النشاط الزراعي والإنتاج الحيواني:
لم نكن نهدف في كل ما تم من أعمال البناء والتجديد والترميم، إلى غاية نبلغها ونرتاح عندها، ذلك لأن العمل بالنسبة للراهب وسيلة عظمى للنمو الروحي. فالراهب الذي عزم في قلبه أن يعيش حياة الكمال المسيحي يدرك منذ اللحظة الأولى لدخوله الدير أنه قادم من عالم الجسد والخطيئة حاملًا في جنباته ميراث المجتمع والأسرة والجسد والملذات التي تتصادم جميعًا مع متطلبات الكمال.
ما هو هدف العمل في الدير:
فالعمل الجاد يكشف تزييف النفس ويعريها من غطاء البر الذاتي، والراهب الحكيم يتعلم كل يوم من أخطائه وخطاياه كيف يتواضع ويدق صدره "اللهم ارحمني أنا الخاطئ". كما أيضًا من جهة أخرى يتيسر للأب الروحي من خلال العمل أن يقوِّم ويصحح وينبه وينذر، وهكذا من انتباه الراهب للخطيئة ومن طاعته لأبيه تبدأ النعمة عملها في تغييره من حياة حسب الجسد إلى حياة حسب الروح، فينمو روحيًا وإنسانيًا ووطنيًا وتنضج شخصيته وتتبلور سماته الحقيقية التي خلقه بها الله بعد أن يسقط عنه زيف المجتمع وبغضة الحسد والمنافسة وتأكيد الذات. وبذلك يصير العمل ليس غاية بل واسطة فعالة للموت عن الذات البشرية والإمتداد في الكيان المسيحي الإلهي، ويكون البذل اليومي في المطبخ والبناء والحقل والورشة وحظائر الماشية وسائل لتمجيد الله والمساهمة في خدمة الآخرين.
ورغم المجهود الشاق الذي يتطلبه استزراع الصحراء الذي نباشره بوسائل بدائية، ورعاية التجارب الزراعية والحيوانية، إلا أن النجاح فيه يرجع أساسًا إلى تعاون الآباء وروح المحبة المثالية واستعداد البذل. فكان هذا النشاط بأوجهه المتنوعة واجهة مشرقة أمام العالم والوطن وشهادة واقعية لصدق الله لكل من يتمسك به.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/Coptic-History/places/monasteries/africa/egypt/st-macarius-natrun/work.html
تقصير الرابط:
tak.la/fsb2h7s