياه ترشح للخارج عَبْرَ كل الطريق
الذي تسلكه حتى تصل لسيدك. وبسبب خللي هذا، فأنت مضطرٌّ لكل هذا العناء، ولا
تجني فائدة كاملة مِمَّا تبذله من مجهود“.
حينئذٍ شعر الرجل بتأثـُّر بالغ من جهة الجرَّة المشروخة المسكينة، وفي عطفٍ
تحدث معها قائلًا:
- ”في طريق عودتنا لبيت السيد أريدكِ أن تُلاحظي الزهور الجميلة عَبْرَ الطريق“.
وبينما كان السقَّا يسير في الوادي وهو حامل جرَّتي الماء، لاحَظت الجرَّة المشروخة أن الشمس تسطع على زهور بريَّة جميلة على جانبٍ واحد من الطريق هو الجانب الأيمن، وهذا أسعدها بعض الشيء. ولكن في نهاية الرحلة كانت ما تزال تشعر بيأس لأن كمية المياه التي تحملها رشحت منها نصف الكمية. وهكذا أبدت أسفًا شديدًا للسقَّا بسبب فشلها في حمل كل كمية المياه.
آنئذٍ قال السقَّا للجرَّة:
- ”هل لاحظتِ أن الزهور موجودة فقط على جانب الطريق الذي من جهتكِ أنت حيث أحملكِ على كتفي الأيمن، وليس من الجهة الأخرى. هذا لأني عرفتُ نقصك الدائم واستفدتُ منه، فزرعتُ بذور بعض الأزهار عَبْرَ الطريق على الجانب الأيمن. وكل يوم في طريق عودتي من مجرى المياه، بينما أنا سائر وحامل الجرَّتين، كانت هذه البذور تُروَى من الماء الذي يرشح منكِ على الجانب الأيمن. ولمدة سنتين نمت هذه الزهور وكبرت واستطعت أن أقطفها وأُزيِّن بها مائدة سيِّدي. فلو لم تكوني بهذا الضعف ما كان بيت سيدي يحظى بهذه الزهور الجميلة“.
هذا الكلام شجَّع الجرَّة، وأبعد عنها حالة اليأس التي هيمنت عليها بسبب ضعفها.
+ «تكفيك نعمتي، لأن قوتي في الضعف تُكْمَل. فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي، لكي تحلَّ عليَّ قوة المسيح» (2كو 12: 9).
* إن لكلٍّ منَّا نقائصه، كلُّنا جرارٌ مشروخة، لكن متى سلَّمنا للرب حياتنا فهو يستخدم نقائصنا لمجد أبيه الصالح.
* إذا كنا داخل التدبير الإلهي العظيم، فلن يضيع شيءٌ هباء، طالما نحن نخدم مع الله. والله يدعوك لمهامٍ يُشير بها إليك. فلا تجزع من ضعفاتك، اعرفها، واسمح لله أن يستخدمها، وأنت أيضًا تستطيع أن تكون أداة في تجميل طريق الله. تقدَّم بشجاعة عالمًا أنه في ضعفنا نجد قوة الله، وأنه فيه النَّعَم والأمين لمجد اسمه القدوس، آمين.
* انظر النص الأصلي للقصة مع تأمل إن وُجِد: قصة: الجرة المشقوقة - من سلسلة كتب قصص قصيرة للقمص تادرس يعقوب ملطي.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/bmt5c8c