أظهر البابا ديسقوروس رغبته في قراءة عقيدة الخلقيدونية الإيمانية فأرسلوها له فقرأها أمام كثير من الأساقفة إذ وجدها مخالفة لأقوال البيعة المقدسة كتب على هامش الكتاب ما يخالف تعاليمها. كما كتب يحرم كل من يتجاسر على تغيير العقيدة الأرثوذكسية الصحيحة ويتلاعب بقوانين المجامع المسكونية. وما أن تسلموها ورأوا حرم البابا حتى أسرعوا إلى الملك يعلمونه بما فعله البابا فاغتاظ مركيان وعزم على قتله ولكن أدرك خطورة تنفيذ ذلك فعدل عنه واكتفى بنفيه على جزيرة غاغرا Gagra "بالقرب من شواطئ أسيا الصغرى" وهكذا انفض خلقدونية المشئوم الذي ترجع إليه سبب شق الكنيسة الجامعة المقدسة. وظل البابا ديسقوروس في منفاه خمس سنوات صحبه فيها اثنان من الأساقفة ورئيس شمامسته بطرس وسكرتيره ثيئوبيتوس وعندما أراد الأنبا مقاره أسقف أدكو مشاركة باباه في منفاه طلب إليه أن يرجع إلى مصر حيث ينتظره إكليل الشهادة، وقد تمت بالفعل نبؤه البابا ديسقوروس باستشهاده بعد عودته إلى مصر بفترة قصيرة على يد جنود مركيان الإمبراطور الروماني. وكان نفى البابا إلى غاغرا Gagra بركة كبيرة لأهلها الوثنيين إذ ردهم إلى الإيمان المسيحي بعد أن شفى مرضاهم وأغاث من كانوا في حاجه وظل على هذا الحال حتى انتقل إلى عالم المجد سنة 457 م.
بعد وفاة ثيئودوسيوس الصغير دون خلف شرعي وزواج أخته الراهبة من مركيان أحد قواد الملك أشير على الإمبراطور الجديد من بعض الأساقفة كى يحضر ديسقوروس ويحاول التأثير عليه لعله يقبل التعليم الجديد ويصفح عن الأساقفة المبتدعين وعندما حضر البابا إلى القسطنطينية بناء على دعوة الإمبراطور وجد ضمن الحاضرين المدعوين أناطوليوس أسقف القسطنطينية ومكسيموس أسقف إنطاكية ويوسيناليوس أسقف أورشليم ومرقس أسقف أفسس وثلاث من الأساقفة المقطوعين. ولما جلسوا بدأ أحد الأساقفة في مخاطبة البابا ديسقوروس في حضور الإمبراطور والإمبراطورة لكي يذعن لرغبة الإمبراطور والإمبراطورة ولا يخالفه لكي يبقى في منصبه وإذ أدرك البابا أنها مؤامرة لكي يتخلصوا منه شخصيًّا ويتخلصوا من مبادئه القويمة المناهضة لنسطور فوقف في وسطهم قائلًا "أن الأيمان لهو في غاية الكمال ولا يعوزه شيء من الإيضاح وهو مقرر ومثبت من الآباء أمثال أثناسيوس وكيرلس وغيرهم وأن القيصر لا يلزمه البحث في هذه الأمور الدقيقة بل ينبغي له أن ينشغل بأمور مملكته وتدبيرها ويدع الكهنة يبحثون عن الإيمان المستقيم فإنهم يعرفون الكتب وخيرًا لهُ ألا يميل مع الهوى ولا يتبع غير الحق".
فاندهش الجميع من جرأته وهنا قالت الإمبراطورة بوليكاريا "يا ديسقوروس لقد كان في زمان والدتي أفروكيا إنسان قوى الرأي مثلك -تقصد القديس يوحنا ذهبي الفم- وأنت تعلم أنه لم يرى خيرًا من جراء مخالفتها وأنى أرى أن حالك سيكون مثله" فأجابها بكل شجاعة وهدوء: "وأنت تعرفين ما جرى لأمك نتيجة لاضطهادها لهذا القديس وكيف ابتلاها الله بالمرض الشديد الذي لم تجد له دواء ولا علاج، إلى أن وصلت إلى قبره -بناء على مشورة الكهنة- وبكت وطلبت منه الحل والصفح فلما غفر الله لها عوفيت، وهاأنذا بين يديك فافعلي ما تريدين وستربحين ما ربحته أمك". فكان كلامه كالصاعقة على الإمبراطور والإمبراطورة والأساقفة حتى المصريين منهم.
فلم تتمالك الملكة نفسها وصفعت القديس الجريء في الحق صفعه شديدة اقتلعت له ضرسين. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وما أن رأى الحراس ثورة ملكتهم حتى انهالوا على القديس ضربًا وطعنًا رغم شيخوخته ونتفوا له شعر لحيته والعجيب أنه أثناء ذلك كله كان صامتا محتملا ناظراً إلى فوق وهو يقول: "من أجلك نُمَات كل النهار" وبعد تلك الجلسة جمع شعر لحيته وأضراسه وأرسلها إلى شعبه في الإسكندرية مع رسالة يقول فيها:
"هذه ثمرة جهادي لأجل الإيمان، أعلموا أنى قد نلت آلاما كثيرة في سبيل المحافظة على أمانة آبائي القديسين. أما أنتم الذين أيمانكم على صخرة الأيمان القويم فلا تخافوا السيول الهراطقية ولا الزوابع الكفرة".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/2yga94p